أي تحديات تواجه الرئيس المقبل للصومال

مقديشو- ينتظر الرئيس الصومالي الجديد الذي ينتخب الأحد عدد كبير من التحديات والملفات الشائكة، من مكافحة الإسلاميين المتطرفين في حركة الشباب إلى تحقيق مصالحة سياسية وإعادة بناء الاقتصاد المتدهور.
وتجري الانتخابات وفق نظام معقد غير مباشر تُختار بموجبه مجالس المناطق ومندوبون من عدد لا يحصى من العشائر وفروعها المشرعين الذين يقومون بدورهم باختيار الرئيس.
وليتم انتخابه، ينبغي أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب وأعضاء مجلس الشيوخ (184). وإذا لم يحصل أي منهم على هذا المجموع في الدورة الأولى يتم تنظيم دورة ثانية يتنافس فيها المرشحون الأربعة الذين جاؤوا في الطليعة.
وإذا لم ينجح أي منهم في هذه الدورة، ينظم اقتراع جديد بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات في الدورة الثانية. وخلال مراحل الاقتراع، تتبدل استراتيجيات التصويت التي تؤثر عليها الانتماءات العشائرية.
◙ 71 في المئة من المواطنين الصوماليين يعيشون بأقل من 1.90 دولار في اليوم
ويخرج الصومال من أكثر من عام من التوتر بشأن تنظيم الانتخابات، بلغ ذروته في اشتباكات مسلحة في أبريل 2021 بعد إعلان انتهاء ولاية الرئيس محمد عبدالله محمد المعروف باسم فرماجو.
وهزت الخلافات بعد ذلك السلطة التنفيذية بسبب مواجهات بين الرئيس ورئيس الحكومة محمد حسين روبله. وألحقت هذه الخلافات وقرارات التأجيل ضررا ببلد وضعه ضعيف جدا.
ويرى عمر محمود المحلل في مركز الأبحاث مجموعة الأزمات الدولية “كانت سنة ضائعة بالنسبة إلى الصومال”.
وأضاف أن “هذه الانتخابات كانت سببا للانقسام (…) المصالحة هي التحدي الأكبر المباشر… سيكون من الصعب المضي قدما في (بعض القضايا) التي تتطلب مستوى معينا من التعاون من دون بعض التهدئة وتكوين رؤية مشتركة”.
وأدت رئاسة فرماجو إلى تصاعد الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وبعض المناطق وخصوصا جوبالاند وبونتلاند التي تعارض رغبة رئيس الدولة في تعزيز سلطات مقديشو الفيدرالية. وشهدت جوبالاند خصوصا معارك بين القوات الفيدرالية والمحلية.
كما كشفت كل هذه الحوادث وجود خطر تسييس الأجهزة الأمنية. وقالت سميرة غايد المديرة التنفيذية لمعهد هيرال المتخصص في القضايا الأمنية إن هناك “انقسامات داخل الأجهزة الأمنية يجب حلها”.
وتواجه البلاد منذ 15 عاما تمردا للإسلاميين المتطرفين في حركة الشباب الذين يسعون إلى دحر الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي وقوة من الاتحاد الأفريقي.
وفي الثلاثين من مارس وافقت الأمم المتحدة على بقاء هذه القوة الموجودة في البلاد منذ 2007 في مهمة أعيدت صياغتها وسميت “اتميس”. وهي تقضي باتباع استراتيجية هجومية أكثر جرأة يرافقها انسحاب تدريجي ينتهي بحلول نهاية 2024.
وقالت غايد إن الإدارة الجديدة يمكن أن تطلب “إعادة التفاوض” على جوانب محددة من هذه الخطة التي تمت المصادقة عليها في عهد فارماجو.
ويرى عدد من المراقبين والشركاء الدوليين أن الخلافات الانتخابية شغلت السلطات عن مكافحة حركة الشباب التي عززت وجودها في مناطق ريفية واسعة وكثفت هجماتها في الأشهر الأخيرة.
ويرى عمر محمود أنه بعد 15 عاما من العمل العسكري ربما حان الوقت “للتفكير في مسار سياسي”. وهو يعتقد أن “الإشارات من الإدارة الجديدة واللهجة التي ستتبناها (تجاه الشباب) ستكون مهمة جدا منذ البداية”. وتابع “حتى إذا كانت حركة الشباب غير مستعدة حاليا، يتعلق الأمر بفتح قناة… لتهيئة الأرضية”، معتبرا أنها “عملية طويلة الأمد”.
