أي مستقبل في ظل العولمة بين رفّ الكتب

"واجب العنف" للمالي يامبو أولوغوم رواية كانت سببا في شهرته، حيث كان أول كاتب إفريقي يفوز بجائزة رونودو، وكانت أيضا سببا في انقطاع صوته واعتزاله.
الأحد 2018/07/22
أستاذ العلوم الاقتصادية بيير نويل جيرو عن سيناريوات المستقبل

مع استفحال الأزمة المالية، والخوف المتزايد من التغيير المناخي والفقر المتواصل في عدة بلدان، بات الجدل حول العولمة مركزا على أسئلة أكثر راديكالية بخصوص مستقبل الرأسمالية نفسه، فقد بات جليا أن الليبرالية الاقتصادية والسياسية ليست الأقدر على حل تلك المشكلات.

صحيح أن للعولمة الحالية عدة سوابق، ولكنها فريدة، لأنها تشمل في طياتها أربعة شموليات: شموليات الشركات الكبرى، والمالية، والرقمية، والطبيعة، وتتحدد أيضا بوضع المستثمرين المؤسساتيين الشركات المعولمة موضع تنافس عبر مالية السوق. وهذا المسار يفاقم بعض التفاوتات ويقلص أخرى، فهو يساعد على انبثاقات سريعة ولكنه يولد تشظيات.

  في كتابه الجديد "الشموليات – الانبثاق والتشظي"، يتساءل أستاذ العلوم الاقتصادية بيير نويل جيرو عن سيناريوات المستقبل. هل سيضطر الفاعلون الاقتصاديون إلى الارتحال الدائم كي يبقوا قادرين على التنافس؟ ألا تزال الدول تملك دور المعدِّل في هذا التنافس؟ أي مستقبل للبلدان الغربية وبلدان جهات العالم المنسية؟

الإسلام المتعدد

تقديم فكرة شاملة عن الإسلام منذ ظهوره
تقديم فكرة شاملة عن الإسلام منذ ظهوره

"التاريخ الأكبر للإسلام" كتاب يقدم فكرة شاملة عن الإسلام منذ ظهوره، بطرح كل الأسئلة التي تخامر الأذهان، بدءا بشخصية الرسول، وظروف تدوين القرآن، والعداوة المزمنة بين الشيعة والسنة، وصولا إلى الجماعات الإرهابية وفهمها للجهاد، ومسألة التأويل في الماضي والحاضر.

 والأسئلة المثارة هنا جوهرية نظرا لاستغلالها في الجدل الراهن من قبل الفرق المتطرفة، حيث يسعى المتزمتون إلى فرض نظرة أحادية أو خاطئة عن ديننا الحنيف، بدعوى العودة إلى الأصول، ويوهمون غير العارفين بدينهم تمام المعرفة، سواء في البلدان العربية الإسلامية أو في المجتمعات الغربية، بأنهم يقودون الضالين إلى مجتمع الطهر. وقد شمل الكتاب مقالات لمجموعة من المتخصصين في الإسلام، عربا وأجانب، أمثال مكرم عباس، وهيب عطا الله، علي بنمخلوف، مالك شبل، حمادي الرديسي، لويزا يوسفي، جون بوين، باسكال بوريزي، فنسان كابدوبوي، باتريك هاني، سيرج لافيت، غابريال مارتنيز غرو وآخرين... (تحت إشراف لوران تيستو) أكدوا فيها أن الإسلام منذ ظهوره حتى الآن لم يكن متماثلا بين جهة وأخرى، وإنما هو دين متعدد.

من أجل اقتصاد تشاركي

في هذه المرحلة التي تشهد غلو الرأسمالية في شتى مجالات الحياة، يقترح المناضل والناشط بجمعية التسيير الذاتي، بونوا بوريتس، فكرة طريفة. ما دام اليسار فشل في تجاوز الرأسمالية عبر الملكية المشتركة لوسائل الإنتاج، أليس من الأجدر أن يعاد النظر في مبدأ الملكية نفسه؟ ومن ثَمّ يطرح فكرة المشترك كنفي لملكية الإنتاج في شتى أشكالها، حيث كل فرد يمكن أن يجد مكانه في المداولة بحسب موقعه تجاه كل وحدة الإنتاج والفضاءات التشاركية التي يساهم فيها، ما يخلق منظومة تضمن الاستقلالية الذاتية والتكافل. ينطلق المؤلف من تحليل أجرته الحركة التعاضدية، حيث يتم تجاوز العرف ولكن رأس المال يستعيد نوعا من النفوذ عند نجاح الشركة، ويذكّر بالملكية المشتركة منذ القرن التاسع عشر، مرورا بتجارب الاتحاد السوفييتي، وإسبانيا في عهد فرانكو، ويوغسلافيا في عهد تيتو، ليبين الدوافع الاقتصادية ومآزقها. وفي رأيه أن "الاقتصاد التشاركي" يمكن أن يتحقق بتوسيع المساهمات الاجتماعية التي هي في الأصل تشاركية عائدات. والكتاب في النهاية محاولة جادة لتجاوز الآفاق المعتادة.

