أي دور للمبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا؟

عبدالرزاق بن علي
طرابلس - احتاج الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تسعة أشهر بعد استقالة آخر مبعوث أممي إلى ليبيا ليعين مبعوثا أمميا جديدا. وباشر السنغالي عبدالله باتيلي مهامه رسميا تبعا لهذا التعيين يوم 25 سبتمبر كممثل خاص ورئيس للبعثة الأممية في ليبيا خلفا للسلوفاكي يان كوبيتش، حسب بيان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. وأشاد بيان البعثة بالمبعوث الجديد لكونه أول أفريقي يتولى هذا المنصب.
ورغم تعدد المبعوثين الأمميين إلى ليبيا منذ سقوط نظام القذافي سنة 2011، وارتباط أسمائهم بأهم المحطات التاريخية في ليبيا، فإنهم لم يفلحوا في تحقيق الحد الأدنى من التوافق بين الليبيين وتجنيب البلد الصراعات العسكرية والسياسية. وفشلوا جميعا في القيام بأدوارهم لأسباب متعددة.
◙ المنظمة الأممية تأمل في تجاوز عثراتها ودفع الأطراف الليبية المتنازعة إلى الاتفاق على قاعدة دستورية وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية
فقد فشل غسان سلامة الذي تولى هذا المنصب في شهر يونيو سنة 2017 لمثاليته في معالجة الأزمة الليبية، ومراهنته على مؤتمر برلين، واعتقاده أن الأطراف المتنازعة في ليبيا يمكن أن تلتزم باتفاقية الصخيرات، ومخرجات المؤتمر المذكور، وأن القوى الدولية ستدعم الاتفاقيات وتحجم عن التدخل العسكري. ونتيجةً لتواتر خروقات وقف إطلاق النار بين الأطراف المتناحرة في ليبيا، وتبادل الاتهامات، والتدخل العسكري التركي، ودخول المقاتلين السوريين إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق، لم يجد غسان سلامة بدا من الاستقالة.
كما فشلت ستيفاني ويليامز التي خلفت غسان سلامة في 12 مارس الماضي بعد أن عملت نائبة له لمدة سنتين. ويرى متابعون أن فشل ستيفاني ويليامز يعود إلى جهلها بحقيقة الوضع المعقد في ليبيا ولاعتقادها أن اعتمادها على دور السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند يمكن أن يحقق نتائج بفعل مكانة وقوة الولايات المتحدة وتخوّف الأطراف المتنازعة من سطوتها.
وتعول الأمم المتحدة على خبرة عبدالله باتيلي وتجربته السياسية الطويلة التي اكتسبها طيلة 40 سنة من العمل السياسي شغل فيها مناصب حكومية مختلفة. وتأمل المنظمة الأممية تجاوز عثراتها السابقة وفشلها في ليبيا ودفع الأطراف المتنازعة إلى الاتفاق على قاعدة دستورية وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وإنهاء حالة الصراع التي أعقبت سقوط نظام القذافي.
ويرى مراقبون أن دور الأمم المتحدة في ليبيا يبقى محدودا وغير مؤثر لعدم التزام الأطراف المحلية والدولية بالاتفاقيات التي يتم التوصل إليها، وحرص الأطراف المتنازعة في ليبيا على ترتيب الأوضاع داخليا قبل وصول المبعوث الأممي لحمله على القبول بالأمر الواقع.
وتعاقب على ليبيا منذ سنة 2011 ثمانية مبعوثين، أولهم الأردني عبدالإله الخطيب كمبعوث لدى ليبيا لإجراء مشاورات عاجلة، ولم تحقق مجهودات البريطاني أيان مارتن واللبناني طارق متري والإسباني برنادينو ليون والألماني مرتن كوبلر واللبناني غسان سلامة والأميركية ستيفاني ويليامز نتائج يمكن للأمم المتحدة أن تضعها في سجلها.
◙ دور الأمم المتحدة في ليبيا يبقى محدودا وغير مؤثر لعدم التزام الأطراف المحلية والدولية بالاتفاقيات التي يتم التوصل إليها
وحاول رئيس حكومة طرابلس عبدالحميد دبيبة في البداية معارضة تسمية السنغالي عبدالله باتيلي، معتبرا أن الملف الليبي ملف حساس وفضل تعيين المرشح الجزائري صبري بوقادوم. وقال في تغريدة له "نرحب بتعيين عبدالله باتيلي مبعوثا أمميا جديدا إلى ليبيا، ونؤكد من جانبنا دعمنا الكامل لعمله وسندفع باتجاه الحل السياسي الشامل الذي يعجل بإصدار قاعدة دستورية توافقية، لإجراء الانتخابات".
ويخشى دبيبة أن يلعب باتيلي، مدعوما من فرنسا، دورا في إقامة حكومة ثالثة بتوافق بين مجلسَيْ الدولة والنواب ينهي ولاية حكومته. ورحبت أغلب الدول التي لها دور فاعل في ليبيا بتعيين باتيلي، ولكنها حددت له مهمة واحدة لم ينجح فيها جميع من سبقه من المبعوثين وهي إجراء الانتخابات.
ويعتبر مراقبون أن الإجماع الدولي على المَخرَج السليم في ليبيا لا يحجب اختلاف المجتمع الدولي حول الآليات التي يمكن بها تحقيق الهدف المتمثل في إجراء الانتخابات، وذلك لاختلافهم في الشروط الواجب توفرها وصعوبة التزام الأطراف المتنازعة في ليبيا بها.
ويلفت هؤلاء إلى أن باتيلي لن يستطيع في عمر السبعين أن يحقق ما عجز عنه من سبقه في هذه المهمة لتعقد المشهد السياسي والعسكري في ليبيا وتداخل الأطراف المتنازعة وعدم جدية المجتمع الدولي في تحقيق الاستقرار في ليبيا لأسباب لم تعد خافية على أحد.
ويرى خالد الغويل، المستشار السياسي لاتحاد القبائل الليبية، "أن الحل بيد الليبيين أنفسهم، وأن الأمم المتحدة لن تقدر على حمل الليبيين على التسليم بحلول إن لم يؤمنوا بأنفسهم بالتوافق على العمل بها لحقن دمائهم والاستفادة من مقدراتهم وصون استقلالية قرارهم الوطني وإجبار القوى الدولية على عدم التدخل في شؤونهم".