وتشهد الصومال -على غرار منطقة القرن الأفريقي بأكملها- واحدة من أسوأ موجات الجفاف منذ عقود، أثرت على 6.1 مليون شخص يشكلون أربعين في المئة من السكان. وتسبب الجفاف في نزوح 760 ألفا منهم، حسب أرقام الأمم المتحدة.
وضاعفت المنظمات الإنسانية دعواتها إلى جمع تبرعات محذرة من أنه من دون مساعدات دولية سريعة تتوجه البلاد نحو مجاعة مثل تلك التي حدثت في 2011 وخلفت 260 ألف وفاة.
ولا تملك الحكومة سوى موارد قليلة لدعم سكانها لكن سيكون لها دور تلعبه في استنهاض المجتمع الدولي والتنسيق.
ويعتمد اقتصاد الصومال المثقل بالديون ويعاني من نقص البنى التحتية على المساعدات الدولية. وقال البنك الدولي إن 71 في المئة من الصوماليين يعيشون بأقل من 1.90 دولار في اليوم.
وهددت الخلافات برنامج مساعدات حاسما من صندوق النقد الدولي من المقرر أن يتوقف تلقائيا في السابع عشر من مايو إذا لم تصادق الإدارة الجديدة على إصلاحات محددة. وطلبت الحكومة تمديد هذا الموعد النهائي مدة ثلاثة أشهر لكن لم تتلق ردا بعد.
وأما النمو الاقتصادي الذي قدر بنحو 2.9 في المئة في 2019 فقد تباطأ في 2020 بسبب وباء كوفيد – 19 واجتياح أسراب الجراد مناطق وفيضانات مما أدى إلى انكماش الاقتصادي بنسبة 1.5 في المئة حسب البنك الدولي.
وكان بنك التنمية الأفريقي يتوقع نموا بنسبة 2.9 في المئة في 2021 و3.2 في المئة في 2022 وهي نسب “تبقى أقل من تقديرات ما قبل كوفيد – 19”. وتتمثل المهمة الرئيسية للحكومة المستقبلية في تحسين عائداتها الضريبية من أجل الحصول على بعض الاستقلال وتعزيز مؤسساتها.
ولا تستطيع الحكومة تمويل موازنتها أو دفع رواتب جنودها دون دعم خارجي، ويواجه الصومال أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاما.
وقال عمر محمود إن “الصومال بحاجة إلى حماية نفسها من الصدمات الخارجية المستقبلية وإحدى طرق القيام بذلك هي تطوير قاعدة إيرادات محلية”.
وما زالت مكافحة الفساد مهمة أيضا في هذا البلد المصنف بين الدول الأكثر فسادا في العالم من قبل منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية، إذ يشغل المرتبة 178 مع سوريا على لائحة من 180 بلدا.
واعتبر الخبير وأستاذ الاقتصاد في جامعة الصومال محمد يوسف أن أزمة عدم الاستقرار السياسي في البلاد هي أساس انهيار مؤشر النمو الاقتصادي، وهو ما يشير إلى تراجع لمعدلات النمو لحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال يوسف إن الخلافات السياسية وعدم الاستقرار الأمني التي باتت صفة متلازمة للحكومات الصومالية تبعث مؤشرات غير إيجابية على نمو اقتصاد البلاد حيث تتوقف كل الاستثمارات وعمليات الشراء في جميع مناحي الحياة خوفا على المستقبل.
البلاد تواجه منذ 15 عاما تمردا للإسلاميين المتطرفين في حركة الشباب الذين يسعون إلى دحر الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي وقوة من الاتحاد الأفريقي
وسجل نحو 40 مرشحا أسماءهم في الانتخابات الرئاسية. ويعتبر رئيسان سابقان ورئيس وزراء سابق من المنافسين بقوة، في حين تضاءلت آمال إعادة انتخاب الرئيس الحالي محمد عبدالله محمد (فرماجو) بسبب إخفاق حلفائه في الفوز بمناصب مهمة في البرلمان. ولا توجد سوى مرشحة واحدة فقط.
ويقول محللون إن الرئيسين السابقين شريف شيخ أحمد (2009 – 2012) وحسن شيخ محمد (2012 – 2107) هما المرشحان الأوفر حظا.
والمنافسون القريبون في الجولة الثانية من التصويت هم رئيس الوزراء السابق حسن علي خير الذي حكم خلال الفترة من 2017 إلى 2020 ورئيس منطقة بونتلاند سعيد عبدالله ديني.
وفي الانتخابات السابقة تبادل المرشحون المتنافسون اتهامات برشوة النواب. وتعد وزيرة الخارجية السابقة فوزية يوسف آدم المرأة الوحيدة في السباق.