إجراءات كويتية صارمة بشأن رواتب العمال حماية لسمعة البلد الحقوقية

الحكومة الكويتية تهدد بملاحقة الشركات التي لا تلتزم بدفع رواتب عمّالها بشكل منتظم وتؤكد أن "سمعة الكويت فوق كلّ اعتبار".
السبت 2024/11/02
حقوق العمال قضية سمعة وحفاظ على مصلحة البلد

الكويت- لوّحت الحكومة الكويتية باتخاذ إجراءات صارمة في مواجهة أي مساس بحقوق العمال المادية وخصوصا الوافدين الذين يشكلون الغالبية العظمى في سوق الشغل بالبلاد من قبل الشركات وأصحاب الأعمال، وذلك حماية لسمعة البلد الحقوقية لدى المجتمع الدولي ولاسيما لدى شرائها مصدّري الأيدي العاملة إليها.

وهدّد الشيخ فهد اليوسف النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وزير الداخلية، بملاحقة الشركات التي لا تلتزم بدفع رواتب عمّالها بشكل منتظم، مشدّدا على أنّ “سمعة الكويت فوق كلّ اعتبار”.

ولم تخل علاقة الكويت مع بعض تلك البلدان خلال سنوات سابقة من تعقيدات بسبب تكرار حوادث الاعتداء على مواطنيها العاملين على الأراضي الكويتية وتواتر تشكياتهم من حالات تجاوز من قبل مشغّليهم على حقوقهم المالية من رواتب ومنح.

◄ فاتورة استقدام العمال من الخارج باتت محسوسة بشكل أكبر من خلال ارتفاع تحويلات الأجانب نحو بلدانهم الأصلية مشكّلة عبءا إضافيا على الدولة المعتمدة بشكل رئيسي على عوائد النفط

وألقت تلك العلاقة بظلالها في بعض الأحيان على سوق الشغل في البلاد حيث أدى امتناع بلدان بعينها عن إرسال مواطنيها للعمل في الكويت، وعزوف مواطني بلدان أخرى تلقائيا عن ذلك إلى نقص الأيدي العاملة في بعض القطاعات والمهن كما هي الحال بالنسبة إلى قطاع عمال المنازل الذي لا يزال يشهد اضطرابا منذ دخلت الكويت في تجاذبات مع الفلبين جرّاء تعرّض عدد من مواطنات هذا البلد لسلسلة من حوادث الاعتداء خلقت سمعة غير ملائمة للكويت في مجال معاملة هذا الصنف من العمالة.

وقال الشيخ فهد اليوسف خلال لقاء جمعه مع ممثلي عدد من الشركات إنه سيتم التعامل بكل حزم واتخاذ الإجراءات القانونية الفورية بحق الشركات التي تخالف قرار مجلس الوزراء بشأن دفع أجور عمال الشركات بانتظام، مؤكّدا أنه “لا أحد فوق القانون” الذي “سيطبق على الجميع بمسطرة واحدة”.

وربط الالتزام بإيفاء العمال حقوقهم المادية بالحفاظ على سمعة البلاد التي قال إنّه لن يُسمح لأحد بالإضرار بها، خصوصا في مجال حقوق الإنسان لأن “سمعة الكويت فوق كل اعتبار”.

كما تعهّد بأن يتابع أولا بأول التزام الشركات بدفع أجور عمالها، حيث أن تأخير وتخاذل بعض الشركات في دفع أجور العمال يدفعانهم إلى الاعتصام أو الإضراب، ما يترتب عليه تعطيل العمل.

وحذّر مخالفي القرارات الحكومية ذات الصّلة من أنه ستكون هناك جولات تفتيشية مكثفة على جميع الشركات للتأكد من تطبيقها قرار مجلس الوزراء وتسليمها الرواتب لأصحابها، مشددا على أنه سيتم اتخاذ إجراءات قانونية فورية بحق الشركات المخالفة.

◄ وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف يتعهد بمتابعة شخصية لملف رواتب العمال ويتوعد الشركات غير الملتزمة بدفعها بانتظام
وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف يتعهد بمتابعة شخصية لملف رواتب العمال ويتوعد الشركات غير الملتزمة بدفعها بانتظام

وفي المقابل تعهّد الشيخ فهد اليوسف بتقديم الحكومة جميع التسهيلات للشركات من أجل الإيفاء بمتطلباتها وفق النظم والقوانين المعمول بها.

وتستقبل الكويت الغنية بالنفط أعدادا كبيرة من العمال الأجانب، الكثير منهم من جنوب وجنوب شرق آسيا، ويعمل معظمهم في المنازل وقطاع البناء والخدمات.

ولا يسلم استقدام العمال من الخارج بحدّ ذاته من عمليات فساد وتلاعب واتّجار بالإقامات، وحتى بالبشر، في ظل الطلب الكبير في الكويت على الأيدي العاملة الوافدة الأمر الذي حوّل سوق العمل الكويتية إلى مجال للمضاربة والاحتيال اللذين كثيرا ما ينعكسان على ظروف عيش وإقامة العمال الأجانب وسائر حقوقهم من أجور وغيرها.

وتعمل الغالبية العظمى من الوافدين في القطاع الخاص الذي لا يمكن مقارنة الظروف والامتيازات التي يوفّرها للعاملين فيه بما يوفّره القطاع الحكومي المريح والمضمون من قبل الدولة وذو الامتيازات المالية الكبيرة، ما يجعله قبلة للمواطنين الكويتيين المعروفين بعزوفهم الشديد عن العمل في القطاع الخاص رغم الجهود والإجراءات الحكومية لتوجيههم نحوه.

وتحاول السلطات الكويتية منذ سنوات الدفع بمخطط لتعديل التركيبة السكانية وتطوير سوق العمل باتجاه توطين الوظائف الهادف إلى توظيف أكبر عدد ممكن من المواطنين في القطاعين العام والخاص بدلا من الوافدين الذين يغرقون سوق العمل ويشكلون الغالبية العظمى من سكان البلاد.

وتعدّ كثرة الوافدين وما انجرّ عنها من مشكلات متنوعة من أعقد الملفّات المطروحة على الحكومات الكويتية المتعاقبة التي أعلنت بشكل متكرّر نيتها معالجة المسألة، دون تحقيق نتائج عملية تذكر بسبب اصطدامها بعدة عوائق وتعقيدات، من بينها عدم توفّر العدد الكافي من الكوادر الوطنية المؤهلة لتعويض الوافدين وعزوف الغالبية العظمى من شباب الكويت عن العمل في مهن بسيطة وقليلة الدخل المادي.

وتشكّلت ظاهرة كثرة الوافدين في الكويت على مدى سنوات طويلة تميّزت بالوفرة المالية من جهة، وبالتساهل في عملية استقدام الوافدين إلى البلد إلى درجة ظهور تجارة غير مشروعة رائجة لجلب الآلاف من هؤلاء من بلدانهم ومنحهم إقامات في الكويت تكون أحيانا خارج القوانين المعمول بها والمنظمة للإقامة والشغل في البلاد.

لكن فاتورة استقدام العمال من الخارج باتت محسوسة بشكل أكبر من خلال ارتفاع تحويلات الأجانب نحو بلدانهم الأصلية مشكّلة عبءا إضافيا على الدولة المعتمدة بشكل رئيسي على عوائد النفط.

3