إستراتيجيات الدعم الفعّالة تساعد الطفل في التغلب على القلق الاجتماعي

الأطفال الذين يعانون من القلق الاجتماعي يترددون في التحدث أو المشاركة في الأنشطة خوفًا من التقييم السلبي.
الأربعاء 2025/04/02
الأطفال والمراهقون بحاجة إلى الدعم العاطفي والنفسي

تونس - يلاحظ العديد من الأهالي بعض القلق عند أطفالهم خلال قيامهم ببعض الأنشطة كالتعرف على أشخاص جدد أو قد يواجهون صعوبة في التعامل مع زملائهم في المدرسة، في ما يعرف بالقلق الاجتماعي الذي يعتبر حالة نفسية شائعة قد تؤثر بشكل على النمو النفسي أو الاجتماعي للأطفال والمراهقين.

ويتجلى القلق الاجتماعي في الخوف المفرط من التفاعل مع الآخرين، مما قد يؤدي إلى تأثر علاقاتهم وتقديرهم لذاتهم بشكل سلبي. ومن أبرز تأثيرات القلق الاجتماعي على الأبناء ضعف الثقة بالنفس، فالأطفال الذين يعانون من القلق الاجتماعي يترددون في التحدث أو المشاركة في الأنشطة خوفًا من التقييم السلبي. وهذا الشعور بالنقص يؤثر على تقديرهم لذاتهم وقدرتهم على التعامل مع المواقف الاجتماعية بثقة.

ويبرز أيضا في صعوبة التفاعل مع الأقران، إذ يسبب القلق للطفل صعوبة في بناء علاقات صحية مع أقرانه. وهذه الصعوبة قد تؤدي إلى العزلة الاجتماعية، حيث يفضل الطفل الانسحاب بدلاً من التفاعل مع الآخرين. وعندما يعاني الطفل من القلق من التحدث أمام الصف أو المشاركة في الأنشطة المدرسية، فإن ذلك يؤثر على تحصيله الدراسي. والقلق المستمر قد يمنعه من التركيز والمشاركة الفعّالة في الدروس والنشاطات المدرسية.

ولا يقتصر القلق الاجتماعي على الأعراض النفسية فقط، بل قد يظهر أيضًا في شكل أعراض جسدية مثل آلام المعدة، التعرق، وتسارع ضربات القلب عند مواجهة مواقف اجتماعية. هذه الأعراض تزيد من توتر الطفل وتعزز من مشاعر القلق لديه. وقد يتهرب الطفل من الأنشطة الاجتماعية أو المناسبة المدرسية خوفًا من الإحراج. وهذا التهرب يعزز مشاعر الخوف ويجعل من الصعب عليه تكوين علاقات اجتماعية صحية.

إذا كان القلق الاجتماعي لدى الطفل شديدًا ويؤثر بشكل ملحوظ على حياته اليومية، فمن المهم اللجوء إلى متخصصين في العلاج السلوكي المعرفي

ويعتبر القلق الاجتماعي تحدّيا كبير قد يؤثر على نمو الأطفال النفسي والاجتماعي، ولكن من خلال إستراتيجيات الدعم الفعّالة، يمكن للآباء والمربين مساعدة الطفل على التغلب عليه. بتقديم التشجيع، وتوفير بيئة آمنة، وتعزيز الثقة بالنفس، وتعليم الأطفال كيف يتعاملون مع مواقفهم الاجتماعية بثقة، مما يعزز من حياتهم الاجتماعية والنفسية.

وهناك إستراتيجيات للتعامل مع الأبناء الذين يعانون من القلق الاجتماعي، من أهمها دفع الطفل بلطف إلى التجارب الاجتماعية فمن المهم تشجيع الطفل على خوض تجارب اجتماعية صغيرة ومريحة في البداية، ثم التدرج نحو المواقف الاجتماعية الأكثر تحديًا. هذه الطريقة تساعد الطفل على التكيف تدريجيًا مع المواقف الاجتماعية دون الشعور بالضغط.

ومن الإستراتيجيات تعزيز مهارات التواصل، بتعليم الطفل كيفية بدء المحادثات وإبداء الرأي بثقة هو أمر أساسي. ويمكن تعزيز هذه المهارات من خلال التمارين اليومية والتشجيع المستمر. والتفاعل الإيجابي مع الطفل سيزيد من ثقته في نفسه وقدرته على التفاعل الاجتماعي.

ويجب أن يكون الوالدان نموذجًا في التواصل الاجتماعي الجيد. فعندما يرى الطفل والديه يتفاعلان بثقة ويسهل عليهما التواصل مع الآخرين، فإنه سيشعر بالأمان ويقلل من خوفه من المواقف الاجتماعية. ومن المهم تجنب توبيخ الطفل أمام الآخرين واحترام مشاعره دون الاستهزاء بها. يجب أن يشعر الطفل بأن مشاعره مفهومة ومقبولة، مما يعزز ثقته في قدرته على التعامل مع المواقف الاجتماعية.

كما أن تعليم الطفل تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق أو التخيل الإيجابي يمكن أن يساعد في تقليل التوتر المصاحب للمواقف الاجتماعية. وهذه التقنيات تمنح الطفل أدوات للتحكم في مشاعره عند مواجهة المواقف المزعجة. ويجب أن يتم الاحتفاء بأي إنجاز يحققه الطفل، حتى وإن كان بسيطًا. الاعتراف بإنجازات الطفل يعزز من ثقته بنفسه ويشجعه على مواجهة المزيد من التحديات الاجتماعية.

وإذا كان القلق الاجتماعي لدى الطفل شديدًا ويؤثر بشكل ملحوظ على حياته اليومية، فمن المهم اللجوء إلى متخصصين في العلاج السلوكي المعرفي. وهذا النوع من العلاج يساعد الطفل على التعرف على أفكاره السلبية وتغييرها، مما يساهم في التغلب على القلق.

16