إجراءات اجتماعية متأخرة لاحتواء الغضب في الأردن

الأردن يعول على دور أكبر للعشائر في تطويق الاحتجاجات.
الاثنين 2022/12/19
تصلب في المطالب يقابله عجز حكومي

يواصل الأردنيون احتجاجهم على ارتفاع أسعار الوقود الذي ضاعف ضغوط تكاليف المعيشة، وسط عجز الحكومة الأردنية المأزومة ماليا عن اجتراح حلول للمطالب، وهو ما قد يدفع إلى عصيان مدني يحذّر مراقبون من تداعياته.

عمّان - لا تزال الاحتجاجات الاجتماعية في الأردن مستعرة رغم اتخاذ الحكومة الأردنية لإجراءات عاجلة لتسكينها قالت دوائر سياسية إنها جاءت متأخرة ودون الانتظارات، فيما تعول السلطات في المملكة الهاشمية على دور أكبر للعشائر الغاضبة أيضا في تطويق الاحتقان الشعبي.

وقرر مجلس إدارة شركة مناجم الفوسفات الأردنية الأحد الموافقة على زيادة أجور نقل الفوسفات والكبريت بواقع دينار ونصف للطن الواحد.

وقررت وزيرة التنمية الاجتماعية وفاء بني مصطفى الأحد تأجيل كافة الأقساط المستحقة لشهر ديسمبر من هذا العام على صناديق الائتمان وقروض الأسر المنتجة المستحقة على المواطنين والجمعيات الخيرية والمنتفعين من برامج تعزيز الإنتاجية في وزارة التنمية الاجتماعية، مساهمة في تخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين في هذه الفترة.

وفتح الجيش الأردني أيضا أبواب الانتدابات أمام الأردنيين في مسعى لامتصاص نسبة البطالة في صفوف الشباب.

ولم تجد هذه الإجراءات الاجتماعية العاجلة صدى لدى المحتجين وخاصة أصحاب الشاحنات الذين يطالبون بخفض أسعار الوقود وإلغاء ضريبة على البنزين مقترحة في مشروع قانون الموازنة لسنة 2023 .

محللون يتوقعون أن تتطور الأمور إلى عصيان مدني في غياب قدرة حكومة بشر الخصاونة على اجتراح الحلول

وأغلقت المحال التجارية في مدينة الكرك الأحد أبوابها، وأعلنت الإضراب الشامل احتجاجا على رفع أسعار المحروقات، وتضامنا مع سائقي الشاحنات وسائقي النقل العام المضربين في معان.

ووعدت الحكومة بالنظر في مطالب سائقي الشاحنات لكنها تقول إنها تحملت بالفعل أكثر من 500 مليون دينار (700 مليون دولار) للحد من ارتفاع أسعار الوقود هذا العام.

ويقول الأردن إنه بحاجة إلى الحفاظ على الانضباط المالي في إطار برنامج للإصلاح الاقتصادي الهيكلي يدعمه صندوق النقد الدولي، ساعد المملكة على حماية اقتصادها.

وتقارب أسعار المحروقات ضعف ما كانت عليه العام الماضي خصوصا السولار الذي يشكل الوقود الأساسي للشاحنات والحافلات، والكاز الذي يعد وقود التدفئة الرئيسي للفقراء.

وقدمت الحكومة بعض الحلول من بينها زيادة أجور الشحن، وتوزيع مبالغ مالية دعما للأسر الأكثر تضررا، لكن يبدو أنها لم تكن مرضية بشكل كاف للمضربين.

وسبق أن شهدت البلاد احتجاجات سلمية في المعتاد خلال السنوات الماضية، وتضمنت مطالب بإصلاحات ديمقراطية ودعوات للحد من الفساد.

ويحمل الأردنيون مسؤولية تأزم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لحكومة بشر الخصاونة مطالبين برحيلها وهو ما قد يقدم عليه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في قادم الأيام ضمن سلسلة من التدابير لتطويق الاحتجاجات.

