أي صورة للرجل في كتابات المرأة العربية

القاهرة- في السنوات الأخيرة باتت للكتابة النسائية العربية مكانة هامة انتزعتها أقلام ناضلت لسنوات لفرض أصوات المرأة، ولافتكاك الاعتراف الذي بدأت تحصده، فقد نالت مؤخرا روائيات عربيات جوائز مرموقة عربية وأجنبية، وبات لزاما على النقاد الأدبيين الالتفات أكثر إلى النتاج الروائي للمرأة للوقوف على سماته الخام والخاصة، والميزات التي يتمتع بها والقيم التي ينتجها ويعبر عنها.
وازدهر النتاج الأدبي للمرأة في شتى الجغرافيات العربية وبات مكرسا ثقافيا ونقديا، ولم تعد “شهرزاد” العربية غائبة عن ساحة الأدب، ومع هذا الانتشار تكرست قضايا هامة أثارتها الأقلام النسائية، بينما تكرست كذلك صور نمطية مكررة مثل صورة الرجل التي تتكرر في أكثر من عمل.

◙ بهاءالدين محمد مزيد تناول بالدراسة والبحث أعمال كاتبات من بينهن: أروى إبراهيم، نورهان عبدالله
◙ مجمل النصوص التي تناولتها الدراسة صدرت بين العقد الأخير من القرن الماضي والعقد الثاني من القرن الحالي
وفي رصد لهذه الظاهرة صدر أخيرا ضمن سلسلة “كتاب ميريت الثقافية” بالاشتراك مع دار الأدهم للنشر بالقاهرة كتاب بعنوان “صورة الرجل في سرديات نسائية عربية” للباحث بهاءالدين محمد مزيد.
صوّرت الكثير من الأعمال النسائية المرأة ضحية، والرجل قاهرا مغتصبا لا يرحم ضعفها، مثقفا كان أم سياسيا، قريبا أم غريبا. وقد تكون وضعية المرأة كما تصورها الروائيات وضعية مزرية، دون أن تدرك معظمهن أن واقعنا العربي يجعل المرأة والرجل معا مطحونين تحت وطأة واقع سياسي اقتصادي واجتماعي متشظ.
وإذا كان الرجل تحامل على المرأة في كتابته عنها وحصرها في إطار الجسد الضيق، فإن المرأة كرست بدورها لصورة وحيدة للرجل في كتاباتها، فدائما المرأة ضحية لسلطة الرجل وجبروته، وهو من يلوثها، بينما هي في الغالب فاشلة في مسايرة رغباته الجامحة والشاذة وإن فعلت فمكرهة ومجبرة.
وقد تكون ثمة صور إيجابية قدمتها المرأة في كتابتها باعتبارها مثقفة وذات سيادة تجاهد من أجل الاستقلال أو حتى حريصة على مواصلة رباط الزواج وإن بدا الزوج غير حريص على الاستمرار، بل والتحجج بأتفه الأسباب لقطعها، وفي المقابل بدا الرجل في بعض الروايات ميالا للاغتصاب، وخانعا ضعيفا لرغبات المرأة في بعضها الآخر.
على كل، كشفت هذه الكتابات في مجملها أثناء معالجات المرأة الكاتبة لعلاقتها الشائكة بالرجل، وإن كانت ثمة مبالغات في التصوير والتمثيل لصورة الرجل.
يقول المؤلف في مقدمة كتابه “ليس في هذه الدراسة تأريخ للرواية النسائية العربية، وليست النصوص التي تتناولها أكثر النصوص السردية النسائية العربية أهمية أو جودة أو جدارة، وهي ليست النصوص السردية النسائية الوحيدة التي تتناول صورة الرجل، فلا يكاد يخلو نص سردي نسائي من انشغال بالرجل”.
ويضيف “ليس في الدراسة تحيزات جغرافية أو إقليمية أو إلى كاتبة دون غيرها، أو إلى متون على حساب هوامش تقليدية، فقد انتهى زمن المتون والهوامش، وتعددت وسائط النشر ووسائله، وتعددت الأصوات واللهجات، وسقطت المسافات والحدود التقليدية في زمن الرقمنة والفضاءات المفتوحة”.
ويؤكد مزيد أنه اجتهد في تمثيل كل الأقطار العربية وكل الأجيال والتوجهات الفنية، مع الإشارة إلى أن مجمل النصوص التي تناولها في دراسته صدرت بين العقد الأخير من القرن الماضي والعقد الثاني من القرن الحالي.
يتناول الكتاب بالدراسة والبحث أعمال كاتبات من بينهن: أروى إبراهيم، نورهان عبدالله، نورا أمين، ليانة بدر، ريم بسيوني، بدرية البشر، هالة البشبيشي، ليلى بعلبكي، سلوى بكر، هيفاء بيطار، جوخة الحارثي، مريم الحسن، سحر خليفة، دعاء عبدالرحمن، فوزية رشيد، عائشة الزعابي، نشوى سعيد، أهداف سويف، ندى شعلان، فوزية شويش السالم، نوال السعداوي، رجاء بن شتوان، حنان الشيخ، رضوى عاشور، رجاء عالم، ليلى العثمان وفضيلة الفاروق وغيرهن.