إريتريا تحفّز مصر على التدخل في السودان وتسخين ملف سد النهضة

الإريتريون منتبهون إلى أن أزمة سد النهضة بين القاهرة وأديس أبابا قد خمد أوارها، وهم لا يرتاحون لوضع إثيوبي مستقر.
الجمعة 2024/08/09
هواجس مشتركة بين مصر وإريتريا

القاهرة – أثار استقبال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وزير الخارجية الإريتري عثمان صالح، الخميس، بحضور مدير المخابرات عباس كامل، التساؤل عن المغزى من زيارة المسؤول الإريتري إلى العاصمة المصرية ومدى ارتباطها بالوضع في السودان، وكذلك أزمة سد النهضة وبرود التوتر بين مصر وإثيوبيا.

وقالت مصادر سودانية في القاهرة لـ”العرب” إن زيارة عثمان صالح هدفت إلى حث القيادة المصرية على المزيد من الانخراط في الأزمة السودانية وعدم الوقوف عند رعاية اجتماعات بين القوى السياسية والمدنية، ومحاولة تحفيزها على دعم قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان ماديا، إذ يواجه مأزقا عسكريا بعد انتصارات ميدانية متتالية حققتها قوات الدعم السريع في ولايات سودانية مختلفة مؤخرا، وصراعا داخل الجيش بسبب رغبة الجناح الإسلامي في السيطرة تماما على قراراته.

وطفت هواجس مشتركة بين مصر وإريتريا مؤخرا بشأن تطورات الأزمة في السودان التي يمكن أن تحتدم مع عدم حلحلتها سياسيا، وانتشار معلومات حول سعي روسيا وإيران للتواجد في بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، وفقا لتصريحات متباينة بشأن وجود تفاهمات بين قيادة الجيش في السودان والبلدين.

تتقاسم القاهرة وأسمرة قلقا متزايدا من تهديدات صعبة يتعرض لها جنوب البحر الأحمر، قد تزداد سخونتها حال تصاعد التوتر بين جماعة الحوثي في اليمن وإسرائيل

وجاءت زيارة وزير خارجية إريتريا إلى مصر في خضم انزعاج أسمرة من إمكانية أن تجد نفسها في مواجهة تحديات إقليمية قاسية، وسط غموض يلف علاقتها بالجيش السوداني، حيث تضع قدما بجواره وأخرى على مسافة منه، وتخشى اقتراب قوات الدعم السريع من منطقة شرق السودان التي تمثل بالنسبة إليها أهمية إستراتيجية كبيرة.

وأضافت المصادر أن الساسة الإريتريين منتبهون إلى أن أزمة سد النهضة بين القاهرة وأديس أبابا قد خمد أوارها وهم لا يرتاحون لوضع إثيوبي مستقر يحكم العلاقة التاريخية بين البلدين.

وأكد الرئيس السيسي خلال لقائه عثمان صالح، بحضور بدر عبدالعاطي وزير الخارجية وعباس كامل رئيس المخابرات العامة في مصر، حرص مصر على دفع جهود تعميق العلاقات المتميزة والتعاون الثنائي بين القاهرة وأسمرة، بما يعود بالنفع على شعبي البلدين ويحقق مصالحهما المشتركة، مع تزايد التحديات الإقليمية التي تستوجب تكثيف التباحث بشأن سبل التصدي لها.

وتناول اللقاء القضايا والتهديدات في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وتم التأكيد على حرص الدولتين على مواصلة التنسيق المشترك والتشاور على مختلف المستويات، وبالشكل الذي يدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.

وتتقاسم القاهرة وأسمرة قلقا متزايدا من تهديدات صعبة يتعرض لها جنوب البحر الأحمر، قد تزداد سخونتها حال تصاعد التوتر بين جماعة الحوثي في اليمن وإسرائيل، في ظل ما يتردد عن مواجهة محتملة بين طهران وتل أبيب.

وأوضح نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير صلاح حليمة أن زيارة وزير خارجية إريتريا ركزت على التطورات التي تشهدها المنطقة ورفع مستوى التهديدات التي يتعرض لها البحر الأحمر، والتنسيق السياسي بشأن الأزمات المشتعلة في السودان، ونتائج الاتفاق الإثيوبي مع أرض الصومال لتدشين قاعدة بحرية جديدة.

وأشار في حديثه لـ”العرب” إلى تخوف مصر وإريتريا من إمكانية أن تقود التحركات الإثيوبية في البحر الأحمر إلى اضطراب جديد في منطقة تتواجد فيها قواعد عسكرية عديدة ثابتة ومتحركة، ما يفرض التنسيق والتعامل بحكمة مع أي توتر.

وشدد على أن ما يحدث في السودان، مع تواصل الصراع العسكري وسط استقطابات إقليمية وداخلية بين طرفي الصراع ومكونات المجتمع السوداني، يهدد أمن مصر وإريتريا، وأن ثمة إجماعا بينهما على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة ووقف الصراع والضغط لدخول المساعدات وإيجاد أفق سياسي يُنهي الصراع.

وذكر أن التنسيق بين القاهرة وأسمرة يتم من خلال مسارات أمنية تتعلق بتبادل المعلومات والخبرات بشأن مواجهة التنظيمات الإرهابية، وأخرى سياسية تقضي بتبني مواقف مشتركة تدعم إنهاء الصراعات في مناطق مختلفة، بجانب تعزيز التعاون الثنائي في قطاعات الصحة والتعليم والكهرباء والتجارة وتشييد الطرق.

وتسلم الرئيس المصري رسالة خطية من الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، تضمنت الإعراب عن التطلع إلى تعزيز التشاور والتنسيق بخصوص القضايا ذات الاهتمام المشترك. وزار أفورقي القاهرة في فبراير الماضي وعقد مباحثات مع السيسي، معظمها ركز على تطوير العلاقات بين البلدين، ومناقشة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

1