أيهما أَفْيد لوسائل الإعلام: الدفع مقابل المشاهدة أم زيادة الاشتراكات

واشنطن - أعلن إيلون ماسك عن خطة لمنصة تويتر تسمح لناشري الوسائل الإعلامية بتقاضي بدل من المستخدمين على أساس قراءة كل مقالة على حدة وبنقرة واحدة، في خطوة أثارت الجدل حول جدواها لوسائل الإعلام. وقال رجل الأعمال الملياردير على تويتر "هذا يمكّن المستخدمين الذين لم يشتركوا شهريا بدفع بدل أعلى مقابل قراءة كل مقالة بشكل عابر"، مضيفا "يجب أن يشكل هذا مكسبا رئيسيا للمؤسسات الإعلامية والجمهور على حد السواء".

وتكافح المؤسسات الإعلامية منذ لوضع خطط اشتراك تعود عليها بما يغطي تكاليف تشغيلها، رغم اعتياد القراء على الأخبار المجانية على الإنترنت. ومع تعرض عائدات الإعلانات للضغط والتأثر، تعلق الصحف آمالها على النمو المستمر في الاشتراكات الرقمية والعضويات والتبرعات.

وأفاد ماسك بأن الخطة ستبدأ بالظهور في مايو، لكنه لم يعط تفاصيل عن الأسعار بشكل دقيق أو النسبة التي ستتقاضاها منصة تويتر. ويأتي هذا الإعلان بينما يكافح ماسك لجعل تويتر مربحا. والتحدي الذي يواجهه ماسك هو كيفية جعل مقاربة الدفع الجزئي مقابل المحتوى ناجحة حيث فشل الآخرون. وأورد الصحافي البريطاني جيمس بول في مجلة "كولومبيا جورناليزم ريفيو" سلسلة من المشاكل التي تعترض الدفع الجزئي، وهي فكرة "راودت بالتأكيد كبار الناشرين في جميع أنحاء العالم".

ووفق وجهة النظر هذه فإن العديد من المستخدمين سيبتعدون فورا ما إن يصطدموا بنظام دفع للقراءة، والناشرون يفضلون "إلى حد كبير" تسجيل مشتركين دائمين لأن ذلك يحقق لهم عائدات من الإعلانات أكثر بكثير من 20 سنتا أو نحو ذلك مقابل قراءة كل مقالة.

وأثار الكثير من الأشخاص على تويتر اعتراضات أخرى، إذ اعتبر بعضهم أن القراءة على أساس كل مقالة ستشجع “طُعم النقرة” لاجتذاب القراء بعناوين خادعة، ويمكن أن يتم إعطاء الأفضلية للناشرين الكبار على حساب الصغار، إضافة إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كان الكتّاب أيضا سيتقاسمون العائدات مع الناشرين.

لكن آخرين على تويتر كان رد فعلهم إيجابيا حيال الخطة، فقد اعتبرها غريغ أوتري في تغريدة "فكرة عظيمة"، مضيفا "بصفتي أكتب بشكل منتظم في منشورات مثل فوربس وفورين بوليسي وآد أسترا، أشعر بالإحباط غالبا عندما ينتهي الأمر بعملي وراء نظام دفع لا يرغب من يتابعونني في الاشتراك فيه. هذا هو الحل الصحيح".

أما كارلوس غيل مؤلف كتاب عن التسويق فقد غرد بقوله "أخيرا، الدفع مقابل المشاهدة في عالم الأخبار لن يجعلك تشعر وكأنك تشتري الجعة في ملعب بسعر مبالغ فيه. احصل الآن على مقالاتك حسب الطلب وحافظ على سعادة محفظتك".

وجاء إعلان ماسك عن هذه السياسة الجديدة لاسترضاء وسائل الإعلام، وفي نفس الوقت سحب البساط من تحت أقدام منصة سابستاك لنشر المحتوى، ومنافستها لاجتذاب الكتاب والصحافيين، حيث يشعر ماسك بتهديد قوي من منافس لديه شعبية واسعة بين صناع المحتوى النصي.

وسابستاك من أشهر المنصات لإنشاء النشرات الإخبارية الإلكترونية، توفر خدمات النشر والدفع والتحليلات والتصميم عن طريق الاشتراكات، وأسست في عام 2017. وقررت منصة تويتر منع المستخدمين من التفاعل مع الروابط المنشورة على سابستاك، سواء عبر عمليات إعادة النشر أو التعليقات أو حتى الإعجاب.

وعرضت رسالة تنبيهية للمستخدمين الذين يحاولون الوصول إلى أي رابط يؤدي إلى منصة سابستاك، إذ تحذرهم من أن هذا الرابط غير آمن، في محاولة واضحة لتقليل تسويق سابستاك على منصة تويتر. وتذكر الرسالة التحذيرية أسباباً عدة تبرر تصنيف روابط سابستاك بأنها غير آمنة، بما في ذلك سرقة بيانات المستخدمين وإتلاف أجهزتهم الذكية، بالإضافة إلى محتوى مخادع ومزيف ومضلل ويحض على العنف، وهو ما يتعارض مع معايير وسياسات المحتوى على تويتر.

وجاء الهجوم الذي شنته منصة تويتر على سابستاك بعد أيام قليلة من إطلاق ميزة جديدة على المنصة تحت اسم "نوتس"، إذ تقدم هذه الميزة للمستخدمين تجربة تصميم مشابهة لتصميم تويتر، وهو ما جعلها تشعر بتهديد قوي من منافس لديه شعبية واسعة بين صناع المحتوى النصي. ورغم أن تويتر استخدمت أداة الرسائل التحذيرية في عدة مناسبات سابقة، لتحذير المستخدمين من المحتوى المزيف أو المخادع، فإنها لم تستخدمها من قبل لتقليل وصول المستخدمين إلى منصة أخرى. وهذا ما يجعل الإجراءات التي اتخذتها تويتر ضد سابستاك سابقة في تاريخ المنصة.

وأعرب مؤسسو سابستاك، في بيان، عن إحباطهم جراء محاولات تويتر تقييد قدرة صانعي المحتوى على مشاركة نشراتهم الدورية، مؤكدين أن لديهم الحق في الوصول إلى منصة يمكنهم من خلالها نشر محتواهم بحرية، وفي نفس الوقت تحصيل عائد مالي يتناسب مع ما يقدمونه من محتوى عالي الجودة.