إخوان الأردن يتقدمون في الانتخابات لينافسوا السلطة على التصعيد اللفظي ضد إسرائيل

عمان – أظهرت نتائج رسمية الأربعاء تقدم الإسلاميين في نتائج الانتخابات البرلمانية الأردنية مستفيدين من الغضب الشعبي إزاء الحرب في غزة، ما يجعلهم في الواجهة لمنافسة السلطة على التصعيد اللفظي ضد إسرائيل.
وشهد الموقف الأردني من إسرائيل تغييرا لافتا في الأشهر الأخيرة، لكن لن يتجاوز التصريحات التي تنتقد إسرائيل باعتماد صياغات من نوع ضرورة ردع “انتهاكات إسرائيل الجسيمة” وحظر وصول السلاح إلى إسرائيل، وأن استمرار الاحتلال هو “أساس الشر”. ورغم التصعيد الكلامي ضد إسرائيل ظلت المملكة الهاشمية حريصة كل الحرص على الإبقاء على علاقاتها، خصوصا الاقتصادية، مع إسرائيل كما هي.
ويُعزى الموقف الأردني الناقد لسياسات إسرائيل في غزة والضفة والتحذير من التهجير، في جزء منه، إلى قطع الطريق على المزايدات التي يقوم بها الإسلاميون في مجتمع يمثل فيه الأردنيون من أصول فلسطينية ثقلا كبيرا.
وأثارت دعوة حماس عشائرَ الأردن إلى الانضمام لمعركة طوفان الأقصى، من خلال الاحتجاجات اليومية والحث على كسر الحدود، غضب السلطات التي ردت عليها بقوة وحذرت من أنها لن تبقى مكتوفة الأيدي تجاهها ووصفتها بالمراهقة السياسية.
ولا يراعي الإسرائيليون الوضع الداخلي الحساس للأردن. وتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء عن “محاولات لتهريب” مقاتلين وأسلحة من الأردن إلى الضفة الغربية وإسرائيل بالرغم من أن السلطات الأمنية الأردنية سبق أن كشفت عن إحباط عملية تهريب أسلحة إيرانية إلى حماس، في خطوة لإظهار حرص المملكة على منع تهريب الأسلحة إلى الضفة.
وسبق لوزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن اتهم إيران بمحاولة إنشاء “جبهة إرهابية شرقية” ضد بلاده عبر الأردن، وذكر أن الحرس الثوري يقوم بتهريب الأسلحة من سوريا إلى الأردن ثم يتم نقلها إلى الضفة الغربية “حيث يتم إنشاء بنية تحتية إرهابية إيرانية – حمساوية”.
ومنذ اندلاع الحرب يشهد الأردن تظاهرات منتظمة تدعو إلى إلغاء معاهدة السلام الموقّعة بين الأردن وإسرائيل عام 1994. وقاد إخوان الأردن عددا من تلك الاحتجاجات لدعم حركة حماس، التي تمثل فرع الجماعة في الداخل الفلسطيني، ما سمح لهم بزيادة شعبيتهم ومكنهم من تحقيق اختراق في نتائج الانتخابات.
وقال مراقب عام جماعة الإخوان المسلمين في الأردن مراد العضايلة، الأربعاء، إن حزب جبهة العمل الإسلامي، الواجهة السياسية للجماعة، حصل على 32 مقعدا من أصل 138، محققا تقدما لافتا في الانتخابات النيابية التي شهدتها البلاد الثلاثاء.
وأضاف أن الحزب حصل على 18 مقعدا من أصل 41 للمقاعد المخصصة للأحزاب ضمن الدائرة العامة، وبواقع نحو نصف مليون صوت، و14 مقعدا على مستوى الدائرة المحلية.
لكن هيئة الانتخابات أعلنت مساء الأربعاء حصول حزب جبهة العمل الإسلامي على 31 مقعدا من أصل 138 مقعدا في البرلمان.
وسجل الحزب الإسلامي تقدما لافتا في الانتخابات التي أجريت هذه المرة في ضوء قانون جديد يستهدف تعزيز دور الأحزاب السياسية في البرلمان، بينما اقتصر حضور الأحزاب في الانتخابات الأخيرة عام 2020 على 12 مقعدا توزعت على 4 أحزاب، حصل حزب جبهة العمل الإسلامي على 5 منها.
واستفاد الحزب من قانون جديد يستهدف تعزيز دور الأحزاب السياسية في البرلمان المؤلف من 138 مقعدا، على الرغم من استمرار هيمنة العشائر والأطراف الموالية للحكومة على البرلمان.
وقال وائل السقا، أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، “الأردنيون منحونا الثقة الكبيرة بتصويتهم لحزب جبهة العمل الإسلامي. والمرحلة القادمة ستزداد بها المسؤولية على الحزب تجاه الوطن والمواطن”.
وبموجب الدستور يستأثر الملك بمعظم السلطات، فهو يعين الحكومات ويمكنه حل البرلمان. ويستطيع البرلمان إجبار الحكومة على الاستقالة من خلال التصويت بحجب الثقة.
وأبقى القانون الجديد على نظام انتخابي يميل بقوة لصالح مناطق العشائر ومناطق ذات كثافة سكانية منخفضة على حساب مدن مكتظة يشكل الأردنيون من أصل فلسطيني الثقل السكاني فيها وهي مراكز قوة للإسلاميين وفيها اهتمام كبير بالسياسة.
ويقول المسؤولون الأردنيون إن إجراء الانتخابات عموما وسط استمرار الحرب في غزة والصراعات الإقليمية الأخرى يُظهر الاستقرار النسبي للبلد.
وأظهرت النتائج الرسمية الأولية أن نسبة المشاركة من الناخبين المؤهلين البالغ عددهم 5.1 مليون ناخب بالأردن في الانتخابات التي جرت الثلاثاء كانت منخفضة عند 32.25 في المئة، بزيادة طفيفة عن نسبة 29 في المئة خلال الانتخابات السابقة عام 2020.
وتم السماح لجماعة الإخوان المسلمين بالعمل في الأردن منذ عام 1946. لكنها صارت محل شكوك بعد أحداث الربيع العربي الذي شهد مواجهات بين الإسلاميين والسلطات في العديد من البلدان العربية.
وقُسّمت المملكة إلى 18 دائرة انتخابية، ويتنافس على مقاعد المجلس 1640 مرشحا؛ 1258 من الذكور و382 من الإناث.
ويشكّل مجلس النواب المنتخب أحد جناحي مجلس الأمة الأردني الذي يضمّ أيضا مجلس الأعيان المؤلف من 69 عضوا يعينهم الملك.
ويمكن للبرلمان حجب الثقة عن الحكومة وإقرار القوانين وإصدار التشريعات. وبموجب الدستور الأردني يعيّن الملك الحكومات ويحقّ له حلّ البرلمان وإعلان الحرب وعقد الصلح وإبرام المعاهدات والاتفاقات.
وأثّرت حرب غزة على قطاع السياحة، إحدى ركائز الاقتصاد الذي تشكّل مداخيله نحو 14 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
وقال وزير السياحة مكرم القيسي في نهاية العام الماضي إن حرب غزة تكبّد القطاع السياحي خسائر تتراوح بين 250 و281 مليون دولار شهريا.
وعانى الاقتصاد الأردني بشدة خلال العقدين الماضيين جراء النزاعات في العراق وسوريا المجاورين، واستضاف مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين يشكّلون عبئا إضافيا على كاهل المملكة محدودة الموارد، كما عانى من وباء كوفيد.