إجماع دولي على رفض تصريحات ترامب بشأن سيادة إسرائيل على الجولان

إعلان دونالد ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان يعد القنبلة الدبلوماسيّة الثانية التي تُفجّرها واشنطن، الحليف القوي لإسرائيل، في مساعيها لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.
الجمعة 2019/03/22
حقيقة تاريخية.. الجولان أرض سورية وستظل سورية

دمشق- نددت الحكومة السورية الجمعة بتصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب قال فيها إن الوقت حان للاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان وأكدت عزم سوريا على تحرير المنطقة "بكل الوسائل المتاحة".

كما انتقدت روسيا وإيران حليفتا دمشق تصريحات ترامب التي تمثل تحولا جذريا في السياسة الأميركية بشأن وضع المنطقة التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967 ثم ضمتها عام 1981 في خطوة لم تحظ باعتراف دولي.

وقال مصدر في وزارة الخارجية السورية إن تصريحات الرئيس الأميركي "تؤكد مجددا انحياز الولايات المتحدة الأعمى" لإسرائيل لكنها "لن تغير أبدا من حقيقة أن الجولان كان وسيبقى عربيا سوريا".

وأضاف "الشعب السوري أكثر عزيمة وتصميما وإصرارا على تحرير هذه البقعة الغالية من التراب الوطني السوري بكل الوسائل المتاحة" مضيفا أن تصريح ترامب "لا مسؤول" ويعكس "ازدراء للشرعية الدولية".

وكان ترامب قد قال الخميس إن الوقت حان لدعم السيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 وضمتها عام 1981، مما يعد تغيرا كبيرا في السياسة الأميركية ويعطي دفعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يسعى لإعادة انتخابه.

دعم علني

ويمثل الإعلان تحولا كبيرا في السياسة الأميركية، وسيعطي دفعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حملته للفوز بفترة جديدة في السلطة في انتخابات التاسع من أبريل.

وقال ترامب في تغريدة على تويتر "بعد 52 عاما، حان الوقت لاعتراف الولايات المتحدة الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي لها أهمية استراتيجية وأمنية حيوية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي!".

وقالت إيران إن التصريحات غير مشروعة وغير مقبولة وذكرت روسيا أن أي تغيير في وضع الجولان سيمثل انتهاكا مباشرا لقرارات الأمم المتحدة.

ونشرت إيران وروسيا قوات في سوريا لمساندة الرئيس بشار الأسد في الصراع الدائر في بلاده، كما تدعم إيران جماعات شيعية تحارب هناك مثل جماعة حزب الله اللبنانية التي تساند الأسد. ونقل التلفزيون الرسمي عن متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قوله “هذا الاعتراف غير المشروع وغير المقبول لا يغير حقيقة أنها تنتمي لسوريا”.

ويأتي الاعتراف قبل أسبوع من زيارة نتنياهو لواشنطن لمقابلة ترامب وإلقاء خطاب أمام لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك).

وضغط نتنياهو على الولايات المتحدة للاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، وأثار إمكانية الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية في أول اجتماع له مع ترامب بالبيت الأبيض في فبراير 2017.

وتمثل هذه الخطوة أقوى دعم علني يقدمه ترامب حتى الآن على ما يبدو لمساعدة نتنياهو في سباق انتخابي محتدم قبل الانتخابات العامة في وقت يواجه فيه مزاعم فساد. وينفي نتنياهو ارتكاب أي مخالفات.

ووجه نتنياهو الشكر لترامب على بادرته بشأن الجولان. وذكر مكتب نتنياهو أن رئيس الوزراء قال لترامب في اتصال هاتفي بعد الإعلان "إنه صنع تاريخا".

وقال مسؤول إسرائيلي إن من المتوقع أن يثير نتنياهو المسألة مجددا مع ترامب خلال زيارته لواشنطن.

وقال نتنياهو في تغريدة على تويتر "في وقت تسعى فيه إيران لاستخدام سوريا منصة لتدمير إسرائيل، يقدم الرئيس ترامب بشجاعة على الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان. شكرا الرئيس ترامب!".

وقال أيمن أبو جبل، أحد أفراد الطائفة الدرزية في الجولان المحتل "لا أميركا ولا إسرائيل.. لا ترامب أو نتنياهو سيغير الحقيقة التاريخية وهي أن الجولان أرض سورية وستظل سورية".

وفي القاهرة، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط إن أي اعتراف أميركي بسيادة إسرائيل على الجولان سيمثل ردة خطيرة في موقف الولايات المتحدة من الصراع العربي الإسرائيلي.

وأضاف "الجامعة العربية تقف بالكامل وراء الحق السوري في أرضه المحتلة، ولدينا موقف واضح مبني على قرارات في هذا الشأن، وهو موقف لا يتأثر إطلاقا بالموقف من الأزمة في سوريا".

وحدة الأراضي السورية

أما وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلوا فقال على تويتر إن بلاده "تدعم وحدة الأراضي السورية"، مضيفا أن "محاولات واشنطن إضفاء الشرعية على أفعال إسرائيل غير القانونية لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف في المنطقة". وفي الأمم المتحدة، أحجم المتحدث باسم الأمين العام أنطونيو غوتيريش عن التعليق على قرار ترامب.

