إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة في غزة

جنوب أفريقيا ترفع شكوى إلى محكمة العدل الدولية تحثّ القضاة على إصدار أمر عاجل لإسرائيل بالتعليق الفوري لعملياتها العسكرية في قطاع غزة.
الأربعاء 2024/01/10
أحياء بالكامل نسفت

تل أبيب - تتواجه إسرائيل وجنوب أفريقيا الخميس أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بعدما اتهمت بريتوريا الدولة العبرية بارتكاب "أعمال إبادة" في قطاع غزة وهي اتهامات وصفتها إسرائيل بأنها "تشهير دام". وفي شكوى تقع في 84 صفحة رفعت إلى محكمة العدل الدولية ومقرها في لاهاي، تحثّ جنوب أفريقيا القضاة على إصدار أمر عاجل لإسرائيل بـ"التعليق الفوري لعملياتها العسكرية" في قطاع غزة.

وترى بريتوريا أن إسرائيل "أقدمت وتقدم وقد تستمر في الإقدام على أعمال إبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة". وردت إسرائيل بشراسة على هذا الكلام واصفة إياه على لسان الناطق باسم الحكومة إيلون ليفي بأنه "تشهير دام عبثي". وأضاف ليفي "كم هو مأسوي أن تناضل أمة قوس قزح (جنوب أفريقيا) التي تدعي مكافحة العنصرية، بصورة مجانية دفاعا عن العنصريين المعادين لليهود".

وتعهدت إسرائيل "القضاء" على حماس بعد هجوم الحركة غير المسبوق في السابع من أكتوبر، والذي تسبب بمقتل 1140 شخصاً في إسرائيل، وفق أرقام إسرائيلية. وتمّ أسر قرابة 250 شخصا خلال الهجوم، لا يزال 132 منهم محتجزين رهائن في قطاع غزة، وفق الجيش الإسرائيلي.

وردت إسرائيل بهجوم دموي على قطاع غزة، ما أدى إلى سقوط 23210 قتلى معظمهم من النساء والأطفال. ودمّر القصف الإسرائيلي أحياء بأكملها في قطاع غزة وأجبر 85 في المئة من السكان على الفرار، ويعاني سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون تقريبا من أزمة إنسانية كارثية، بحسب الأمم المتحدة. وتنظر محكمة العدل الدولية بنزاعات بين دول أعضاء. وأحكامها مبرمة وملزمة قانونا لكن لا تملك سلطة لفرض تطبيقها.

يوهان صوفي: الحكم سيكون له تأثير ذو دلالات مهمة جدا
يوهان صوفي: الحكم سيكون له تأثير ذو دلالات مهمة جدا

وفي مارس 2022، أمرت المحكمة روسيا "بتعليق فوري" لغزوها أوكرانيا لكن موسكو تجاهلت هذا الأمر بالكامل. إلا أن يوهان صوفي المحامي الخبير بالقانون الدولي رأى رغم ذلك أن حكما صادرا عن المحكمة ضد إسرائيل “سيكون له تأثير ذو دلالات مهمة جدا". وأضاف المحامي الذي عمل لحساب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) "بعد ذلك، هناك بالتأكيد مشكلة تطبيق القرارات (..) لكن في نهاية المطاف القضاء الدولي هو كل ما يتبقى لنا".

وجنوب أفريقيا وإسرائيل من الدول الموقعة على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها العائدة للعام 1949، ردا على مجازر الإبادة في حق اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. ويحق لكل دولة موقعة ملاحقة دولة أخرى أمام محكمة العدل الدولية في حال الاختلاف على "تفسير أو تطبيق أو احترام" القواعد الهادفة إلى منع وقوع أعمال إبادة جماعية.

وقالت جنوب أفريقيا إنها "تدرك تماما حجم المسؤولية الخاص ببدء ملاحقات ضد إسرائيل لانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة". وكانت بريتوريا نددت "من دون لبس" بهجوم حماس لكنها تعتبر أن أي هجوم مسلح "مهما كان خطرا" لا يمكن أن يبرر انتهاك الاتفاقية. وأكدت جنوب أفريقيا أن ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة "يهدف إلى تدمير جزء كبير من الجماعة الوطنية والعرقية والإثنية الفلسطينية".

وأشارت إلى قتل آلاف الفلسطينيين وعمليات تهجير ومنع الحصول على مساعدة إنسانية مناسبة ما يفضي إلى "مجاعة". وتتمنى جنوب أفريقيا أن تفرض محكمة العدل "إجراءات مؤقتة"، وهي أوامر قضائية عاجلة، تطبق فيما تنظر في جوهر القضية الذي قد يستغرق سنوات. وشددت بريتوريا على أن "الظروف لا يمكن أن تكون أكثر إلحاحا"، معتبرة أن "إسرائيل تشنّ حملة عسكرية على قدر خاص من الضراوة".

وتطالب جنوب أفريقيا أيضا بتعويضات لإعادة بناء غزة وعودة النازحين الفلسطينيين. واعترضت واشنطن على الشكوى واعتبرت أن "لا قيمة لها وتأتي بنتائج معاكسة ولا أساس لها بتاتا". ومن المقرر أن تعقد الجلسات يومي 11 و12 يناير الجاري.

وسيكون لجنوب أفريقيا وإسرائيل ساعتان في يومين منفصلين لتقديم الحجج سواء لصالح أو ضد اتخاذ التدابير الطارئة. ولن يتم استدعاء شهود للإدلاء بشهادتهم ولا حتى استجوابهم. وسيكون العرض التقديمي غالبا عبارة عن حجج قانونية يقدمها مسؤولو الدولة وفرقهم من المحامين الدوليين. ولن تصدر المحكمة قرارا نهائيا بشأن اتهامات الإبادة الجماعية التي وجهتها جنوب أفريقيا إلى إسرائيل حتى يتم عقد جلسة للبحث في القضية بشكل كامل على أساس موضوعي، وهو أمر من المرجح أن يستغرق سنوات.

2