"إرهابيون" يزرعون الرعب في شوارع فيينا الهادئة

منفذ الهجوم الذي قتلته الشرطة مضى فترة في السجن لمحاولته السفر إلى سوريا والانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية.
الثلاثاء 2020/11/03
صدمة في فيينا

فيينا- أطلقت سلطات النمسا عملية مطاردة لمنفذي هجوم فيينا الذي خلف خمسة قتلى حتى الآن وزرع الرعب في العاصمة النمساوية،

وأطلق مسلّحون النار من رشاشاتهم في ستّة مواقع مختلفة من العاصمة النمساوية، في العملية التي قتل خلالها أحد المهاجمين برصاص الشرطة.

وقالت الحكومة النمساوية الثلاثاء إن المسلح الذي قُتل بالرصاص في هجمات فيينا أمضى فترة في السجن لمحاولته السفر إلى سوريا والانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية.

وأكدت وزارة الداخلية تقريرا نشرته وكالة (أيه.بي.أيه) للأنباء ورد فيه أن منفذ الهجوم صدر عليه حكم بالسجن 22 شهرا في أبريل عام 2019.

وجاء في التقرير نقلا عن وزير الداخلية النمساوي كارل نيهامر أنه تم الإفراج عن الرجل في 2019 لصغر سنه.

وانتشر مئات من رجال الشرطة في أرجاء فيينا بحثا عن منفذي الاعتداء في وقت أعلن وزير الداخلية كارل نيهامر أن "إرهابيا واحدا على الأقل" مسؤول عنه.

من جانبها ذكرت وكالة الأنباء النمساوية أن سبعة من المصابين في حالات حرجة تهدد حياتهم.

وقال متحدث باسم الشرطة إن تعزيزات طلبت من ولايات مجاورة وإن ألف ضابط شرطة على الأقل يشاركون في العملية.

وكرر وزير الداخلية في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون دعواته للناس بعدم الخروج للشوارع.

وأفاد بأن الشرطة قتلت بالرصاص مهاجما، كان يضع حزاما ناسفا اتضح أنه غير حقيقي، وهو من المتعاطفين مع تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال نيهامر "شهدنا هجوما مساء أمس من إرهابي إسلامي واحد على الأقل وهو موقف لم نعايشه في النمسا منذ عقود".

وتابع "النمسا ديمقراطية قوية منذ أكثر من 75 عاما، ديمقراطية ناضجة ودولة هويتها تتمثل في قيمها وحقوقها الأساسية ومنها حرية التعبير وحكم القانون وأيضا التسامح فيما يتعلق بالتعايش الإنساني".

نيهامر "هذا أصعب يوم تمر به النمسا منذ سنوات"
نيهامر: "هذا أصعب يوم تمر به النمسا منذ سنوات"

وكشف رئيس تحرير صحفية نمساوية أن منفذ هجمات فيينا يبلغ من العمر 20 عاما ووُلد ونشأ في العاصمة فيينا وكان معروفا لدى المخابرات المحلية لأنه كان بين 90 إسلاميا نمساويا أرادوا السفر إلى سوريا.

وأضاف فلوريان كلينك رئيس تحرير صحفية فالتر في تغريدة على تويتر، أن المهاجم كارتين إس من "أصل ألباني" لكن والديه من مقدونيا الشمالية.

وكان مسلحون، منهم من قتلته الشرطة، قد هاجموا ستة مواقع في وسط فيينا مساء الاثنين في عملية بدأت خارج المعبد اليهودي الرئيسي.

وروى شهود أن المهاجمين فتحوا النار على الموجودين داخل حانات من بنادق آلية حين كانت المنطقة مزدحمة في الليلة الأخيرة قبل سريان حظر تجول على مستوى البلاد فُرض للحد من تفشي كوفيد-19.

وقال نيهامر إن تسجيلات فيديو صودرت من منزل المهاجم أثناء عملية تفتيش والشرطة تحقق في اتصالاته.

وأغلقت الشرطة أغلب المنطقة التاريخية بوسط فيينا وحثت الناس على الاختباء في أماكنهم. ولجأ كثيرون إلى الحانات والفنادق في حين أوقفت المواصلات العامة في المدينة القديمة وجاب رجال الشرطة أرجاء المدينة.

وأظهرت لقطات مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي مسلحا يجري في شارع مرصوف وأظهر مقطع آخر مسلحا يطلق النار على شخص خارج ما بدا أنها حانة في الشارع الذي يقع به المعبد اليهودي.

ووقعت عمليات إطلاق النار في وقت مبكر من المساء، قبيل ساعات من دخول إجراءات الإغلاق العام المرتبطة بكوفيد-19 التي اضطرت النمسا لإعادة فرضها في محاولة للسيطرة على الموجة الوبائية الثانية التي تمرّ بها البلاد.

