أي خيارات إسرائيلية للتعامل مع الاتفاق النووي

إيران ترسل اقتراحا جديدا إلى الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق.
السبت 2022/09/03
ضربة جوية للمنشآت الإيرانية مرجحة بقوة

مع اقتراب إحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي تعارضه إسرائيل وتقول إنها غير ملزمة به وتحتفظ بحق الردّ عليه، تبدو أمام الدولة العبرية خيارات متعددة للتعامل مع الأمر لكن هذه الخيارات تنطوي على مجازفة وتكلفة مالية عالية.

واشنطن - تقف إسرائيل أمام 5 خيارات للتعامل مع الاتفاق النووي الإيراني، مع اقتراب الولايات المتحدة من إحياء الاتفاق الذي جمدت العمل به إدارة دونالد ترامب السابقة.

ووصفت إسرائيل الاتفاق المتبلور بأنه “سيء”، ولكنها قالت في الوقت ذاته إنها “غير مُلزمة به”.

ويقول يوناثان فريمان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس، إن إسرائيل لا توجد لديها مشكلة مع توصل الدول الغربية إلى اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، ولكنها “تريد اتفاقا جيدا”.

وأضاف فريمان “هناك مخاوف في إسرائيل من أن الاتفاق لن يجلب السلام وإنما الحرب من خلال تشجيع إيران على مواصلة عدائها وتطوير أسلحة نووية”.

تامير هايمان: إسرائيل ستسرع من خططها أكثر إذا لم يكن هناك اتفاق

وكانت إسرائيل قد حاولت في الأسابيع الأخيرة التأثير على الموقف الأميركي من الاتفاق، غير أن مساعيها تبدو تسير نحو الفشل، وإن كانت قالت على لسان مسؤولين إسرائيليين إنها نجحت في دفع الموقف الأميركي من الاتفاق إلى التشدد.

ورأى الدكتور فريمان أن ثمّة 5 خيارات أمام إسرائيل في التعامل مع الاتفاق، حال التوقيع عليه، وتحوّله إلى أمر واقع.

وقال إن الخيار الأول هو “استخدام نوع من الضربة العسكرية من قبل إسرائيل، أو مع شركاء آخرين يتفقون على الموقف في أن الاتفاق سيء، ويقرّب إيران من امتلاك السلاح النووي”.

وأضاف “الضربة العسكرية قد تكون موجّهة إلى أحد إجراءات الحصول على سلاح نووي مثل مواقع التخصيب ومواقع تحت أرضية في إيران، مواقع كثيرة في إيران، وأنا لا أستبعد أن تكون الضربة باستخدام طائرات أو وسائل أخرى سواء أرضية أو من خلال البحر”.

وأشار إلى أن الخيار الثاني هو أن تدعم إسرائيل، علنا أو سرا، معارضين للنظام في طهران في مسعى لتغييره وجلب نظام لا يسعى إلى امتلاك سلاح نووي.

وقال “إسرائيل قد تشعر بأنه من الممكن منع إيران من الحصول على السلاح النووي في حال حدوث تغيّر حكومي، فالحكومة الجديدة قد تكون غير راغبة في امتلاك أسلحة نووية”.

وأضاف “لدينا أمثلة من التاريخ، فمثلا في جنوب أفريقيا خلال عهد نظام الفصل العنصري كان هناك برنامج نووي، وحال تم تغيير النظام تراجع النظام عن البرنامج النووي، وهذا مثال جيد فقد تكون إسرائيل أكثر نشاطا وتحركا في دعم الراغبين في تغيير النظام الإيراني”.

ولفت الدكتور فريمان إلى أن الخيار الثالث هو تلويح إسرائيل بالقوة وتفعيل سلاح الردع، ضد النظام الإيراني.

وقال “قد نرى زيادة في استخدام الردع ضد إيران بهدف الدفاع، فهناك تقارير عن تطوير النظام الدفاعي الإسرائيلي والمناورات العسكرية التي باتت تتكرر، والهدف منها هو توجيه رسالة إلى إيران مفادها “اسمعوا قد تمتلكون السلاح النووي لاحقا ولكن سيتم اعتراضه ويجب ألاّ تقوموا بأي هجوم لأننا قادرون على الرد، ولدينا نظام دفاعي جاهز لأي تطور”.

وأما الخيار الرابع، بحسب فريمان، فيتمثل في إنهاء إسرائيل لسياسة الغموض التي انتهجتها منذ عقود إزاء امتلاكها السلاح النووي.

مخاوف إسرائيل من الاتفاق تزداد
مخاوف إسرائيل من الاتفاق تزداد

وقال في هذا الصدد “إن اتفاقا سيئا قد يؤدي بحسب التقديرات في إسرائيل إلى امتلاك إيران للسلاح النووي قد ينهي الغموض النووي في إسرائيل”.

وأضاف “سياسة إسرائيل النووية تتلخص في عبارة واحدة وهي أننا لن نكون أول من ينتج السلاح النووي في الشرق الأوسط، وكما نعلم فإن هذه العبارة لا تؤكد ولا تنفي امتلاك إسرائيل للسلاح النووي”.

