إحياء نواقل الحركة القديمة وسط طفرة السيارات الذكية

تقود مجموعة من الشركات مسار إحياء نواقل الحركة القديمة في السيارات وخاصة الرياضية ذات القوة الحصانية الهائلة، في كسر للنمط الذي بات سائدا في الإصدارات الحديثة بعد أن طوع المطورون التكنولوجيا في رسم معالم جيل جديد من المركبات يتم الاستغناء فيه عن أنظمة تغيير السرعات يدويا.
نيويورك- تعتبر جوردون موراي تي 50، سيارة صاروخية خفيفة الوزن بثلاثة مقاعد يتم إنتاجها لعشاق السرعة في إصدار محدود من 100 نسخة.
ومع أنها سيارة مجنونة، لكن الشيء الأكثر إثارة للاهتمام ليس ترتيب المقاعد، ولا مبتكرها، الذي تحمل اسمه، المهندس الجنوب أفريقي الذي صمم سيارة مكلارين أف 1، بل علبة التروس الذي تتيح تغيير السرعات يدويا.
وكانت هذ المركبة في طليعة الثورة ضد سيارات الدفع الرباعي الأوتوماتيكية والسيارات الكوبيه ذات ناقل الحركة اليدوي والمركبات الكهربائية دون تروس التي تهيمن على الطرق.
وحتى مع اختفاء ناقل الحركة في فئة المركبات الرياضية، فإن فئة من المستهلكين تطلب شيئا يعتبرونه أمرا مفروغا منه، ألا وهو ناقل الحركة اليدوي.
وطرحت الشركات الراسخة والقادمة حديثا على حد سواء العام الماضي نماذج مصممة لاستعادة اتصال غريزي بالقيادة. وكان أسبوع مونتيري للسيارات، وهو مهرجان سنوي للسيارات في أغسطس الماضي، مليئا بها.
وكشفت شركة باغاني عن ناقل حركة بست سرعات في رودستر يوتوبيا التي تبلغ قيمتها 3.4 مليون دولار، بينما قدمت شركة توثيل بورشه طراز جي.تي ون، وهو نسخة من بورشه جي.تي 1 – 911 التي توفر إعدادًا يدويًا بست سرعات.
وبالمثل، تجمع سيارة أستون مارتن لاجوندا فالور التي تبلغ قيمتها مليوني دولار، والتي تم إطلاقها في يوليو من هذا العام، بين ناقل حركة بست سرعات ومحركها بقوة 705 من الأحصنة.
ويقول سائق السباقات البريطاني داريو فرانشيتي لوكالة بلومبيرغ، وهو يخفض السرعة إلى منعطف، ويضبط توقيت تحرير القابض ببراعة إن “هذا عمل محفوف بالمخاطر”. وأضاف “أميل إلى السيارات التناظرية أكثر بسبب تجربة القيادة. أنا أحبها حقًا”.
وعندما ظهرت أولى العربات الآلية قبل عام 1900، كان على المشغلين مزامنة سرعة المحرك فعليا مع الترس المناسب للمحور الذي يدير العجلات. ومع مرور السنين، استخدمت بنتلي بلووير القوية والسيدان العائلية والكوبيه الرياضية هذا النظام اليدوي لتغيير السرعات.
وفي أواخر عشرينات القرن العشرين، كانت مايباخ تصنع نواقل حركة شبه أوتوماتيكية وسلسة وقوية لسيارات زبلين الفخمة، وبحلول نهاية العقد التالي، قدمت شركة جنرال موتورز نواقل الحركة الأوتوماتيكية بالكامل في الولايات المتحدة.
وفي الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين، بدأ الجميع في استخدامها لتسهيل القيادة.
واليوم، هناك اثنان فقط من المركبات الجديدة المباعة في الولايات المتحدة لديها نواقل حركة يدوية، وفقا لبيانات كارماكس.
ومعظم الشركات المصنعة، حتى العلامات الشهيرة للسيارات الرياضية مثل فيراري أن.في وأوتوموبيلي لامبورغيني أس.بي.أي، لم تعد تصنعها على الإطلاق.
ويقول ستيفان وينكلمان، رئيس شركة لامبورغيني ومديرها التنفيذي “هناك مجموعة صغيرة تطلب دائما ناقل الحركة اليدوي. لكننا نركز على فرص أكبر”.
ويمكن العثور على عدد قليل من الموالين عبر طيف الأسعار، إذ تقدم شركة جيب ناقل حركة يدوي في طرازي رانجلر وجلاديتور. وتصنع شركة بورشه ناقل حركة بست سرعات لبعض سياراتها 718 و911.
وأفادت شركة مازدا موتور كورب أن نسبة الإقبال على طراز أم.إكس 5 اليدوي تبلغ 60 في المئة.
ويقول إيان سكوت دوري، مصفف الشعر والأزياء المقيم في لوس أنجلس “أعتقد أنه مثلما يفضل السادة الشقراوات، يفضل السادة ناقل الحركة اليدوي”.
وأضاف وهو يستخدم ناقل الحركة اليدوي الرابع لسيارة مازدا مياتا “سيارتي مصنوعة لتحقيق أقصى قدر من القدرة على المناورة في جميع المواقف، والعصا جزء من ذلك. هناك شيء ما في الضغط على الدواسة والانطلاق بسرعة كبيرة”.
وتصنع شركة سوبارو طرازين بناقل حركة يدوي. ويقول المتحدث باسم الشركة أنه حتى أغسطس 2024، كانت 79 في المئة من مبيعات بي.آر.زد و87 في المئة من مبيعات دبليو.آر.إكس يدوية الصنع.
