إخواننا.. دراما تتناول العنصرية ضد المهاجرين المغاربة في فرنسا

فيلم روائي يسلط الضوء على الخطاب السياسي الفرنسي إبان تظاهرة للطلبة في عام 1986.
الاثنين 2022/12/12
قصة مسكوت عنها

الجزائر - قدم الفيلم الروائي الطويل الجزائري “إخواننا” لرشيد بوشارب في عرضه الشرفي الأول بالجزائر، وهو عمل درامي يتناول مسألة العنصرية والتمييز في فرنسا ضد أبناء المهاجرين المنحدرين من أصول جزائرية ومغاربية.

ويتطرق هذا العمل، المنتج في العام 2020 والمقتبس عن أحداث حقيقية، لقصة الجزائريين مليك أوسكين وعبدال بن يحيى، اللذين قتلا بوحشية إبان تظاهرة للطلبة الفرنسيين بالعاصمة الفرنسية باريس في 1986، حيث خلف مقتلهما غضبا عارما في المجتمع الفرنسي ولدى الجالية الجزائرية والمغاربية هناك.

ويدور الفيلم أساسا حول جريمة قتل الطالب أوسكين (22 عاما) فهي الاكثر حضورا، إذ أنهت الشرطة الفرنسية حياته في السادس من ديسمبر أثناء قمعها لتظاهرة طلابية ضد مقترح قانون حكومي لإصلاح يمس الجامعة، وقد تعرض خلالها للضرب والرفس الوحشيين ليلقى حتفه حتى قبل وصوله المستشفى، في حين أن بن يحيى (20 عاما) قد قتل من طرف قائد شرطة “مخمور”.

الفيلم مقتبس عن أحداث حقيقية لقصة الجزائريين مليك أوسكين وعبدال بن يحيى، اللذين قتلا بوحشية إبان تظاهرة للطلبة الفرنسيين بباريس
الفيلم مقتبس عن أحداث حقيقية لقصة الجزائريين مليك أوسكين وعبدال بن يحيى، اللذين قتلا بوحشية إبان تظاهرة للطلبة الفرنسيين بباريس

ويبرز الفيلم كيف أن السلطات الفرنسية قد عملت على تقزيم مقتل الشابين وعدم إدانة السلوك الهمجي للشرطة لولا التحرك الكبير للجمعيات ومحاميي الضحيتين الذي اضطرها للتدخل من أجل تهدئة الوضع إضافة إلى إلغائها لمقترح قانون الإصلاح الجامعي، وعلى الرغم من إدانة شرطيين في هذه القضية إلا أن عقوبتهما “لم تكن عادلة”، حسب ما جاء في العمل.

وكتب سيناريو هذا الفيلم، ومدته 92 دقيقة، المخرج بوشارب والروائية الجزائرية كوثر عظيمي، وهو من بطولة رضا كاتب (محمد) ولينا خودري (سارة) في دور أخوي مليك، وسمير قاسمي في دور والد عبدال، وكذلك رافاييل بيرسوماز في دور مفتش الشرطة دانيال ماتي، وآدم عمارة في دور أوسكين، وفنانين آخرين.

واعتمد بوشارب في عمله على تكثيف الأرشيف من خلال استعمال أشرطة قديمة توثق لتلك الجريمة عبرت بعضها عن تدخلات كبار السياسيين الفرنسيين آنذاك على غرار الرئيس فرنسوا ميتران والوزير الأول جاك شيراك، وكذلك المظاهرات التي اجتاحت باريس تنديدا بهاتين الجريمتين وتخليدا لذكراهما في ظل تصاعد الغضب لدى أفراد الجالية الجزائرية والمغاربية في فرنسا.

وقدم هذا العمل في عرضه الشرفي الأول بمهرجان كان السينمائي الدولي بفرنسا في دورته الخامسة والسبعين التي انعقدت في وقت سابق من هذا العام، وقد اختير مؤخرا لتمثيل الجزائر في مسابقة الأوسكار 2023.

وقال بوشارب، الذي حضر العرض رفقة عدد من ممثلي العمل، إن فيلمه “يجمع بين الخيال والأرشيف، كما يسلط الضوء على الخطاب السياسي الفرنسي لذلك الوقت”، مضيفا أنه “ثالث عمل روائي طويل له يتناول موضوع العلاقات بين الجزائر وفرنسا بعد ‘الأنديجان’ (2006) و’خارجون عن القانون’ (2010)”.

الفيلم يبرز كيف أن السلطات الفرنسية قد عملت على تقزيم مقتل الشابين وعدم إدانة السلوك الهمجي للشرطة لولا التحرك الكبير للجمعيات ومحاميي الضحيتين

وأوضح أنه لم يسلط الضوء على نضال العائلة في سبيل الحصول على حق ابنها الذي قتلته الشرطة الفرنسية، بل إن الخيارات التي اتخذها في سيناريو العمل رفقة الكاتبة كوثر انتهت إلى التركيز فقط على الأيام الثلاثة للأحداث وكيف عاشت عائلة الضحية الانتظار لمعرفة مصير ابنها، مؤكدا أن القضية التي استغرقت أربع سنوات تستحق أكثر من فيلم، ويمكن معالجتها من زوايا نظر متعددة.

ورشيد بوشارب، من مواليد باريس في 1953، هو مخرج ومنتج فرنسي – جزائري، بدأ حياته المهنية كمساعد مخرج بالتلفزيون الفرنسي من 1977 إلى 1984 أنجز خلالها عدة أفلام قصيرة، قبل أن ينتج أول فيلم روائي طويل له في 1985 بعنوان “العصا الحمراء” ليقدم بعدها أعمالا أخرى على غرار “السنغال الصغيرة” (2001) و”غبار الحياة” (1995).

وعمل بوشارب أيضا على الانفتاح على السينما العالمية فانتقل إلى هوليوود بالولايات المتحدة فأنجز “لندن ريفر” (2009) وكذلك “طريق العدو” (2014) الذي شارك في أدائه الممثل الأميركي فورست وايتكر، وقد تعاون في كتابة سيناريوهات بعض أفلامه مع عدد من الكتاب الجزائريين على غرار عظيمي وياسمينة خضرا.

وتعكس أفلام بوشارب جميعها قضايا أفراد وجماعات وانشغالاتهم المشتركة في أكثر من بيئة ملتبسة لكنها تدور جميعها في فلك الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي.

وقدم فيلم “إخواننا” في إطار الطبعة الحادية عشرة لمهرجان الجزائر الدولي للسينما المخصص للفيلم الملتزم (فيكا) التي اختتمت فعالياتها السبت.

15