إثيوبيا تواجه سيناريوهات مظلمة مع استمرار الصراع في إقليم تيغراي

أديس أبابا – تواجه إثيوبيا خطر التفكّك والدخول في حرب أهلية وعرقية إذا ما استمر الصراع في إقليم تيغراي، الذي يشهد عمليات عسكرية واسعة منذ الأسبوع الماضي بعد اتهام حكومة الإقليم بمهاجمة قاعدة عسكرية.
وذكرت مجلة “ذا ناشونال انتريست” الأميركية في تقرير أن إثيوبيا باتت في مفترق طرق وأن الانقسام العرقي الحالي في البلاد سيؤدي في النهاية إلى تمزيق الدولة.
وأشارت إلى أنه إذا طال أمد عدم الاستقرار الحالي، فإن إثيوبيا ستعاني للأسف من نفس مصير يوغوسلافيا.
وقالت إن رجل إثيوبيا القوي السابق، ملس زيناوي، مهندس النظام الاتحادي العرقي، رحل منذ فترة طويلة، لكن حضوره الغامض قد غاب وبثمن باهظ عن أديس أبابا.
وكانت قيادة زيناوي ذات أهمية قصوى لاستقرار إثيوبيا. وكان زيناوي لإثيوبيا بمثابة جوزيب بروز تيتو ليوغوسلافيا.
وقتل المئات في ضربات جوية ومعارك منذ تفجر الصراع في تيغراي، فيما تزداد المخاوف من انزلاق إثيوبيا، التي يبلغ عدد سكانها 115 مليون نسمة، إلى حرب أهلية وعرقية.
وكتب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي نال جائزة نوبل لسلام في عام 2019، على تويتر في وقت متأخر الثلاثاء “لن نهدأ حتى تقديم ذلك المجلس العسكري للعدالة”.
وأثار آبي أحمد، الأسبوع الماضي، مخاوف من اندلاع حرب أهلية في بلاده بإعلانه ارسال جنود إلى منطقة تيغراي بشمال البلاد لإخماد ما قيل أنها انتفاضة لحزب سياسي وجماعة متمردة تسمى جبهة تحرير شعب تيغراي.
وفرضت الحكومة منذ ذلك الحين حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر في المنطقة، وأشار رئيس الوزراء الجمعة الماضية إلى أنه “سيتم استخدام القوة المناسبة لاستعادة القانون والنظام”.
ويتّهم آبي حلفاءه السابقين في الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بمهاجمة قاعدة عسكرية للجيش الاتحادي ومحاولة سرقة عتاد، قائلا إن "الخط الأحمر الأخير" تم تجاوزه.
وقطعت الحكومة اتصالات الهاتف والإنترنت في المنطقة حسبما قالت جماعة (أكسيس ناو) المعنية بالحقوق الرقمية، الأمر الذي يجعل من المستحيل التحقق من الروايات الرسمية. واتهمت الحكومة الجبهة بقطع الاتصالات.
وقال دبلوماسيون وعمال إغاثة إن القتال ينتشر في الجزء الشمالي الغربي من البلاد على حدود تيغراي مع منطقة أمهرة التي تدعم الحكومة الاتحادية وقرب الحدود مع السودان وإريتريا.
ولدى جبهة تحرير تيغراي خبرات قتالية كبيرة واستولت على رئاسة القطاع الشمالي للجيش الإثيوبي والفرقة الخامسة مدرعات، التي يقدر تسليحها بحوالي 700 دبابة، غير المركبات المدرعة.
وتثير الأوضاع في البلاد هواجس بشأن هل تتجه إثيوبيا إلى التفكك أم الإصلاح في عهد رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد آبي أحمد.
وشرع آبي أحمد منذ وصوله إلى السلطة عام 2018، في إصلاح الهيكل السياسي والاقتصادي لإثيوبيا بسجلات مختلطة. وأقام السلام مع إريتريا، وقام بإطلاق سراح السجناء السياسيين والصحفيين وحدّ من الفساد. إلا أن الانقسام العرقي والنزعة الانفصالية وعدم الاستقرار وعدم الأمن قد طغت على إصلاحاته.