وقام تود تيمبلمان، وهو مصور مقيم في بورتلاند بولاية أوريجون، بتغيير ناقل الحركة في سيارته سوبارو دبليو.آر.إكس – أس.تي. آي – جي.آر موديل 2013 لمدة عقد من الزمن.
وبالنسبة إليه، يتعلق الأمر بالمتعة الحسية، صوت المحرك وهو يدور، والشعور بالقابض تحت قدميه، والرياح التي تتدفق عبر شعره من النافذة المفتوحة أثناء التجديف عبر التروس. ويقول إن “التبديل إلى سرعة أقل قبل المنعطف هو أحد أفضل المشاعر في العالم”.
لكنّ هؤلاء الموالين يظلون غريبين. ويؤكد إنريكو جالييرا، كبير مسؤولي التسويق والتجارة في فيراري، أن الشركة الإيطالية الشهيرة عرضت علب تروس يدوية حتى كاليفورنيا و”كان معدل الإقبال 0.001 في المئة”.
ويعتقد مارك رويس، رئيس شركة جنرال موتورز، أن تنفيذ ناقل الحركة اليدوي يولد تكاليف تمتد عبر خط الطراز وهي مرتفعة للغاية بحيث لا يمكن تبريرها.
وقال لوكالة بلومبيرغ إن “إضافة ناقل حركة يدوي ليس أكثر من مجرد جسر بعيد جدًا”، فقد صدرت آخر سيارة كورفيت يدوية في عام 2019.
ومن المنطقي أن يفضل معظم الناس أن تقوم السيارة بتغيير السرعات بنفسها، فالناقل الأوتوماتيكي أسرع وأكثر دقة. فمثلا، أي شخص التقى بإشارة مرور على تلة شديدة الانحدار أو عمل في حركة مرورية باستخدام قابض ثقيل ورباعي يسار نابض يعرف أن علب التروس اليدوية يمكن أن تسبب القلق والتعب، وعند استخدامها بشكل سيء، الصداع الميكانيكي والنفقات.
ويشير موريزيو ريجياني، كبير المسؤولين الفنيين السابق في لامبورغيني والمستشار الرئيسي لإسينتريكا، الشركة التي رممت سيارة ديابلو مقابل 1.35 مليون يورو (1.5 مليون دولار) لكل سيارة “كانت قيادة سيارة ديابلو الأصلية في الواقع وظيفة للرجال الأقوياء”.
وستتضمن نسخة أسهل في الاستخدام من ناقل الحركة اليدوي ذي الست سرعات الأصلي، والذي يتطلب أكثر من 40 كيلوغراما من الحمل فقط لدفع القابض.
ويقول ريجياني “إذا كان وزنك 50 كيلوغراما، فأنت في حاجة إلى وضع كل وزنك للدفع للأسفل. وهذا يولد وحشا للقيادة”. وتخفف السيارات ذات ناقل الحركة اليدوي القادمة إلى السوق الكثير من هذا الصراع، مع قوابض أخف وزنا ووسائل راحة حديثة مثل مطابقة الدورات في الدقيقة ومساعدة التلال، والتي تحافظ على السيارة في مكانها على المنحدرات.
كما أنها جذابة لأنها من المرجح أن تحتفظ بقيمتها أو حتى تكتسبها. وعلى سبيل المثال، ارتفعت كلفة الموديلات التي كانت آخر موديلات العلامة التجارية التي تحمل ناقل حركة يدوي. وفي السنوات الثلاث الماضية، ارتفع سعر سيارة لامبورغيني جالاردو 2004 بناقل حركة يدوي في حالة ممتازة بنسبة تزيد عن 35 في المئة، إلى 182 ألف دولار، وقيمتها المتوسطة أعلى بنسبة 50 في المئة من السيارات الأوتوماتيكية.
كما ارتفعت الأسعار بنسبة 21 في المئة لسيارة لامبورغيني مورسيلاغو 2002 بناقل حركة يدوي. والأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة إلى سيارة فيراري آي 412 موديل 1985 بناقل حركة يدوي في حالة ممتازة، حيث ارتفع سعرها بنسبة 50 في المئة، إلى 52 ألف دولار، وستكلف واحدة منها عموما 50 في المئة أكثر من السيارات الأوتوماتيكية.
جوردون موراي تي 50 تعتبر سيارة صاروخية خفيفة الوزن بثلاثة مقاعد يتم إنتاجها لعشاق السرعة في إصدار محدود من 100 نسخة
ومن بين السيارات على موقع المزادات برينغ آند ترايلر، والتي يتم تداولها بأسعار أكثر تواضعًا، يمكن أن يكون الفارق في السعر بين السيارات اليدوية والأوتوماتيكية كبيرًا. ومن بين أحدث 24 سيارة كوبيه من طراز بي.أم.دبليو إي 46 أم 3 سيارة رياضية من أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان متوسط سعر السيارات الأوتوماتيكية 28.9 ألف دولار. وبلغ متوسط سعر السيارات اليدوية 43.4 ألف دولار.
ويقول إيثان جيبسون، المتحدث باسم شركة أم.آر سوثيبيس “نرى أن المتغيرات اليدوية أصبحت مرغوبة بشكل كبير، وهي تناظرية وجذابة وميكانيكية ونادرة، وفي سوق هواة الجمع، تضيف الندرة قيمة فورية”.
ويضيف مصمم جينيسيس السابق، فيؤكد أن “الأشياء القديمة هي دائمًا ما فعلت ذلك من أجلي شعرت بارتباط لا يحدث مع الأشياء الحديثة”.
وكان جيبسون قد أسس شركة نيلو 27 خلال العام الماضي، ويقول إن محركا يدويا من 12 أسطوانة ذي السبع سرعات سيحل هذه المشكلة. وقال “يجب علينا القضاء على كل واجهة بين السائق والطريق.. نحن في حاجة إلى تغيير التروس”.