إخوان الأردن يفقدون عرّاب الجماعة عبداللطيف عربيات في مرحلة سياسية حرجة

انفتاح الملك عبدالله الثاني على بقية التيارات يفقد الجماعة الوجه الجامع، ومهندس التمكين في وزارة التربية مثّل قناة دائمة مع السلطات.
الأحد 2019/04/28
عبداللطيف عربيات عراب الود مع السلطة

عمان - وصف متابعون للشأن الأردني بأن وفاة عبداللطيف عربيات مثلت خسارة كبيرة لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، كونه كان عراب الودّ بين الجماعة وأجهزة الدولة ومؤسساتها، وخاصة المؤسسة الملكية، وأنه كلما توتّرت العلاقة بين الطرفين كان لعربيات دور في تبريد أسباب الخلاف.

يأتي هذا في وقت تجد فيه الجماعة نفسها في وضع معقّد في ضوء انفتاح العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني على بقية التيارات ما يفقد الإخوان الوجه الجامع، خاصة أن مواقف الجماعة وأنشطتها باتت مكشوفة للديوان الملكي.

ويحسب لعربيات أنه كان صوت الحكمة داخل الجماعة، وأنه ساهم مع آخرين من الجيل الأول في منع الانزلاق إلى انقسامات متتالية. ومن شأن رحيله أن يفتح الباب مجددا أمام الصراعات على المواقع داخل التنظيم بين ما بات يعرف بالصقور والحمائم، وهي صراعات باتت معلومة لدى الأردنيين، ومرشحة للمزيد من الخلافات والانشقاقات.

ووصف مراد العضايلة، الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، الراحل بأنه “رجل جامع″، وأنه “كان موضع اتفاق في صفوف الحركة الإسلامية، حيث كان الجميع يتوجهون إليه عند حدوث اختلاف”.

ويلفت المراقبون إلى أن الخسارة الأهم في رحيل عربيات هي خسارة خبرات الرجل وعلاقاته داخل الدولة، خاصة أنه عمل في مواقع متقدمة داخل مؤسسات الدولة، خاصة حينما عمل كأمين في وزارة التربية والتعليم ولعب دورا بارزا في تغيير المناهج الدراسية ما ساعد الإخوان على وضع أيديهم على إحدى أهم الوزارات.

وكان من نتائج الاختراق الإخواني لوزارة التربية والتعليم تخريج دفعات متأثرة بأفكارهم وموالية لهم، وهو ما تبدى بشكل جلي في سيطرتهم لفترات طويلة على نتائج انتخابات المعلمين والأطباء والمهندسين، واتحاد الجامعة الأردنية.

وولد عربيات عام 1933 في مدينة السلط، غربي العاصمة عمان، ودرس الهندسة الزراعية في جامعة بغداد العراقية، وأكمل دراسته العليا للماجستير والدكتوراه في جامعة تكساس الأميركية. وتقلد العديد من المناصب، كان أبرزها رئاسة مجلس النواب، في دورته الحادية عشرة من 1990 حتى 1993.

وكشفت الجماعة خلال موجة الربيع العربي في 2011 عن وجه مغاير لما كانت توهم به السلطات والشارع الأردني في السابق.

في صدام دائم
في صدام دائم

وبعد أن كانت تحرص على الظهور كطرف مكتف بالمشاركة في البرلمان، وحريص على عدم إغضاب السلطة، غيرت مطالبها بشكل مفاجئ في محاولة لاستثمار موجة الصعود الإخواني إقليميا، وهو ما حدا بالسلطات إلى تغيير تعاملها مع التنظيم الذي عمل على ركوب موجة الاحتجاجات وفرض تعديلات دستورية لتكريس نفوذه.

واتهم الملك عبدالله الثاني جماعة الإخوان بأنها “اختطفت الربيع العربي”. وقال في مقابلة مع قناة “بي.بي.أس″ الأميركية إن “الربيع العربي قام به شباب يسعون إلى التغيير، إلا أنه تم اختطافه لاحقا من قبل جماعة الإخوان”. وكشف عن أن بلاده دعت الإخوان إلى أن يكونوا جزءا من العملية السياسية لكنهم رفضوا.

ونجح الملك عبدالله بعد فترة في احتواء الحراك لتجد الجماعة نفسها معزولة، وازدادت أزمتها مع انهيار حكم جماعة الإخوان في مصر في العام 2013، لتتعرض لموجة من الانشقاقات اتهمت حكومة عبدالله النسور (2012-2016) بالوقوف خلفها.

واستمرت فترة البرود بين السلطات الأردنية والجماعة منذ ذلك الوقت قبل أن يكسرها لقاء جمع العاهل الأردني منذ أيام بأعضاء كتلة الإصلاح النيابية التابعة للإخوان، وهو لقاء بمثابة اختبار للجماعة ومدى استعدادها للتراجع عن خيار التصعيد.

وفي العام 2017 أعادت الجماعة تنظيم صفوفها وسعت إلى التقرب مجددا من السلطة حيث شاركت في الانتخابات المحلية وبعدها النيابية بعد مقاطعة الاستحقاقين لسنوات، وهي ترى اليوم أن الوضع الداخلي والضعف الذي يعتري السلطة يخولان لها فرض نفسها مجددا رقما صعبا في المعادلة.

1