وقال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية إن ترامب بحث خطوة الجولان خلال الأيام القليلة الماضية مع وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، ومستشاره وصهره جاريد كوشنر، والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط جيسون جرينبلات، والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان. وأضاف المسؤول أن "الجميع أيدوا الفكرة". ولم يوضح البيت الأبيض متى ستصدر وثائق رسمية تؤكد ما أعلنه ترامب على تويتر.

قرارات لا تنتهي
قرارات لا تنتهي

وفي الوقت نفسه ندد مسؤولون فلسطينيون بإعلان ترامب. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات على توتير "أمس اعترف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل واليوم يقول: من أجل أمن المنطقة يجب أن تكون هضبة الجولان السورية المحتلة تحت سيادة اسرائيل. ما الذي سيأتي به الغد؟ عدم استقرار وشلال دم في منطقتنا".

وقال عضو اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية واصل ابويوسف "الولايات المتحدة تستهتر بقرارات الشرعية الدولية. الجولان أرض سورية محتلة مثلها مثل الأراضي الفلسطينية والقرار الأميركي لن يغير شيئا من الواقع ولن تنجح الإدارة الأميركية في تغيير واقع أن الجولان أرض سورية محتلة مهما أخذت من قرارات".

كما قال ريتشارد هاس المسؤول الكبير السابق بوزارة الخارجية الأميركية الذي يرأس حاليا مجلس العلاقات الخارجية، وهو منظمة بحثية لا تهدف للربح، إنه يختلف تماما مع قرار ترامب بشأن الجولان.

وأضاف في تغريدة على تويتر أن الإجراء انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 "الذي يرفض السيطرة على الأرض بالحرب، ويخدم إسرائيل بالقول إن لكل الدول الحق في العيش بسلام".

ودعا القرار، الذي أقره المجلس عقب حرب 1967، إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة، وضمان حق دول المنطقة في العيش بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها.

وانتقدت جماعة الضغط "جيه ستريت" الليبرالية اليهودية-الأميركية تحرك ترامب، وقالت إن هذا الاعتراف الأميركي السابق لأوانه بالسيادة الإسرائيلية على الجولان خطوة استفزازية لا حاجة لها وتنتهك القانون الدولي.

وقال جيريمي بن عامي رئيس الجماعة "من الواضح أن هذه الخطوة التي اتخذها ترامب لا ترتبط بالمصالح الطويلة الأمد للولايات المتحدة أو إسرائيل لكنها ترتبط أكثر بتقديم هدية سياسية أخرى لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على أمل دعم فرصه في انتخابه لفترة جديدة الشهر المقبل".

خطة للسلام

وقد يعقد إعلان ترامب خطط إدارته لطرح خطته للسلام بالشرق الأوسط التي طال انتظارها بعد الانتخابات الإسرائيلية. والخطة، التي واجهت شكوكا عميقة حتى قبل الكشف عنها، لا تهدف لجمع الإسرائيليين والفلسطينيين على مائدة التفاوض فحسب، بل تسعى أيضا إلى تقريب إسرائيل بدرجة أكبر إلى جيرانها العرب المتحالفين مع واشنطن. لكن تلك الدول ترفض منذ زمن طويل ضم إسرائيل للجولان.

وظل تأييد ترامب القوي لإسرائيل موضع جدل في الولايات المتحدة. وقد وصف معارضيه في الحزب الديمقراطي بأنهم "ضد إسرائيل" و"ضد اليهودية" بعدما أقر أعضاء مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون قرارا في وقت سابق من مارس آذار يندد بكل أشكال التعصب وذلك دون توجيه توبيخ للنائبة الديمقراطية إلهان عمر بشأن تعليقات مزعومة ضد السامية.

إعلان ترامب قد يعقد خطط إدارته لطرح خطته للسلام بالشرق الأوسط
إعلان ترامب قد يعقد خطط إدارته لطرح خطته للسلام بالشرق الأوسط 

وحاول نتنياهو اصطحاب مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون في جولة بالجولان في يناير كانون الثاني لكن الطقس السيء حال دون الزيارة.

وقد يساعد الإعلان بشأن الجولان الرئيس الأميركي في تحسين موقفه في المعسكر المؤيد لإسرائيل داخل الولايات المتحدة خاصة بين أعضاء قاعدته من المسيحيين الإنجيليين قبل المؤتمر السنوي لأيباك، أقوى جماعة ضغط مؤيدة لإسرائيل، المقرر الأسبوع المقبل.

ومنتصف نوفمبر، صوتت الولايات المتحدة للمرة الاولى ضد قرار أممي يعتبر ضم اسرائيل للجولان "لاغيا وليس في محله". وكانت الدولة الوحيدة التي اتخذت هذا الموقف.

ويُعدّ إعلان الاعتراف بالجولان القنبلة الدبلوماسيّة الثانية التي تُفجّرها واشنطن، الحليف القوي لإسرائيل، في مساعيها لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.

ففي 2017، كسر ترامب تقليداً استمرّ عقوداً، واعترف بمدينة القدس المختلف عليها عاصمةً لدولة إسرائيل بدلاً من تلّ أبيب.

ووردت تلميحات أميركيّة في شأن مرتفعات الجولان قبل أسبوع، عندما غيّرت وزارة الخارجيّة وصفها لتلك المرتفعات، واستبدلت وصفها بـ"المحتلّة" بعبارة "التي تسيطر عليها إسرائيل".

Thumbnail