وكانت إثيوبيا منقسمة عرقيا لفترة طويلة وخضعت لحكم عشائر عرقية منذ إقامتها كدولة حديثة.
وتقول ناشونال انتريست إن السخط العرقي الحالي سيمهد الطريق إلى تفكيك الدولة صاحبة أكبر عدد من السكان في أفريقيا بعد نيجيريا، والتي تقع في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابا، منطقة القرن الأفريقي. وإذا أصبحت إثيوبيا “يوغوسلافيا القرن الأفريقي” فإنها ستغير جذريا المشهد الجيو سياسي والجيو اقتصادي للمنطقة.
وتضيف ناشونال انتريست أن “براجماتية آبي أحمد وسذاجته السياسية بدت واضحة لأن إثيوبيا على شفا الانزلاق لحرب أهلية عرقية” و أن “الكراهية العرقية التاريخية السابقة بين عرقيتي الأمهرة والأورومو تحمل بين طياتها أسبابا لاندلاع حرب أهلية عرقية….و”الحرب الأهلية العرقية هي حقيقة يجب على إدارة آبي أحمد أن تتعامل معها، ولسوء الحظ ، كانت إدارته في سبات”.
وسوف يؤدي تفكك الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي (ائتلاف الأحزاب الحاكمة في إثيوبيا) وتأسيس حزب مركزي (حزب الازدهار) ، وهو جزء من إدارة آبي أحمد، إلى تسريع اندلاع الحرب الأهلية العرقية في نهاية المطاف في إثيوبيا.
وأدى تفكيك ذلك الائتلاف والمطاردة المتعمدة والمحسوبة لأعضائه السابقين من منطقة تيغراي إلى أضرار لا يمكن إصلاحها بين المنطقة وإدارة آبي.
وكانت إدارة آبي أحمد أرجأت الانتخابات الوطنية الإثيوبية بسبب جائحة فايروس كورونا، وتحدت منطقة تيغراي سلطة الحكومة المركزية من خلال إدارة انتخابات وأجرت انتخابات إقليمية تنتهك تفويض الحكومة الاتحادية.
وكانت إقامة تيغراي المستقلة أمرا موجودا منذ عام 1976 في ظل بيان تيغراي الكبرى، لكن الانفصال وضم الأراضي الإريترية سيكون مستحيلا. ومع ذلك، وبدون ضم الخطوط الساحلية الإريترية واستعداء الإريتريين، يمكن أن تصبح تيغراي المستقلة حقيقة واقعة.
كما أن تشكيل ميليشيات عرقية في إثيوبيا هو مؤشر على السخط والكراهية العرقية بين الجماعات العرقية الأكثر نفوذا في إثيوبيا. وهي مؤشرات تحذير واضحة على أن إثيوبيا تتجه نحو حرب أهلية عرقية، وأن إدارة آبي أحمد جلبت غموضا وانفلاتا أمنيا في ثاني أكبر دول أفريقيا سكانا.
وتضيف المجلة الأميركية أن “الإصلاحات السياسية التقدمية المثالية للأمل والتغيير هي نوافذ فرص لتفكك إثيوبيا. ولسوء الحظ ، فتح آبي أحمد الكثير من الأبواب بإصلاحاته الساذجة لدرجة أنه مسؤول عن الوضع الحالي لإثيوبيا”.
وترى ناشونال انتريست أن “آبي أحمد سيصبح في نهاية المطاف ديكتاتورا يعمل خيرا ( أي يمارس السلطة السياسية لصالح كافة السكان وليس لصالحه الخاص أو لصالح جزء صغير من الشعب) مثل أسلافه لمنع مناطق إثيوبيا المختلفة من الانفصال كما فعلت إريتريا في عام 1991”.