إدانة حقوقية لحملة تكميم الأفواه المنتقدة لإسرائيل بفرنسا

المرصد الأورومتوسطي يوثق تعرض اثنين من الطلاب للسحب والاعتداء الجسدي من قبل الشرطة ويطالب باريس بوقف حملة الملاحقة والاضطهاد.
الخميس 2024/05/02
فض الاعتصام بالقوة المفرطة

جنيف – يثير لجوء السلطات الفرنسية إلى استخدام العنف المفرط لقمع التظاهرات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين والمطالبة بوقف الحرب على غزة التي شهدتها جامعة السوربون انتقادات منظمات حقوقية التي تطالب باريس بكف يدها عن إسكات وترهيب الأصوات الناقدة لإسرائيل.  

وأعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الأربعاء، عن بالغ قلقه وإدانته لتصاعد "حملة تكميم الأفواه وفرض نهج القمع وترهيب الأصوات المناصرة للفلسطينيين والمنتقدة لإسرائيل في فرنسا، بما ينطوي عليه ذلك من انتهاك صارخ للحق في حرية الرأي والتعبير والحق في التجمع السلمي".

وقال المرصد، ومقره جنيف، في بيان صحافي نشره على موقعه الإلكتروني، إنه رصد خلال الأيام الماضية "زيادة حدة القمع الرسمي والمؤسسي ضد طلبة الجامعات الفرنسية المتظاهرين سلميا ضد حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، في وقت شملت أشكال الترهيب الممارسة استهداف لشخصيات سياسية مناصرة لفلسطين من قبل الحكومة الفرنسية".

وأبرز قيام الشرطة بفض اعتصام طلابي داخل ساحة جامعة "السوربون" في العاصمة باريس "عنوة" في 29 أبريل، وإزالة خيام للاعتصام الاحتجاج على "استمرار جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي".

ووقعت الحادثة قبل أيام بعد قمع احتجاجات مماثلة في جامعة ساينس بو (العلوم السياسية) البحثية في باريس، مما أدى إلى قيام رئيس منطقة باريس الكبرى بقطع تمويل الجامعة المرموقة.

ووثق المرصد شهادات لطلبة من الجامعة أفادوا فيها بسلمية حراكهم الاحتجاجي للتضامن مع الفلسطينيين وسعيهم لزيادة الوعي بما يحدث من إبادة جماعية في غزة، إلا أن الشرطة فضت فعالياتهم بالقوة وأسقطت الخيام، وتعاملت مع العديد منهم بعنف بما في ذلك سحبهم على الأرض مما شكل صدمة لهم، بحسب المرصد.

واطلع المرصد على مقاطع فيديو توثق تعرض اثنين من الطلاب للسحب والاعتداء الجسدي من قبل عناصر الشرطة الفرنسية، علما أنه في اليوم نفسه أغلقت إدارة الجامعة المباني خلال الاحتجاجات السلمية، بينما ردد الطلاب شعارات منها "فلسطين الحرة"، وأخرى تدعو إدارة الجامعة إلى إدانة إسرائيل.

وبررت الشرطة الفرنسية فض الاعتصام داخل جامعة السوربون بأنه تم بناء على طلب من سلطات الجامعة، فيما رفضت التعليق على مشاهد دخول عناصرها وتطويقهم الخيام التي أقامها الطلاب، ثم قيامهم بسحب الطلاب بالقوة من الخيام وإخراجهم من الجامعة.

اعتداءات على المتظاهرين
اعتداءات على المتظاهرين

ونبه المرصد الأورومتوسطي إلى صورة أخرى للقمع والترهيب تمثلت في استدعاء الشرطة الفرنسية "ماتيلد بانو" وهي زعيمة حزب يساري فرنسي ورئيسة كتلة برلمانية، وذلك بتهمة "تبرير الإرهاب".

وصرحت بانو بأن هذه هي المرة الأولى في تاريخ فرنسا الحديث التي يتم فيها استدعاء رئيس كتلة برلمانية "لأسباب بهذه الخطورة"، محذرة من الاستغلال الخطير للعدالة بهدف القمع السياسي ومنع الحريات العامة.

من جهته انتقد حزب فرنسا الأبية - الذي يعتبر حاليا أقوى قوة سياسية يساريه في فرنسا - ما اعتبره تآكلا لحرية الحق في الرأي والتعبير فيما يتعلق بإدانة ارتكاب إسرائيل "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. 

ووصف زعيم الحزب والمرشح الرئاسي السابق جان لوك ميلينشون استدعاءات الشخصيات السياسية المنتقدة لإسرائيل بأنها حدث غير مسبوق في تاريخ الديمقراطية الفرنسية، متهما السلطات بـ"حماية الإبادة الجماعية” التي تجري في القطاع.

كما طالت حملات الترهيب الناشطة الفرنسية من أصل فلسطيني والمرشحة للبرلمان الأوروبي ريما حسن. واستدعت الشرطة الفرنسية حسن بسبب دفاعها عن غزة، بتهمة "تبرير الإرهاب".

وأعربت حسن لصحيفة لوموند الفرنسية عن قلقها بشأن المناخ المحيط بالأصوات السياسية الناشطة في فرنسا بشأن القضية الفلسطينية، منددة بالضغوط السياسية التي تهدف إلى المساس بالحريات العامة وتهديد حالة الديمقراطية، خاصة في سياق الانتخابات البرلمانية الأوروبية المقرر إجراؤها في يونيو المقبل لحظة سياسية حاسمة لمستقبل الشعب الفرنسي.

وتمثل محاكمة حسن بتهم واهية، في خضم حملتها الانتخابية، انتهاكا صارخا لحقها في الترشح وحرية الانتخابات البرلمانية، مما يثير مخاوف بشأن تجريم فرنسا المتزايد لجهود نشر الوعي حول الانتهاكات الإسرائيلية في غزة.

وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الحكومة الفرنسية بكف يدها عن المتظاهرين والأصوات المناصرة للفلسطينيين ووقف حملة الملاحقة والاضطهاد ضدهم وضمان احترام كامل حقوقهم المدنية والحريات العامة والحق في التظاهر السلمي.