إستراتيجية إسرائيل في الضفة: اقتحامات مؤقتة أم غزة ثانية

تحول الضفة إلى غزة ثانية يعني أن الحرب ستكون على ثلاث جبهات، الضفة، ولبنان، وغزة حتى وإن تم تدمير قوة حماس فعليا.
الأربعاء 2024/09/11
الجيش الإسرائيلي في طولكرم.. لا تفريق بين الضفة وغزة

رام الله – يتحدث الإسرائيليون عن استكمال المهمة في غزة (جنوبا)، ويلمحون إلى أن تركيزهم سيكون على الشمال، أي مواجهة حزب الله الذي يستمر في إطلاق صواريخه على المناطق الحدودية.

لكن من غير الواضح كيف تنظر المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إلى الضفة الغربية بعد تنفيذ عمليات استمرت أياما في أكثر من مدينة، وهل أن الأمر سيكون في شكل اقتحامات محدودة زمنيا ومكانيا لاستهداف مجموعات مسلحة، أم أن الضفة ستتحول إلى غزة ثانية ما قد يؤجل عملية الشمال وهدفها الرئيسي القائم على تحجيم قدرات حزب الله.

إلى حد الآن في الضفة لا يظهر التدخل الإسرائيلي في صورة حرب مفتوحة مثلما هو الأمر في غزة. وهناك أسباب ترجح محدودية التدخل الإسرائيلي، منها ضعف الرد الفلسطيني، وهو مرتبط بحقيقة أن السلطة الفلسطينية إلى حد اليوم لا تعتبر نفسها عدوا للقوات الإسرائيلية.

حماس في الضفة غير حماس في غزة، وهي لا تمتلك صواريخ ولا أنفاق، وما تمتلكه لا يتجاوز أسلحة خفيفة ومتفجرات لا يمكن أن تعيق تدخلات الجيش الإسرائيلي

ورغم انتقادها للعمليات الإسرائيلية في الضفة، كما في غزة، تعرف سلطة الرئيس محمود عباس أن بقاءها مرتبط بموقف إسرائيل، وأن أي تصعيد منها أو انحياز إلى حركة حماس أو حركة الجهاد الإسلامي، أو تستر على مسلحين أو خطط ضد إسرائيليين، سيترتب عليه تعامل الجيش الإسرائيلي معها كمجموعة خارجة عن القانون وليس كسلطة موجودة ضمن اتفاقيات دولية.

كما أن حماس في الضفة غير حماس في غزة، وهي لا تمتلك صواريخ ولا أنفاق ولا تحصل على أسلحة مهربة من لبنان، وما تمتلكه لا يتجاوز أسلحة خفيفة ومتفجرات ذات مفعول محدود لا يمكن أن تعيق تدخلات الجيش الإسرائيلي في الأحياء أو القرى، والأمر نفسه ينطبق على مسلحي حركة الجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى المحسوبة على فتح.

لكن إسرائيل تواجه في الضفة احتقانا شعبيا شديدا بسبب ما يجري في غزة، وكذلك ردّ فعل على ما يقوم به المستوطنون من اعتداءات، خاصة عقب بدء حرب غزة الحالية وأنشطة رموز اليمين المتطرف. كل هذا يخلق عداء واسعا في الضفة يجعلها مؤهلة لأن تشهد انتفاضة جديدة قد تحولها إلى غزة جديدة، وهو ما قد يكون قصده مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل حين حذر الثلاثاء من إمكانية أن تتحول الضفة الغربية إلى “غزة جديدة”.

وتحول الضفة إلى غزة ثانية يعني أن الحرب ستكون على ثلاث جبهات؛ جبهة الضفة رغم محدودية إمكانيات الفلسطينيين، وجبهة لبنان، وجبهة غزة حتى وإن تم تدمير قوة حماس فعليا في القطاع، ولم يبق الكثير لفعله في الجنوب (أي غزة).

وضاعفت إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة عملياتها العسكرية في الضفة الغربية التي تحتلها منذ عام 1967، حيث تزايدت كذلك أعمال العنف التي ينفذها المستوطنون الإسرائيليون والمواجهات مع الفلسطينيين.

خخ

وقال بوريل إن “جبهة جديدة يجري فتحها بهدف واضح: تحويل الضفة الغربية إلى غزة جديدة من خلال زيادة العنف ونزع الشرعية عن السلطة الفلسطينية وتشجيع الاستفزازات للرد بقوة ولكي لا تكون هناك غضاضة في الإعلان للعالم أن الوسيلة الوحيدة للتوصل إلى تسوية سلمية للنزاع هي ضم الضفة الغربية وغزة”.

واتهم بوريل، الذي كان يتحدث في القاهرة حيث شارك في اجتماع لوزراء خارجية الجامعة العربية، “أعضاء في الحكومة الإسرائيلية بمحاولة جعل إقامة دولة فلسطينية أمرا مستحيلا”.

وتابع “من دون تحرك ستصبح الضفة الغربية غزة جديدة فيما تعد مجموعات من المستوطنين (لإنشاء) مستوطنات جديدة”. وأضاف أن “المجتمع الدولي يأسف ويشعر ويدين ولكنه يجد صعوبة في التحرك”.

وَوِفق الاتحاد الأوروبي شهد عام 2023 رقما قياسيا في زيادة المستوطنات في الضفة، إذ تم منح أكبر عدد من تصاريح البناء منذ ثلاثين عاما. ويعيش قرابة 490 ألف مستوطن في الضفة الغربية التي يبلغ عدد سكانها الفلسطينيين نحو ثلاثة ملايين.

وتصاعد العنف في الضفة منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر الماضي. ومنذ ذلك الحين قتلت القوات الإسرائيلية أو مستوطنون إسرائيليون 662 فلسطينيا على الأقل في الضفة الغربية، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وقُتل 23 إسرائيليا على الأقل، من بينهم عناصر أمن، في هجمات نفّذها فلسطينيون في المنطقة خلال الفترة ذاتها، بحسب مسؤولين إسرائيليين.

والثلاثاء قالت السلطات الصحية الفلسطينية إن القوات الإسرائيلية قتلت شخصين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية عقب عودة الجيش إلى المدينة بعد أيام فحسب من إنهاء إحدى أكبر عملياته منذ أشهر.

حح

ولم يصدر تعليق بعد من الجيش الإسرائيلي على الحادث الذي يضاف إلى سلسلة من الاشتباكات الدامية في المنطقة خلال الأسابيع القليلة الماضية. وأصدر الجناحان المسلحان لحركتي فتح والجهاد الإسلامي بيانين قالا فيهما إن مقاتليهما يخوضون اشتباكات مسلحة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إن قوات وآليات عسكرية إسرائيلية حاصرت المستشفى الحكومي في طولكرم عند بدء العملية.

وأنهت القوات الإسرائيلية الجمعة عملية استمرت تسعة أيام وشهدت قتالا عنيفا في كل من طولكرم وجنين، وهي مدينة أخرى تشهد اضطرابات في شمال الضفة الغربية. وقال الجيش إن العملية استهدفت إحباط خطط جماعات مسلحة مدعومة من إيران لشن هجمات على المدنيين الإسرائيليين.

وتسببت المداهمات في قتل نحو 40 فلسطينيا، من بينهم مقاتلون مسلحون ومدنيون، وجندي إسرائيلي وألحقت أضرارا كبيرة بالبنية الأساسية في المدينتين مع قطع خدمات الكهرباء والمياه.

 

اقرأ أيضا:

1