إسبانيا تتدارك إخفاقاتها لترسم طريق الطموح

الدنمارك وأوكرانيا وسويسرا والنمسا مثلت مفاجآت اليورو.
الأربعاء 2021/07/14
سيكون القادم أفضل

أسدل الستار على النسخة الـ16 من بطولة الأمم الأوروبية التي أقيمت وسط ظروف استثنائية بسبب تفشي جائحة كورونا وعلى العديد من الملاعب في مدن مختلفة، وقد شهدت عودة إيطاليا إلى الجلوس على عرش القارة العجوز للمرة الثانية في تاريخها بعد 53 عاما من الغياب. كما خرجت العديد من المنتخبات بفوائد كثيرة من هذه التظاهرة الرياضية.

مدريد - خرج منتخب إسبانيا بفوائد عديدة من اليورو، رغم خروجه من نصف النهائي على يد إيطاليا بركلات الترجيح؛ ذلك أنه دخل البطولة بصورة مغايرة تماما للصورة التي كان عليها قبل سنوات قليلة إبان فترة الجيل الذهبي الذي سيطر على الأخضر واليابس بداية من لقب اليورو في 2008، مرورا بأبرز تتويج في تاريخه إثر حصوله على لقب مونديال 2010 بجنوب أفريقيا، وانتهاء بلقب اليورو في 2012.

ورغم البداية المحبطة للا روخا بتعادلين متتاليين في دور المجموعات، أمام السويد (0 - 0) ثم بولندا (1 - 1)، إلا أن الأداء بدأ يتحسن بداية من مواجهة سلوفاكيا في نهاية المجموعة ثم كرواتيا في ثمن النهائي (5 - 3) وسويسرا في دور الثمانية بركلات الترجيح، حتى السقوط أمام الآتزوري في المربع الذهبي بركلات الترجيح أيضا. واستطاع لويس إنريكي أن يُكوّن منتخبا طموحا يعد بالكثير مع قدوم موعد المونديال القطري، ليخرج أخيرا من النفق المظلم بعد إخفاقات عديدة في مونديال 2014 بالبرازيل، ثم الموعد الأوروبي في 2016، وأخيرا مونديال روسيا قبل 3 سنوات.

شهدت بطولة اليورو الأخيرة عددا من المفاجآت، سواء في ما يتعلق بالهدافين أو من ناحية المنتخبات التي لم تكتف بالخروج من عباءة التمثيل المشرف وإنما كان لها دور البطولة الاستثنائية. وحدث هذا تحديدا في حالة منتخب الدنمارك الذي تخطى البداية الصادمة ليس فقط بالخسارة أمام فنلندا في المباراة الافتتاحية وإنما أيضا بالحادث الذي كاد يودي بحياة نجمه الأبرز كريستيان إريكسن داخل المستطيل الأخضر، ليحجز في النهاية مقعدا له ضمن الأربعة الكبار، بل كان قريبا للغاية من تكرار ملحمة نسخة 1992، ولكنه في النهاية انهزم بصعوبة على يد وصيف البطولة، منتخب إنجلترا.

البطولة شهدت عددا من المفاجآت، سواء في ما يتعلق بالهدافين أو المنتخبات التي خرجت من عباءة التمثيل المشرف

منتخب سويسرا أيضا ظهر بصورة رائعة، لاسيما على المستوى الجماعي؛ حيث ظهرت كتيبة المدرب المخضرم فلاديمير بيتكوفيتش كند قوي لمنافسيها في البطولة، وهو ما يظهر في إقصائها للمرشح الأول للقب (منتخب فرنسا) في ثمن النهائي بركلات الترجيح، ثم خروجها بشق الأنفس أمام إسبانيا في دور الثمانية بنفس الطريقة. وأكمل المنتخب السويسري الصورة الطيبة التي ظهر بها في مونديال 2018 بروسيا، بعد أن اكتسب لاعبوه خبرات أكبر كان الفريق بفضلها على شفا النجاح.

