إستراتيجية عمانية شاملة لتحقيق الاكتفاء الغذائي

مسقط - تدفع هواجس تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء سلطنة عمان إلى مطاردة الجدوى من وراء استخدام البحوث والابتكار رغم بعض التحديات التي تواجهها في طريق تجسيد أهدافها على الأرض. ولدى مسقط قناعة بأن الأمن الغذائي يمر من بوابة الزراعة لزيادة مستويات الإنتاج في المستقبل عبر دعم المشاريع الناشئة، التي توفر بدورها فرص عمل جديدة في السوق.
ويعد البلد الخليجي كغيره من بلدان الشرق الأوسط من المتضررين من الاحتباس الحراري وهو يبذل جهودا للتأقلم مع هذه المشكلة، بما يساعد على تلبية احتياجات الاستهلاك المحلي.
وتنفذ وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه حاليا مشاريع إستراتيجية شاملة لدعم القطاع تشمل مجموعة من البرامج البحثية التي تهدف إلى تحسين الإنتاجية وجودة المنتجات الزراعية والحيوانية واستخدام المياه المعالجة والمالحة.
وتعمل كذلك على رصد واستقصاء الأمراض الحيوانية، وتحسين السلالات الوراثية للأبقار والماعز، بالإضافة إلى البرنامج البحثي لرفع إنتاجية فسائل النخيل والمحاصيل بالتقنية النسيجية، ما يسهم في الإكثار الكمي لمختلف المحاصيل الزراعية.
ومن بين أبرز المشاريع إكثار بعض محاصيل الفاكهة ونباتات الزينة باستخدام التقنيات الحيوية، والتركيز على متبقيات المضادات الحيوية والهرمونات في لحوم الدجاج اللاحم.
وإلى جانب ذلك إكثار أنواع وأصناف الفاكهة الاقتصادية، ومشروع إنتاج بذور وتقاوي المحاصيل العلفية والخضر لتحسين إنتاجية هذه المحاصيل من خلال توفير بذور وتقاوٍ عالية الجودة. كما تتضمن المشاريع إدارة متكاملة لحشرة ذبابة الفاكهة، ومشروع تطوير وتحسين محصول النارجيل.
وأوضح حمدان الوهيبي مدير عام البحوث الزراعية والحيوانية بوزارة الزراعة أن المشاريع البحثية المنفذة تمثل جزءًا من إستراتيجية الوزارة الشاملة لدعم القطاع الزراعي.
وتسعى السلطنة إلى استخدام التقنيات الحديثة التي تسهم في تحسين أساليب الزراعة وزيادة كفاءة الإنتاج في إطار جهود الوزارة لتعزيز الإنتاجية والاستدامة.
وأكد الوهيبي أن البحوث الزراعية والحيوانية تعدّ حجر الزاوية في تعزيز منظومة الأمن الغذائي، حيث تركز على تقييم ونقل التقنيات الحديثة وتشمل دراسات في مجالات إدارة التربة والمياه، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، ومكافحة الآفات والأمراض الزراعية.
وبيّن أن أبرز هذه التقنيات هي تبريد المحلول المغذي لنظام الزراعة المائية، واستخدام الطاقة الشمسية في تشغيل البيوت المحمية.
وعلاوة على ذلك تطبيق تقنية الطائرات المسيّرة لتلقيح النخيل، واستخدام المصائد الذكية لمكافحة سوسة النخيل الحمراء، وتأثير غاز الأوزون في زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية.
وتشير الأبحاث إلى أنه يمكن أن تؤدي هذه التقنيات دورا إيجابيا في تحسين الظروف البيئية للنباتات، بالإضافة إلى تقنية إنتاج المياه باستخدام الطاقة الشمسية، وتقنيات الري تحت السطحي التي توفر المياه بكفاءة عالية مما يسهم في زيادة المحاصيل وتقليل الفاقد.
كما قامت الوزارة بتطبيق الزراعة الذكية في البيوت المغلقة، التي تعتمد على استخدام التقنيات الحديثة المتطورة لتوفير بيئة زراعية ملائمة.
وأشار الوهيبي إلى أن هناك مجموعة من المشاريع الممولة من وزارة التعليم العالي التي تم تنفيذها في عام 2023، وتهدف إلى تعزيز الابتكار والبحث العلمي في مجال الزراعة والموارد الطبيعية.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى الوهيبي قوله إن “من بين هذه المشاريع تأثير مواعيد زراعة القمح على النمو والإنتاجية، وزراعة وإكثار مدخلات لأنواع وأصناف المحاصيل، مثل والشعير والذرة الشامية واللوبيا والبرسيم (القت)”.
وأضاف “لقد أُجريت دراسة حول مرض مكنسة الساحرة على أشجار الليمون العُماني، لفهم هذا المرض وتأثيره على الإنتاج وصحة الأشجار وتنفيذ مسح سلالات الموز المحلية، وإنشاء بنك لحفظ النطف المجمدة للخيول، وزراعة وتطوير إنتاج محصول العنب”. وتضم وزارة الثروة الزراعية عددا من المراكز البحثية المتخصصة التي تسهم في تعزيز القطاع الزراعي والحيواني.
ومن بينها مركز بحوث التربة والمياه، الذي يركز على إدارة موارد التربة والمياه، بالإضافة إلى مركز بحوث النخيل والإنتاج النباتي، الذي يعنى ببحوث البستنة والمحاصيل الحلقية، وبحوث البذور والموارد الوراثية النباتية، وبحوث الصناعات الزراعية.
ويختص مركز بحوث وقاية النبات، بدراسة أمراض النبات والحشرات الزراعية، ويجري بحوثًا في مجال المكافحة الحيوية ومجال النحل، أما مركز بحوث الإنتاج الحيواني، فيعنى بدراسة الموارد الوراثية الحيوانية، إضافة إلى بحوث تغذية الحيوان والتناسل.
كما يقوم مركز بحوث الصحة الحيوانية بدراسة الأحياء الدقيقة والكيمياء الحيوية، بالإضافة إلى الأمراض والأنسجة الحيوانية. ويركز مركز بحوث الزراعة النسيجية والتقنية الحيوية على بحوث التقنية الحيوية وبحوث الإكثار النسيجي.
وتتضمن هذه المشاريع الإستراتيجية النهوض بنخيل التمر والتي تهدف إلى زيادة إنتاجية محصول النخيل والحد من الآفات والأمراض، بالإضافة إلى الاستخدام الآمن للمبيدات والمواد الكيميائية.
وأكد الوهيبي أن إنشاء البنوك الوراثية يعدّ خطوة إستراتيجية للحفاظ على الأصناف المحلية وتعزيز الأمن الغذائي في البلاد، حيث تضم 252 صنفًا من المانغو و250 صنفًا من النخيل و34 صنفًا من الحمضيات و122 صنفا من الموز و26 صنفا من العنب.
وبالإضافة إلى ذلك 10 أصناف من التين، و10 أصناف من الجوافة و7 أصناف من السدر، و5 أصناف من المستعفل، و3 أصناف من الرمان. كما تحتوي البنوك على 9 أصناف من الفاكهة المحلية، و25 صنفا من الفاكهة المستوردة.