إستراتيجية الربح تمضي نحو أهدافها في وكالة فرانس برس

باريس - أعلنت وكالة فرانس برس الخميس، تجديد مهام رئيس مجلس إدارتها فابريس فريس لولاية ثانية مدتها خمس سنوات، بسبب نجاح مشروعه الإستراتيجي الذي حقق للوكالة التعافي المالي وسط أزمة اقتصادية تعصف بوسائل الإعلام.
واختار مجلس الإدارة المؤلف من 18 عضوا هم ممثلون عن الصحافة الفرنسية والحكومة وموظفي الوكالة، بالإضافة إلى رئيس المجلس، تمديد ولاية فريس بدلا من فتح باب المنافسة أمام مرشحين آخرين.
وأعيد انتخاب فريس بأغلبية كبيرة بعد جلسة استماع حول “مشروعه الإستراتيجي” الذي “سيكون بمثابة أساس للتفاوض مع الدولة بشأن عقد الأهداف والوسائل المستقبلية” للفترة بين 2024 و2028، بحسب إدارة وكالة فرانس برس.
ويقوم هذا المشروع “على ثلاثة محاور إستراتيجية جديدة تهدف إلى تعزيز ريادة الوكالة في مكافحة المعلومات المضللة بما يجعلها الوكالة المفضلة لوسائل الإعلام حول العالم من خلال التقدم في التغطية التحريرية والخدمات المقدمة، وأخيرا تسريع
تنويع قاعدة زبائنها من غير وسائل الإعلام”.
وخاضت الوكالة تحت إدارة فريس معركة لجعل منصات مثل غوغل وفيسبوك تدفع للناشرين والوكالات مقابل محتوى الأخبار الذي يجذب الكثير من القراء إلى المنصات الرقمية. وتم التوصل إلى اتفاق مع غوغل في خريف عام 2021 بشأن الحقوق ذات الصلة (الدفع مقابل استخدام محتواها لمدة خمس سنوات). كما وقعت فرانس برس أيضًا عقدين تجاريين مع العملاق الأميركي، لمدة خمس سنوات أيضًا (بشأن تدريب الصحافيين وطلاب الصحافة على التحقيق الرقمي وإنتاج المقاطع المرئية للهواتف الذكية)، وبقي مبلغ كل هذه الاتفاقات سريا.
وتأتي أهمية النتائج التي حققتها الوكالة في ظل هيمنة المنصات الرقمية على صناعة الأخبار وبثها واستقطابها للجماهير، حيث اعتبر الكثير من المحللين أن البساط انسحب تدرجياً من وكالات الأنباء العالمية في سرعة نقل الخبر وإتاحة تداوله عالمياً لحظة وقوعه؛ ما تسبب في زعزعة مكانة هذه الوكالات التي كانت قبل عقود هي المصدر الرئيسي للأخبار.
لكن فريس يرى أن “مواقع التواصل الاجتماعي تعد بالنسبة إلينا مكملة لنا أكثر من كونها منافسة”، مشيراً إلى أنه من المخاطر التي تواجه وسائل الإعلام اليوم “شيخوخة جمهورها، إذ إنه من المهم تجديد المواضيع والزوايا وطرق البث لاستقطاب الشباب إلى هذه الوسائل”.
وأشارت دراسة سابقة موسعة لمركز أبحاث “بيو” الأميركي بعنوان “كيف تعيد وسائل التواصل الاجتماعي تشكيل الأخبار”، إلى أن أكثر من نصف مستخدمي الشبكات الاجتماعية يشاركون في نشر أخبار ومحتوى إعلامي يتضمن نصوصاً وصوراً ومقاطع فيديو. بينما أظهرت نتائج استطلاع رأي حديث أجرته مؤسسة “آي إن جي” مع عدد من الصحافيين الدوليين، أن 50 في المئة من الصحافيين يعتبرون مواقع التواصل صدراً حياً للأخبار رغم عدم مصداقيتها في الكثير من الأحيان، في حين أن 73 في المئة منهم أكدوا أنهم يستعينون بالمواد والمحتوى الأكثر قيمة ومصداقية بالنسبة إليهم مثل مقاطع الفيديو والتغريدات، ولاسيما التي تخص الزعماء والرؤساء وقادة الدول. بل ويعتقد أكثر من 60 في المئة من الصحافيين، أنه لا يمكن لأي
وسيلة إعلامية أو وكالة أنباء الاستمرارية من دون شبكات التواصل الاجتماعي.