نفس الأمر ينطبق على منتخبي أوكرانيا والنمسا اللذين فاقا كل التوقعات، فبالرغم من استفادتهما من الشكل الجديد للبطولة والتأهل ضمن أفضل منتخبات أصحاب المركز الثالث، إلا أنهما حققا إنجازا يحسب لهما. فمنتخب النمسا نجح في بلوغ دور الـ16 للمرة الأولى في تاريخه، ولم يكن لقمة سائغة في فم الطليان الذين اضطروا إلى الانتظار حتى الأشواط الإضافية لحسم بطاقة التأهل لدور الثمانية، بينما لم تنجح كتيبة المدرب الشاب أندريه شيفتشينكو من قبل في الذهاب بعيدا إلى هذا الحد، بأفكار واضحة وكفريق لا يستهان به، لتتوقف ملحمة هذه الكتيبة في محطة إنجلترا في دور الثمانية، بعد الإطاحة بالسويد في ثمن النهائي.

مصدر الإحباط

Thumbnail

كانت منتخبات فرنسا والبرتغال (حامل اللقب) وألمانيا مصدر الإحباط الأكبر في اليورو، فالمنتخبات الثلاثة وقعت ضمن مجموعة أطلق عليها اسم “مجموعة الموت”، وتمكنت جميعها من التأهل للدور التالي، إلا أن الجميع تفاجأ بخروجها المبكر من سباق المنافسة على اللقب. بطل العالم كان الخاسر الأكبر في البطولة؛ فبالرغم من الأسماء الكبيرة التي يضمها فريق المدرب ديديه ديشامب، لاسيما في الجانب الهجومي الذي أضيفت إليه قيمة كبيرة بحجم كريم بنزيمة، إلا أن المدرب فشل في إعلاء كلمة الروح الجماعية داخل الفريق، فغلبت النزعة الفردية التي أدت في النهاية إلى خروج للنسيان.

ولم يقدم لاعبون بحجم كيليان مبابي أو أنطوان غريزمان ما هو منتظر منهم، لتكون النتيجة الحتمية في النهاية هي الخروج، وهو ما حدث في ثمن النهائي على يد سويسرا بركلات الترجيح بعد مباراة كانت في متناول الفرنسيين الذين كانوا متقدمين في النتيجة (3 - 1) حتى الدقائق الأخيرة من المباراة، لتخرج بعدها المشاكل الداخلية بين اللاعبين إلى النور، وهي أجواء بالطبع لا تساعد على النجاح.

البرتغال بقيادة النجم كريستيانو رونالدو لم تكن أيضا في الموعد، وتركت حملة الدفاع عن لقبها سريعا من دور الـ16 على يد بلجيكا، ولم ينجح المدرب المخضرم فرناندو سانتوس في استكمال مسيرة النجاح.

إخفاق جديد

الأمر نفسه ينطبق على ألمانيا التي أسدلت الستار على حقبة المدرب يواكيم لوف بإخفاق جديد، حيث ظهرت بصورة بعيدة تماما عما كانت عليه قبل 7 سنوات عندما جلست على عرش العالم بلقب المونديال في البرازيل، وودعت هي الأخرى البطولة في دور الـ16.

لم تأت النسخة الحالية لليورو بجديد لمنتخب هولندا؛ ذلك أن كتيبة المدرب رونالد دي بوير، المقال من منصبه بعد نهاية مشوار اليورو، خيّبت الآمال مرة أخرى في البطولة، فرغم المستوى الجيد الذي قدمته في مرحلة التصفيات إلا أن الأمور خرجت عن نطاقها في البطولة التي دخلتها كأحد المرشحين للقب، لينتهي بها المطاف بخروج صادم على يد التشيك في دور الـ16.

تعثر المنتخب البلجيكي مرة أخرى في منتصف الطريق في بطولة كبيرة، وبدأ الوقت يداهم جيله الذهبي الذي قد لا يتكرر. ورغم التحول الواضح في أداء بلجيكا تحت قيادة الإسباني روبرتو مارتينيز إلا أنه لم ينجح حتى الآن في استثمار الإمكانات التي يمتلكها وهي بالمناسبة الأفضل في تاريخ بلجيكا حتى الآن، ومثلما حدث في يورو 2016 بفرنسا لم ينجح المنتخب البلجيكي في تخطي عقبة دور الثمانية بخسارة على يد البطل منتخب إيطاليا (2-1). ويعد أفضل إنجاز لبلجيكا تحت قيادة مارتينيز هو احتلال المركز الثالث في مونديال 2018 بروسيا، ولكنه ليس كافيا بالمقارنة بالإمكانات الفردية والجماعية التي يمتلكها، وقد يكون مونديال قطر هو الفرصة الأخيرة له.

23