إسبانيا تجازف بالعفو عن الانفصاليين الكتالونيين المسجونين

قرارات الصفح عن المحكومين الانفصاليين رغم أنها تساعد على تخفيف التوتر إلا أنها ستفسح المجال لتحريك الأمور في الإقليم الذي يطالب بالإستقلال.
الأربعاء 2021/06/23
الصفح لا يغير أي شيء

مدريد- تجازف الحكومة الإسبانية عبر العفو عن انفصاليين كتالونيين سجنوا على خلفية محاولة الاستقلال عام 2017، في خطوة من شأنها أن تخفف التوتر لكنها لن تحل الأزمة.

وأعلن رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الثلاثاء رسميا العفو عن المدانين في برشلونة، لكن مدريد لم تذهب إلى حد إصدار عفو يشمل الأشخاص الذين لم يحاكموا على خلفية محاولة الاستقلال.

وقال خبير السياسة في جامعة كارلوس الثالث في مدريد لويس أوريولز إن “قرارات الصفح ستساعد على تخفيف التوتر بين الحكومة الكتالونية ومدريد وتسهيل المفاوضات، لكن من الصعب أن يؤدي ذلك إلى اتفاق بين الطرفين”. وتابع “لا يزال ذلك بعيدا”.

والقادة الانفصاليون هم أعضاء سابقون في الحكومة الإقليمية التي ترأسها كارليس بودجيمون أو قياديو منظمات انفصالية وبينهم أيضا الرئيسة السابقة للبرلمان الإقليمي، وقد أدينوا في أكتوبر 2019 بالعصيان وصدرت بحقهم أحكام بالسجن تراوحت بين 9 و13 عاما لدورهم في محاولة انفصال كتالونيا في 2017. وحكم على ثلاثة آخرين بدفع غرامات.

محللون يستبعدون أن يتخلى الانفصاليون في كتالونيا بعد العفو عن قادتهم ومطالبهم بتنظيم استفتاء لتقرير المصير

وشكلت محاولة انفصال هذا الإقليم الغني في شمال شرق إسبانيا في أكتوبر 2017 إحدى أسوأ الأزمات السياسية التي شهدتها إسبانيا منذ سقوط دكتاتورية فرانكو في 1975. ورغم صدور قرار قضائي بحظره، فقد أصرت الحكومة الإقليمية برئاسة بودجيمون على أجراء استفتاء حول تقرير المصير تخللته أعمال عنف من جانب الشرطة. وبعد بضعة أسابيع، أعلن برلمان كتالونيا أحاديا استقلال الإقليم. وردت الحكومة الإسبانية المحافظة يومها بإقالة الحكومة الإقليمية ووضع المنطقة تحت الوصاية.

وتشير الخبيرة السياسية في جامعة سرقسطة كريستينا مونج إلى أن “قرارات الصفح رمزية في جوهرها”. وتابعت “إنها وسيلة من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات مع دليل على حسن النية ولإعادة تموضع النزاع أيضا في الفضاء السياسي”.

ومنذ وصول ائتلاف سانشيز اليساري إلى السلطة في يناير 2020، اعتمد جزئيا على دعم “حزب اليسار الجمهوري لكتالونيا” الانفصالي، الذي طالب بدوره بإجراء محادثات لحل النزاع بشأن الانفصال. لكن لم يلتق الطرفان إلا مرة واحدة قبل أن تعلّق المحادثات بسبب وباء كوفيد – 19.

ومن المتوقع أن تستأنف سريعا بعد اجتماع مرتقب في وقت لاحق هذا الشهر بين سانشيز والرئيس الكتالوني الجديد بيري أراغونيس، العضو المعتدل في “حزب اليسار الجمهوري لكتالونيا” الأكثر انفتاحا بكثير على التفاوض من سلفه كيم تورا المنتمي لحزب “معا من أجل كتالونيا” الأكثر تشددا.

محاولة انفصال الإقليم الغني في شمال شرق إسبانيا في أكتوبر 2017 شكلت إحدى أسوأ الأزمات السياسية التي شهدتها إسبانيا منذ سقوط دكتاتورية فرانكو في 1975

ويستبعد أن يتخلى الحراك المطالب بالاستقلال في الإقليم الواقع في شمال شرق البلاد عن أهدافه الأبرز المتمثلة في الحصول على عفو عن جميع المتورطين في مسعى 2017 للاستقلال فضلا عن تنظيم استفتاء لتقرير المصير، بموافقة مدريد هذه المرة. ورفضت الحكومة الإسبانية بشدة المطلبين.

ويشير خبير العلوم السياسية في جامعة برشلونة ذات الحكم الذاتي أوريول بارتوميوس إلى أن قرارات الصفح عن المحكومين تفسح المجال لتحريك الأمور في كتالونيا، حيث ازداد التأييد للاستقلال على مدى العقد الماضي.

وقال “في اللحظة التي يتم فيها إخراج السجناء من المعادلة”، يزول العامل الذي يستخدمه الانفصاليون لحشد أنصارهم من أجل التحرّك وبالتالي “تجبر الحركة المطالبة بالاستقلال على إعادة التفكير” في الأمر. وتابع أنه حتى وإن تمسّكوا بمواقفهم علنا، “فسيفتح فصل جديد خلف الكواليس”.

ودعا أراغونيس الأسبوع الماضي إلى عفو واستفتاء جديد أثناء زيارته بودجيمون في بلجيكا، حيث فر الأخير بعد أزمة الاستقلال، فيما شدّد كلاهما على أن الصفح عن مدانين وحده لن يكفي لحل النزاع السياسي القائم.

واتّخذ كل من أراغونيس وزعيم حزب اليسار الجمهوري لكتالونيا أوريول جونكيراس الذي يقضى أطول عقوبة بالسجن من بين زملائه الانفصاليين مدّتها 13 عاما، خطوة باتّجاه سانشيز للنأي بنفسيهما عن مسار القرارات الأحادية.

وبالنسبة إلى بودجيمون، الذي لم يحاكم قط على دوره في الأزمة، فإن الصفح لا يغير أي شيء، علما وأنه لن يكون بإمكانه العودة إلى إسبانيا إلا في حال صدور عفو.

إسبانيا أصدرت عفوا عن تسعة زعماء كتالونيين سجنوا بسبب محاولة فاشلة للاستقلال عام 2017
إسبانيا أصدرت عفوا عن تسعة زعماء كتالونيين سجنوا بسبب محاولة فاشلة للاستقلال عام 2017

 

5