Thumbnail

ويقول مراقبون ومحللون إن توسع رقعة الاحتجاجات لم يعد يحتمل بقاء الحكومة الحالية التي وصفوها بـ”التأزيمية”، بينما رأى آخرون أن تغيير الحكومات والأشخاص لن يحل المشكلة الاقتصادية وإنما تغيير النهج القائم.

ولا تمتلك حكومة الخصاونة فرصة للتراجع عن الزيادات المطروحة في موضوع المحروقات، فمن ناحية تمثل هذه الزيادات جزءا من الإصلاحات التي تعهد بها الأردن لصندوق النقد مقابل الحصول على الدعم لإصلاح اقتصاده، ومن ناحية ثانية لا تمتلك البلاد المال اللازم لدفعه من أجل التغطية على الفارق في أسعار المحروقات بين سوق عالمية تشهد ارتفاعا متواصلا في الأسعار ومواطنين أردنيين لا يقدرون على تحمل أي زيادات جديدة، خاصة أن هذه الزيادة ليست الأولى وإنما سبقتها زيادات كثيرة.

وطالب النائب صالح العرموطي العاهل الأردني بممارسة صلاحياته في إقالة الحكومة، سائلا عن مصير المنح والمساعدات التي تسلمتها الحكومة التي تزيد على ثلاثة مليارات دولار.

ويتوقع محللون أن تتطور الأمور إلى حال عصيان مدني على مستوى المملكة في غياب القدرة على اجتراح الحلول.

ويؤكد محللون أن حكومة الخصاونة تفتقر إلى خبرة التعامل مع الشارع، معتبرين أن حججها للدفاع عن سياستها القائمة على رفع أسعار الوقود تهاوت أمام الأزمات المتراكمة التي تلاحقت على الأردنيين منذ جائحة كورونا.

الحكومة قدمت بعض الحلول من بينها زيادة أجور الشحن، وتوزيع مبالغ مالية دعما للأسر الأكثر تضررا، لكن يبدو أنها لم تكن مرضية بشكل كاف للمضربين

ويعاني الأردن أوضاعا اقتصادية صعبة عمّقتها ديون فاقت 50 مليار دولار، وجائحة كوفيد، فارتفعت معدلات البطالة عام 2021 إلى نحو 25 في المئة وفقا للأرقام الرسمية، بينما ارتفعت بين الشباب إلى 50 في المئة.

ويستضيف الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجّلين لدى الأمم المتحدة، بينما تقدر عمّان عدد الذين لجأوا إلى المملكة منذ اندلاع النزاع في سوريا بنحو 1.3 مليون شخص.

ويقول الأردن إن كلفة استضافة هؤلاء اللاجئين السوريين على أرضه تتجاوز 12 مليار دولار.

ويعتمد اقتصاد المملكة بشكل كبير على المساعدات خصوصا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج والتي تراجعت مؤخرا بشكل ملحوظ.

ويعول الأردن إلى جانب الإجراءات الاجتماعية المرفوقة بمعالجة أمنية على دور أكبر للعشائر الأردنية في تطويق الاحتجاجات إذ سبق للعشائر أن توسطت في مهلة لدراسة المطالب الاجتماعية عقب اضطرابات في المملكة سنة 2013، كما كان لها دور في تأطير احتجاجات 2018 التي أدت إلى إسقاط الحكومة آنذاك.

وساندت أغلب العشائر الأردنية الاحتجاجات في الأردن مع التأكيد على ضرورة بقائها سلمية، إلا أن مسار الاحتجاجات قد اتخذ السبت منحى غير سلمي بعد أن قام المحتجون بقطع الطرق وإطلاق بعض الأعيرة النارية.

 

• اقرأ أيضا:

          الأردن يحاول تطويق وقع الاحتجاجات على الجبهة الإلكترونية

2