الميديا بين مطرقة الحاكم وسندان المال

يحدث أن تسبح الصحافة ضد التيار كما حدث في فرنسا إبان ثورة مايو 68، حيث رفعت معلقات تندد بانحياز وسائل الإعلام للسلطة.  في تلك الفترة بالضبط كان يعرض في المكتبات الفرنسية كتاب "الصحافة والسلطة والمال" لجان شويبل(1927-1994) أول رئيس لأول عصبة المحررين في فرنسا، بتقديم للفيلسوف بول ريكور، وهو كتاب يعارض النهج الذي سارت عليه الميديا في ذلك الوقت، وكان شويبل واعيا بتضافر مصالح السلطة الحاكمة ورؤوس المال لقمع كل ما يعكر الصفو، إذ كان عادة ما يقول: "أن تصمد معناه أنك تخلق، وأن تخلق يعني أنك تصمد".

هذا الكتاب أعيد نشره مؤخرا عن دار سوي، بتقديم للصحافي اليساري المشاكس إدوين بلينيل، أكد فيه ضرورة أن يقرأ الإعلاميون الفرنسيون هذا المصنف كي يستعيدوا شجاعة فقدوها، وصراحة صاروا يعجزون عنها، ويكفوا عن مداعبة السلطان، لأن في ذلك موتهم. 

جدارية تراجيدية
جدارية تراجيدية

سبعة قرون من تاريخ أفريقيا في رواية

"واجب العنف" للمالي يامبو أولوغوم (1940-2017) رواية كانت سببا في شهرته، حيث كان أول كاتب إفريقي يفوز بجائزة رونودو، وكانت أيضا سببا في انقطاع صوته واعتزاله، فقد اتهم في فرنسا بالسرقة الأدبية، واتهم في بلاده وفي بعض البلدان الإفريقية لتحامله على تاريخها وشعوبها. فآثر الصمت حتى وفاته.

الرواية عبارة عن جدارية تراجيدية تمسح تاريخا يمتد من القرن الثالث عشر إلى القرن العشرين، عبر تاريخ امبراطورية متخيلة تدعى ناكِم وآل سيف الذين يحكمونها بغطرسة واستبداد.

ومن خلالها يروي تاريخ إفريقيا المجهول، من الداخل، حيث العنف والقتل والمكر وموافقة بعض زعماء القبائل الإفريقية على تجارة الرقيق مقابل عمولات؛ مثلما يسرد بأسلوب ساخر دور أوروبا ومنظومتها الكولونيالية في استعباد شعوب القارة، ويركز على رحلة سبارتاكوس كاسومي، سليل العبيد، وتيهه بحثا عن جذوره. هذه الرواية التي صدرت أول مرة عام 1968، وأعيد نشرها هذه الأيام، تقرأ كعمل أدبي جليل، وكملحمة تنزل صاحبها منزلة الكتاب الكبار.

تحويل الفن إلى سلعة

إنها الحرب، حرب تدور على شتى الأصعدة وتشتد منذ أن صارت موجهة ضد كل ما يستحيل أن نستخلص منه قيمة. عقبها إضفاء القبح على العالم، لأن أول عدو، قبل الحلم أو الشغف، كان الجمال الحيّ، الذي يعرف كل شخص مدى تأثيره وإبهاره، مثلما يعرف تمنّعه على الإمساك، كالبرق الخلب. 

ولكن بتضافر المال مع نوع من الفن المعاصر يهدف إلى فرض هيمنته دون رد، تحول الفن إلى بضاعة تعتمد على جماليات عامة للتغطية على الطريقة الكارثية لعالم يسير إلى هلاكه، حتى صار القبح والجمال رهانا سياسيا.

تلك هي القضية التي تثيرها الكاتبة (السريالية سابقا) أنّي لو بران في كتاب بعنوان "ما لا ثمن له"، وكانت أدانت في كتبها السابقة نجاح رأس المال في تشويه الفن وتحويله إلى سلعة.

وتتساءل: حتّامَ نقبل ألا نرى إلى أي درجة يعمل المال للقضاء على ليلنا الحساس، وجعلنا ننسى المهم، في سعي لاهث لما لا ثمن له؟

12