وتابع “إسرائيل قد تنهي غموضها النووي باستخدام 3 وسائل، من وجهة نظري، الأول، وهو الإعلان عن امتلاكها السلاح النووي حال إعلان إيران عن امتلاكه، وذلك من خلال الكشف مثلا عن اختبار جرى في الماضي أو شريط فيديو للتجربة أو القيام باختبار لتأكيد امتلاك إسرائيل للسلاح النووي”.

وثانيا، بحسب فريمان، “القول لإيران نحن نمتلك السلاح النووي وإذا ما تم استخدام أسلحة غير تقليدية ضدنا قد نرد بنفس الطريقة”، وثالثا، حال الإعلان عن امتلاك إيران للسلاح النووي قد تعلن إسرائيل عن سعيها لتوسيع قدراتها العسكرية النووية.

إسرائيل حاولت في الأسابيع الأخيرة التأثير على الموقف الأميركي من الاتفاق، غير أن مساعيها تبدو تسير نحو الفشل

وأضاف “إسرائيل تقول إنها لن تكون الأولى ولكن في حال إعلان إيران أنها تمتلك السلاح النووي، فإن إسرائيل لن تُبقي التزامها بهذه العبارة ويمكن أن تعلن امتلاكها السلاح النووي”.

وأشار فريمان إلى أن الخيار الخامس يتمثل في أن إسرائيل قد تُصعّد من محاولة التأثير على الرأي العام الأميركي، لدفع الإدارة الأميركية للانسحاب من الاتفاق على غرار ما فعلت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عام 2018 بالانسحاب من الاتفاق الذي أبرمته إدارة الرئيس باراك أوباما في عام 2015.

ويضيف “إسرائيل تعتقد أنه في حال عدم دعمها للاتفاق مع إيران، فإنه سيسقط، وهذا ما حدث حينما انسحب منه ترامب”.

وأكمل “لذلك أعتقد أن إسرائيل قد تحاول التأثير على الرأي العام الأميركي، ومن خلال الكونغرس ومحاولة جعله يضغط على البيت الأبيض بعدم قبول الاتفاق أو الانسحاب منه”.

وأضاف فريمان “توقيع الاتفاق لا يعني أنه لا يمكن للولايات المتحدة بسبب تحركات إسرائيلية الانسحاب منه، فإسرائيل قالت إنها غير ملزمة بالاتفاق ولن تترك وسيلة بما في ذلك إقناع واشنطن بالانسحاب من الاتفاق وذلك يتم من خلال التأثير على الرأي العام”.

ومن جهته، يقول تامير هايمان، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي إن تل أبيب “تعمل بالفعل على تسريع الاستعدادات لاحتمال أن تصبح إيران نووية عند انتهاء الاتفاقية في عام 2030، أو إذا ما قرر رئيس أميركي مستقبلي الانسحاب من جانب واحد من الاتفاقية مرة أخرى”.

لكنّ هايمان الذي يشغل حاليا منصب مدير عام معهد دراسات الأمن القومي التابع للجامعة العبرية، يرى أن عدم توصل الدول الغربية إلى اتفاق مع إيران، سوف يزيد من التكلفة المالية للاستعدادات الإسرائيلية لاحتمال تحوّل طهران إلى قوة نووية.

الخيار العسكري ضمن اختيارات إسرائيل
الخيار العسكري متاح أمام إسرائيل

وأضاف “إسرائيل ستسرع من خططها أكثر إذا لم يكن هناك اتفاق، وبالتالي من هذه الزاوية ومن منظور اقتصادي ستكون الاتفاقية مفيدة في الواقع من حيث الرفاه الاقتصادي لإسرائيل في الوقت الذي تُقلق فيه تكلفة المعيشة العديد من الإسرائيليين أكثر من أي شيء آخر”.

وفي إشارة إلى إمكانية توجيه ضربات إسرائيلية للمشروع النووي الإيراني عقب التوصل إلى الاتفاق، قال هايمان “إسرائيل ليست طرفًا في الاتفاقية، ولا تطلب ترخيصًا لعمليات سرية من الولايات المتحدة”.

ورأى أنه في حال امتثلت إيران لقيود الاتفاقية، دون مشروع نووي، فمن المرجح أن يتركز النشاط الهجومي الإسرائيلي ضدها على ما أسماه “تصديرها للإرهاب”.

وفي معرض هجومها على الاتفاق، تقول إسرائيل إنه سيضخ الكثير من الأموال الإيرانية لحلفاء إيران في المنطقة وخاصة منظمة حزب الله اللبنانية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، وذلك بعد رفع العقوبات الدولية عنها.

إلا أن هايمان يرى أن الدعم الإيراني لحلفائها في المنطقة، غير مرتبط بالعقوبات المفروضة عليها.

وأضاف “في ذروة عقوبات إدارة الرئيس دونالد ترامب، زادت موازنة الحرس الثوري عشرات المرات، وميزانية حزب الله لم تتأثر، واستمر دعم المنظمات في قطاع غزة، وأيضًا، كانت فترة الذروة لعقوبات ترامب هي فترة الذروة في إنتاج وصادرات السلاح الإيراني”.

5