أين ذهبت أموال التبرعات التي جمعها إخوان الأردن لإغاثة غزة

تراهن الجماعات الإخوانية على الجمعيات الخيرية من أجل التسرب داخل المجتمع، ومن أجل الإفلات من القوانين التي تمنع تمويل الأحزاب وذلك بهدف تمويل أجنداتها السياسية والانتخابية.
عمان - أثار تصريح أمين عام الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية حسين الشبلي، بشأن خلو كشوفات الهيئة من أي تبرعات مقدمة باسم حزب جبهة العمل الإسلامي لإغاثة غزة، موجة من التساؤلات عن مصير التبرعات التي جمعتها الذراع السياسية للإخوان المسلمين في الأردن.
ويقول مراقبون إن حزب العمل الإسلامي قد حول وجهة التبرعات لغزة إلى تمويل أجنداته الانتخابية والسياسية الداخلية وارتكب بذلك مخالفة قانونية تستوجب المحاسبة، خاصة وأن للحزب سوابق في استغلال أموال التبرعات لخدمة أجنداته.
ويشير المراقبون إلى أن الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية هي المخول الوحيد قانونا بجمع التبرعات والتصرف فيها، وهو ما يجعل الحزب تحت طائلة العقوبات.
وبعد المطالب الشعبية التي تنادي بتتبعه تعلل الحزب بأنه احتكم إلى قانون الأحزاب في جمع التبرعات، إلا أن خبراء قانونيين قالوا إن فتح مقرات الحزب وتخصيص مواقع لجمع التبرعات يعدان في حد ذاتهما مخالفة.
حزب جبهة العمل الإسلامي ارتكب مخالفتين؛ أولهما أنه خالف قانون الأحزاب، والثانية أنه لم يوضح آلية الإنفاق والكميات
ونفذ الحزب عمليات جمع تبرعات نقدية وعينية دون الرجوع إلى المؤسسات الأردنية لأخذ الموافقات، وهو ما يؤكد صواب المطالب المنادية بتتبعه.
واستنادا إلى قانون الأحزاب وفق المادة 25 منه الفقرة (و) “على الحزب الامتناع عن تقديم الهبات أو التبرعات النقدية أو العينية من أمواله إلى أي جهة بمن في ذلك أعضاؤه”.
كما نص قانون الأحزاب على أن “للحزب قبول الهبات والتبرعات المعلنة والمعروفة والمحددة من الأشخاص الأردنيين الطبيعيين والمعنويين على أن تكون معروفة ومعلنة، ويحظر على الحزب تلقي أي تمويل أو هبات أو تبرعات نقدية أو عينية من أي دولة أو جهة خارجية أو أي مصدر مجهول”.
وبالعودة إلى نظام جمع التبرعات للوجوه الخيرية، فإنه ينص على أنه “لا يجوز استغلال الأموال التي تجمع إلا في الغرض الذي جمعت من أجله على أن توافق الوزارة على أي تغيير في هذه الأغراض، وكل تعديل في الترخيص من حيث الموعد أو المكان أو سبل الجمع يجب أن يعتمد أولا من مجلس إدارة الهيئة ثم تؤخذ موافقة الوزارة عليه”.
ويثير إخفاء الحزب كشوفات التبرعات ووجهتها الشكوك في أن أعضاء الحزب ومن قبلهم جماعة الإخوان المنحلة لم يعبأوا بالقانون أو الحصول على تراخيص أو موافقات سواء لتقديم الأعمال الخيرية أو لتنفيذ أية مشاريع في حدود القانون.
وتحت الضغط الشعبي والحقوقي اضطر حزب العمل الإسلامي إلى الإعلان عن وجهة بعض التبرعات قائلا في بيان إنه تمت عمليات تسليم 19 شاحنة إغاثة، فيما شكك محللون في مصداقيته ووضعوه ضمن خانة المخاتلة التي دأبت جماعة الإخوان المسلمين على اللجوء إليها.
وأكد الخبراء أن حزب جبهة العمل الإسلامي ارتكب مخالفتين؛ أولاهما أنه خالف قانون الأحزاب، والثانية أنه لم يوضح في بيان رسمي آلية الإنفاق والكميات المجمعة.
وتذكر مخالفات حزب جبهة العمل الإسلامي بملف المخالفات التي لاحقت الإخوان المسلمين في الأردن بموجب القانون منذ العام 2005 والتي أدت بالتالي إلى صدور قرار محكمة التمييز 2020 بحلّ جماعة الإخوان المسلمين وذلك “لعدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية”، وقد اعتبرت المحكمة أن الجماعة فاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية.
وبالعودة إلى إستراتيجيات جماعة الإخوان المسلمين عامة فإن استغلال أموال الإغاثة تحت غطاء العمل الخيري يعتبر إحدى ركائز تغذية أجنداتها الاجتماعية والسياسية داخليا وخارجيا.
وعندما اتهمت الحكومة الأردنية جماعة الإخوان بالقيام بمخالفات مالية واسعة في شبكة مؤسساتها في يوليو 2006، كشفت برقية سرية أميركية النقاب عن شبكة بمئات الملايين من الدولارات.
تحت الضغط الشعبي والحقوقي اضطر حزب العمل الإسلامي إلى الإعلان عن وجهة بعض التبرعات قائلا في بيان إنه تمت عمليات تسليم 19 شاحنة إغاثة، فيما شكك محللون في مصداقيته
وذكر السفير الأميركي آنذاك بالعاصمة الأردنية عمان، ديفيد هيل، في برقية سرية أن “أموال مؤسسات جمعية الإخوان تقدر بنحو 700 مليون دولار”، مشيرا إلى أنها “توفر للإخوان وجبهة العمل الإسلامي مصدر رعاية وعمقا مؤسسيا”.
ويرى مراقبون أن تحويل وجهة أموال التبرعات يعزى بدرجة أولى إلى أجندات انتخابية داخلية تطمح من خلالها الواجهة السياسية للإخوان المسلمين في الأردن الى تعزيز موقعها في البرلمان القادم بعد الخسارة الفادحة التي منيت بها في الانتخابات الأخيرة.
وفقدت جماعة الإخوان المسلمين تأثيرها التشريعي في البرلمان الأردني بعد أن منيت بهزيمة قاسية في الانتخابات الفارطة، وبالتالي باتت عمليا خارج المعادلة البرلمانية.
وحصل الإسلاميون في الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في نوفمبر 2020 على 5 مقاعد ضمن التحالف الوطني للإصلاح، من أصل 130 مقعدا يتألف منها البرلمان.
ويرى مراقبون أن عدم نجاح جماعة الإخوان في الانضمام إلى اللجان جعلها على الهامش في المجلس وغير قادرة على التأثير خاصة من الناحية التشريعية.
ويعد البرلمان المنفذ الوحيد لجماعة الإخوان من خلال وجود نواب لذراعها السياسية، حزب جبهة العمل الإسلامي، لكن الوضع تغير، ولم يعد لهذا الحزب اليوم أيّ تأثير نيابي، فضلا عن القرارات القضائية التي تلاحق الجماعة.