وقال شاهد ردّاً على سؤال لقناة تلفزيونية إنّه رأى "شخصاً يركض حاملاً سلاحاً رشاشاً وكان يطلق النار بوحشية"، ووصلت الشرطة عندها إلى المكان وردّت عليه بالرصاص. وأورد شاهد آخر أنّ "ما لا يقلّ عن خمسين عياراً نارياً" تم إطلاقها.

ودان المستشار النمسوي سيباستيان كورتز "الهجوم الإرهابي المثير للاشمئزاز".

وقال كورتز في تغريدة على تويتر "نحن نجتاز ساعات عصيبة في جمهوريتنا"، مشدّداً على أنّ "شرطتنا ستتعامل بحزم مع مرتكبي هذا الهجوم الإرهابي المثير للاشمئزاز (...) لن نرضخ للإرهاب وسنحارب هذا الهجوم بكل ما أوتينا من قوّة".

وأضاف أن المهاجمين "محترفون للغاية" في طريقة تنفيذهم للهجوم وكانوا مسلحين جيدا.

وأوضح كورتس أن الهجوم إرهابي في طبيعته بالتأكيد. وأشار إلى أنه بما أن العديد من المشتبه بهم ما زالوا طلقاء، فإنه لا توجد وسيلة لمعرفة ما إذا كانت فيينا ستتمكن من العودة إلى الحياة الطبيعية الثلاثاء.

للل

ويأتي هذا الهجوم الجديد الذي وقع في عاصمة أوروبية تشتهر بمستوى الجريمة المنخفض فيها، في مناخ متوتّر للغاية تشهده أوروبا منذ أسبوعين.

وفي 16 أكتوبر، أقدم شاب شيشاني إسلامي متطرّف على قطع رأس المدرّس الفرنسي سامويل باتي قرب باريس لأنّ أستاذ التاريخ عرض على تلامذته أثناء درس عن حرية التعبير رسوماً كاريكاتورية تُمثّل النبي محمد.

وما هي إلا أيام حتى شهدت مدينة نيس في جنوب شرق فرنسا هجوماً بسلاح أبيض في كنيسة نوتردام أسفر عن ثلاثة قتلى ونفّذه شاب تونسي يدعى يبلغ من العمر 21 عاماً.

وتواترت التعازي من مختلف أرجاء العالم وأبدى كبار المسؤولين من الاتحاد الأوروبي وفرنسا والنرويج واليونان والولايات المتحدة شعورهم بالصدمة من الهجوم.

وفي باريس قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تغريدة على تويتر بالفرنسية وبالألمانية "نحن الفرنسيين نشاطر الشعب النمسوي مشاعر الصدمة والألم بعد فرنسا، ها هو بلد صديق يتعرّض للهجوم. إنّها أوروبا خاصّتنا. على أعدائنا أن يدركوا مع من يتعاملون. لن نتنازل عن شيء".

بدوره أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أنّ الاتّحاد الأوروبي "يدين بشدة الهجوم المروّع" في فيينا، واصفاً إياه بـ"العمل الجبان".

وقال ميشال في تغريدة على تويتر إنّ "أوروبا تدين بشدة هذا العمل الجبان الذي ينتهك الحياة وقيمنا الإنسانية. أتعاطف مع الضحايا ومع سكّان فيينا بعد الهجوم المروّع هذا المساء. نحن نقف إلى جانب فيينا".

وأعرب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن "صدمته وتأثره" جرّاء هذه "الهجمات"، واصفاً في تغريدة الاعتداء بأنّه "عمل جبان وعنيف وحاقد. أتضامن مع الضحايا وعائلاتهم ومع سكّان فيينا. نحن نقف إلى جانبكم".

من ناحيته قال رئيس البرلمان الأوروبي الإيطالي دافيد ساسولي في تغريدة على تويتر إنّه "في كلّ أنحاء قارّتنا، نحن متّحدون ضدّ العنف والكراهية".

وندّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"العمل الإرهابي الشرير" الذي شهدته النمسا مساء الاثنين.

 وقال في تغريدة على تويتر "نصلّي من أجل سكّان فيينا بعد عمل إرهابي شرير آخر في أوروبا. هذه الهجمات الشرّيرة ضدّ الأبرياء يجب أن تتوقّف. الولايات المتّحدة تقف إلى جانب النمسا وفرنسا وسائر أوروبا في الحرب ضدّ الإرهابيين بمن فيهم الإرهابيون الإسلاميون المتطرّفون".

وأدان جو بايدن مرشح الرئاسة الأميركية الديمقراطي الهجوم "الإرهابي المروع" وأضاف "يجب أن نوحد صفوفنا في مواجهة الكراهية والعنف".