وركز فريس خلال فترة عمله على الفيديو والتحقيق الرقمي، وموضوع الشراكة مع مجموعة فيسبوك، بالإضافة إلى تنويع دخل الوكالة الفرنسية عبر شركة “فاكتستوري” الفرعية بإنشاء محتوى للاتصال بالعلامة التجارية. كما أصر على موضوع التنوع من حيث الموارد البشرية بإنشاء لجنة مخصصة، ومن حيث المحتوى التحريري بإنشاء منصب داخل هيئة التحرير مخصص للتنوع على وجه التحديد.
وعقدت الوكالة اتفاقا مع مجموعة فيسبوك، يمكنها من تعقّب الأخبار الكاذبة المنتشرة على الموقع وتخفيض نسبة المشاهدة للصفحات الناشرة لها وإبلاغ المستخدمين الراغبين بمشاركة هذه الأخبار بأنها غير صحيحة. وقالت فرانس برس أن هذا العقد مع فيسبوك يفيد في كبح انتشار الأخبار المغلوطة، لكنه لا يؤثّر بأي حال على المحتوى والقرارات التحريرية للوكالة.
وكان فابريس فريس (62 عاما) قد انتخب لولاية أولى في أبريل 2018، بعد الاستقالة المفاجئة للرئيس التنفيذي إيمانويل هوغ.
ووكالة الأنباء الفرنسية الدولية التي يعمل فيها 1700 صحافي، وهي موجودة في أكثر من 150 دولة، وتقدم خدماتها بست لغات، قالت في بيان إن “ولاية فابريس فريس الجديدة تدخل حيز التنفيذ في نهاية الولاية الحالية، أي في 15 أبريل 2023”.
مجلس الإدارة المؤلف من 18 عضوا هم ممثلون عن الصحافة الفرنسية والحكومة وموظفي الوكالة، اختار تمديد ولاية فريس بدلا من فتح باب المنافسة أمام مرشحين آخرين
وأوضح فريس في البريد الإلكتروني للموظفين “بفضل جهود الجميع، تعافت وكالة فرانس برس، واستعادت النمو والربحية والجاذبية”. وأكد “لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لتأكيد هذا التعافي، خاصة وأن الوضع الاقتصادي ساء بشكل كبير منذ فبراير والحرب في أوكرانيا”.
يذكر أن اندلاع الحرب في أوكرانيا أدى إلى تعقيد الأوضاع في وسائل الإعلام. ومنذ بداية العام ، كان من الضروري مواجهة ارتفاع أسعار الطاقة، وارتفاع سعر الدولار مقابل اليورو، مع الضعف الاقتصادي لناشري الصحافة (اعتمادًا على زيادة أسعار الورق) أو حتى التهديدات المعلقة على أنشطة التحقق من صحة المعلومات التي تدفعها شركة ميتا للصحافة.
لكن ومع صعوبة الأوضاع الاقتصادية أكدت وكالات الأنباء على أهميتها في التغطية الإخبارية، خلال الحرب الأوكرانية من خلال قوة وفاعلية وتأثير وكالات الأنباء العالمية خاصة الثلاث الكبار رويترز البريطانية، ووكالة الصحافة الفرنسية، والأسوشيتد برس الأميركية، ودورها في صناعة الأخبار في العالم وتأطير الأحداث العالمية بما يحقق مصالح الدول والكيانات التي تقف خلف تلك الوكالات.
وأعلنت وكالة فرانس برس في أبريل أن إيراداتها التجارية زادت بنسبة 4.1 في المئة عام 2021 مقارنة بالعام السابق. ووصل صافي الأرباح إلى مستوى “تاريخي” بلغ 10.6 مليون يورو مقارنة بـ5.3 مليون يورو عام 2020 و0.4 مليون في 2019 وهو العام الذي عادت فيه وكالة فرانس برس إلى تحقيق ربح للمرة الأولى منذ 2013.
وفي نهاية عام 2019، وقعت وكالة فرانس برس عقدا للأهداف والوسائل مع الدولة للفترة بين 2019 و2023، توفر بموجبه الأخيرة هبة بقيمة 583 مليون يورو.
وحققت خطة الادخار التي تم إطلاقها قبل ثلاث سنوات 11 مليون يورو في عام 2021. وبذلك، تم الوصول إلى إجمالي الهدف المحدد لعام 2023 بنسبة 80 في المئة.