إدانات لمقترح نتنياهو بإقامة دولة فلسطينية في السعودية

القاهرة – أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول إقامة دولة فلسطينية على الأراضي السعودية استنكار القاهرة ومنظمة التحرير الفلسطينية، حيث وصفها بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية بأنها "منفلتة".
وتأتي تصريحات نتنياهو بعد أيام من إفصاح الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن مخطط للسيطرة على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه.
وقالت الوزارة "ترفض جمهورية مصر العربية بشكل كامل هذه التصريحات المتهورة والتي تمس بأمن المملكة وسيادتها، وتؤكد على أن أمن المملكة العربية السعودية الشقيقة واحترام سيادتها هو خط أحمر لن تسمح مصر بالمساس به، ويعد استقرارها وأمنها القومي من صميم أمن واستقرار مصر والدول العربية لا تهاون فيه".
وأضافت "تشدد جمهورية مصر العربية على أن هذه التصريحات الإسرائيلية المنفلتة تجاه المملكة العربية السعودية تعد تجاوزا مستهجنا وتعديا على كل الأعراف الدبلوماسية المستقرة، وإفتئاتا على سيادة المملكة العربية السعودية وعلى حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وغير القابلة للتصرف في إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وفقا لخطوط الرابع من يونيو 1967".
وأكدت مصر على "وقوفها إلى جانب المملكة العربية السعودية بشكل كامل ضد هذه التصريحات المستهترة"، داعية المجتمع الدولي إلى إدانتها وشجبها بشكل كامل.
وبدورها، نددت منظمة التحرير الفلسطينية، السبت، بتصريحات أدلى بها نتنياهو.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ "ندين بشدة الموقف الإسرائيلي الذي يستهدف المملكة العربية السعودية وسيادتها والذي يدعو لإقامة دولة فلسطينية على أراضيها، ونعتبره خرقا للقانون الدولي والمواثيق الدولية."
وأضاف في منشور على منصة إكس "نؤكد أن دولة فلسطين لن تكون إلا على أرض فلسطين ونثمن مواقف المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا التي تنادي دوما بتطبيق الشرعية الدولية والقانون الدولي والملتزمة بحل الدولتين كأساس للأمن والاستقرار والسلام في المنطقة."
وكان نتنياهو قد رد في مقابلة على القناة "14" العبرية بشأنّ تمسك السعودية بإقامة دولة فلسطينية من أجل تطبيع العلاقات مع إسرائيل بالقول "يمكن للسعوديين إنشاء دولة فلسطينية في السعودية، لديهم الكثير من الأراضي هناك"
وقال نتنياهو إن "السعودية لديها مساحات شاسعة، يمكنهم إقامة الدولة الفلسطينية هناك".
وأضاف في مقابلة مع القناة الإسرائيلية المقربة منه "لا يمكننا السماح بإقامة دولة فلسطينية هنا بعد أحداث السابع من أكتوبر".
واعتبر نتنياهو أنّ تصريحات السعودية حول ضرورة إقامة دولة فلسطينية لتطبيع العلاقات مع تل أبيب "ليست بالضرورة مؤشرا على الموقف النهائي لها".
وتابع قائلا إنّ "الرياض لا تشترط إقامة دولة فلسطينية للتطبيع مع إسرائيل".
وعبر هذا التصريح، يبدو نتنياهو وكأنه يعرض خيارا وهميا لا يمكن قبوله من السعوديين والفلسطينيين أو المجتمع الدولي عامة، إذ جددت الخارجية السعودية في بيان الأربعاء، رفضها إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية مستقلة، مؤكدة أن "هذا الموقف الثابت ليس محل تفاوض أو مزايدات"، وأنها أبلغت الإدارة الأميركية الحالية بذلك.
واشترطت السعودية في أكثر من مناسبة، موافقة الحكومة الإسرائيلية على قيام دولة فلسطينية على حدود 1967، مقابل تطبيع العلاقات.
وقال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن السعودية أصدرت أكثر من مرة بيانات تؤكد من خلالها على أنه لا تطبيع مع إسرائيل بدون قيام دولة فلسطينية.
وأضاف في تصريح لموقع "المصرى اليوم" أن الضغوط الأميركية إلى جانب تصريحات نتنياهو، محاولة للضغط على المملكة، خاصة قبل الجولة التي سيجريها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في المنطقة لاستطلاع عملية اقتراح ترامب بإعادة إعمار غزة وترحيل الفلسطينيين منها، بالإضافة إلى استئناف عملية الاتفاقات الإبراهيمية المتعلقة بتطبيع الدول العربية مع إسرائيل، لاسيما تطبيع السعودية مع تل أبيب.
وأكد أن الأمر يتطلب موقفا عربيا عاجلا وموحدا ضد هذه السياسة الاستعمارية، مشددا على أن تصريحات دونالد ترامب جريمة حرب، وفقا للقانون الدولي.
وتقول إسرائيل إنها بدأت الاستعدادات لمغادرة الفلسطينيين "الطوعية" من غزة على الرغم من الرفض الدولي لخطة ترامب.
وحاول مسؤولون في إدارة ترامب التراجع عن بعض جوانب الاقتراح بعد أن قوبل برفض واسع النطاق دوليا، قائلين إن نقل الفلسطينيين سيكون مؤقتا. لكن لم يقدموا سوى القليل من التفاصيل.
وطرح ترامب، الثلاثاء، خلال استقباله نتنياهو في البيت الأبيض فكرة غير مسبوقة تقضي بأن تتولى الولايات المتحدة زمام الأمور في غزة بهدف إعادة إعمارها وتطويرها اقتصاديا بعد أن يتم نقل سكان القطاع الفلسطيني إلى مصر والأردن اللذين سارعا إلى رفض هذه الفكرة، على غرار ما فعل الفلسطينيون أنفسهم ودول عديدة حول العالم.
وفي ظل موجة عارمة من الرفض والانتقادات العربية والدولية لمخطط الرئيس الأميركي أظهر الأخير تراجعا عن مواقفه حيث قال ترامب الجمعة إنه "ليس في عجلة من أمره" لتنفيذ خطته للسيطرة على غزة وإعادة تطويرها.
كما تراجع أيضا عن موقفه واستبعد نشر قوات أميركية لتنفيذ رؤيته لإعادة بناء القطاع.
وقال "في الأساس، ستتعامل الولايات المتحدة مع الأمر كمعاملة عقارية، حيث سنكون مستثمرين في ذلك الجزء من العالم"، مضيفا أنه "لا يوجد استعجال لفعل أي شيء."
وظهرت فكرة إعادة تطوير غزة بشكل جذري بعد وقت قصير من بدء إسرائيل حملتها على القطاع الساحلي الضيق في أعقاب الهجوم الذي قادته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، لا سيما من جانب جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي الذي ساعد بصفته مبعوثا خاصا للشرق الأوسط في ولاية ترامب الأولى في تعزيز تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.
وسبق أن وصف كوشنر الصراع العربي الإسرائيلي بأكمله بأنه "ليس أكثر من نزاع عقاري بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، بحسب تعبيره.
وقال في فعالية في هارفارد في فبراير 2024 "العقارات على الواجهة البحرية لغزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة، إذا ما ركز الناس على توفير سبل العيش".
وكان كوشنر نفسه مطورا عقاريا في نيويورك قبل ولاية ترامب الأولى.