إجراءات صينية طارئة لإنقاذ قطاع العقارات المثقل بالديون

تراجع السوق العقارية الصينية يتجه نحو عامه الثالث، وهو ما يؤثر سلبا على نمو الاقتصاد ويفاقم أزمة السيولة النقدية لدى شركات التطوير العقاري.
السبت 2024/05/18
الوضع غير ملائم للشراء

بكين- اعتمدت السلطات الصينية إجراءات طارئة تهدف إلى تعويم قطاع العقارات المثقل بالديون، كخفض الحد الأدنى للدفعة الأولى المطلوبة من الراغبين بشراء منزل لأول مرة، وإمكانية استحواذ الحكومة على عقارات تجارية.

وهذه الخطوات هي الإجراءات الأكثر طموحا التي تلجأ إليها القوة الاقتصادية الثانية في العالم، لمساعدة قطاع كان يسهم بأكثر من ربع إجمالي الناتج المحلي، لكنه يعاني من ضغوط غير مسبوقة منذ 2020 بعد تشديد القيود على تمويل المطوّرين في محاولة لكبح ديونهم.

ومنذ ذلك الحين، تراجع أداء مجموعات كبرى في هذا القطاع مثل إيفرغراند وكانتري غاردن، بينما أدى انخفاض قيمة العقارات إلى إبعاد المستثمرين.

وفي ظل تزايد الضغوط لدعم القطاع وضمان أن يستفيد الصينيون الباحثون عن مسكن، من ملايين المنازل غير المباعة في الأسواق، دعت السلطات في بكين إلى اجتماع عبر الفيديو الجمعة، وفق وكالة شينخوا الرسمية.

41.5

مليار دولار قيمة التمويلات الرخيصة، التي ستقدم للمطورين لتصحيح مسار القطاع

وأشارت وكالة بلومبيرغ إلى أن الاجتماع حضره مسؤولون وممثلون عن بنوك كبرى وحكومات محلية والسوق العقارية.

ونقل الإعلام الرسمي عن نائب رئيس الوزراء “هي ليفينغ” قوله “يجب بذل جهود جبارة لتعزيز التعامل مع مشاريع البناء السكنية المصنّفة قيد الإنشاء وتمّ بيعها لكنها تواجه صعوبات في التسليم”.

وأضاف “في المدن حيث ثمة معروض كبير من المباني السكنية، يمكن للحكومة أن تطلب وتشتري بعض المساكن التجارية بأسعار معقولة، كطريقة ملائمة لاستخدامها كمساكن معقولة الكلفة”.

ولم يتمّ تقديم تفاصيل إضافية، لكن ليفينغ أكد أنه “على الحكومات المحلية التعامل بشكل صحيح مع العقارات السكنية المنقولة المعطلة من خلال الاستعادة والاستحواذ لمساعدة شركات الإسكان، التي تعاني صعوبات مالية على حل تحدياتها”.

وقرر البنك المركزي والإدارة الوطنية المالية، خفض نسبة الدفعة الأولى المطلوبة لشراء العقارات للراغبين بالشراء للمرة الأولى، إلى 15 في المئة من القيمة الإجمالية، وهي من الأدنى على الإطلاق. كما سيتمّ خفضها إلى 25 بالمئة للراغبين في شراء منزل ثان.

وبالتوازي، يعتزم المركزي إطلاق برنامج شامل بقيمة 300 مليار يوان (41.4 مليار دولار) لتوفير تمويل منخفض التكلفة لمساعدة الشركات المملوكة للدولة في شراء المساكن غير المباعة في ظل استمرار أزمة ركود سوق العقارات الصينية.

وأعلنت تاو لينغ نائب محافظ المركزي برنامج إعادة الإقراض في إيجاز صحفي بعد إعلان الحكومة عن حزمة الإجراءات الجديدة.

وقالت إن “التمويل سيقدم إلى 21 جهة منها بنوك متخصصة وبنوك تجارية مملوكة للدولة وبنوك مشتركة بفائدة تبلغ 1.75 في المئة، وسيتم توفير هذه الأموال عبر أربع شرائح، بحيث يكون القرض مدته عام واحد”.

ويتكون البرنامج من قروض رخيصة يتم تقديمها للبنوك المحلية حتى تتمكن من زيادة الإقراض لقطاعات معينة من الاقتصاد الصيني. وقالت لينغ إنه “سيتم تحويل أموال البرنامج الجديد إلى ما يعادل 500 مليار يوان (69.3 مليار دولار) من القروض بشكل عام”.

ويتجه تراجع السوق العقارية الصينية نحو عامه الثالث، وهو ما يؤثر سلبا على نمو الاقتصاد ويفاقم أزمة السيولة النقدية لدى شركات التطوير العقاري.

100

شركة تراجعت بنسبة 45 في المئة سنويا الشهر الماضي إلى 43.1 مليار دولار

ويتجنب المشترون المحتملون شراء منازل حاليا بسبب القلق من احتمالات تراجع قيمة المنازل والمخاوف من احتمالات عدم استكمال الوحدات غير كاملة التشطيب بسبب المشكلات المالية للشركات العقارية.

وقال يان يوجين، مدير الأبحاث في معهد ييجو المتخصص بقطاع العقارات، لشبكة فينيكس التلفزيونية المحلية “هذه أدنى نسبة دفعة أولى في التاريخ”. وأضاف “هذه ليست فقط السياسة الأكثر مرونة في تاريخ القروض العقارية، بس أيضا السياسة الأكثر مرونة ضمن أنماط مختلفة من سياسات شراء المنازل في الأعوام الأخيرة”.

وكان مجلس الدولة قد أكد أنه سينظم الجمعة إيجازا يحضره مسؤولون من وزارة الإسكان، إضافة إلى آخرين من الهيئات المالية الناظمة.

وقال جيف جانغ الباحث في شركة مورنينغ ستار في هونغ كونغ لبلومبيرغ الجمعة، إن الخطوة الحكومية كانت “غير متوقعة وإيجابية لأسهم العقارات”. وحققت أسهم المطوّرين العقاريين الصينيين مكاسب الجمعة في سوق هونغ كونغ، راوحت بين 8 و23 في المئة.

وقالت ليو آيهوا، كبيرة الاقتصاديين في المكتب الوطني للإحصاءات في الصين، خلال مؤتمر صحفي الجمعة إن القطاع العقاري “لايزال في فترة تأقلم”.

وعقد اجتماع الجمعة في وقت أظهرت أرقام رسمية أن أسعار العقارات ومبيعاتها واصلت التراجع في أبريل. ولم تفلح الخطوات التي اتخذتها الحكومة إلى الآن، في التأثير بشكل وازن على القطاع الضخم، إلا أن تأثير الإجراءات المعلن عنها الجمعة قد يكون مختلفا.

ووفق البيانات الأولية الصادرة عن مؤسسة المعلومات العقارية، فإن قيمة مبيعات المنازل الجديدة في أكبر 100 شركة تراجعت بنسبة 45 في المئة سنويا الشهر الماضي إلى 43.1 مليار دولار، بعد تراجعها بنسبة 46 في المئة في مارس.

وكتب المحللون الاقتصاديون لمصرف أتش.أس.بي.سي في نشرة تحليلية “خطة إعادة الاستقرار لسوق العقارات في الصين بدأت.. كلما كانت أسرع وأكثر جرأة، كلما كانت فاعلة”.

10