أين التعويضات.. ضحايا "المقاومة" يطالبون حزب الله بإعادة بناء منازلهم

محاولات إعلامية من حزب الله للملمة غضب بيئته.
الخميس 2025/01/09
دمار يحتاج تعويضا

يزداد الإحباط والاستنكار داخل بيئة حزب الله من زيف الادعاءات بشأن تعويضات إعادة الإعمار بعد الحرب الأخيرة التي دمرت بيوت الكثيرين في لبنان مع ضآلة المبلغ بينما تروج وسائل الإعلام التابعة لحزب الله لبدء تسليم التعويضات التي تبلغ الآلاف من الدولارات.

بيروت - مع دخول الشهر الثاني من تاريخ وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، تتعالى صرخات المتضررين الذين وجدوا أنفسهم بين وعود التعويضات التي لم ينفذها حزب الله، وواقع اقتصادي منهار لا يسمح لهم بإعادة بناء منازلهم وعقاراتهم من جديد.

ورغم زيارات الكشف من الجهات المعنية، وفي مقدمها حزب الله، لم تصل المساعدات إلى معظم المتضررين، مما ولد حالا من الإحباط والاستياء داخل بيئة الحزب.

ويعود الغضب إلى الطريقة التي يعتمدها الحزب في توزيع التعويضات على الأهالي المتضررين، والتي تشمل ترميم المنازل وتوفير بدل سكن لمن تدمّر منزله أو أصبح غير صالح للسكن، إذ تم إهمال الكثير من المواطنين، أو غالبيتهم، باستثناء عائلات المسؤولين في الحزب وعائلات المقاتلين، الذين يحصلون على تعويضات مالية شهرية تؤمن لهم السكن وجميع المصاريف الأخرى بشكل كامل.

كما روجت وسائل الإعلام التابعة لحزب الله لبدء تسليم التعويضات التي تبلغ الآلاف من الدولارات، ونشرت قناة المنار منشورا على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي تعلن فيه موعد تسليمها، وجاء في تغريدة في الحادي عشر من ديسمبر الماضي:

TVManar1@

إلى أشرف الناس…

ابتداء من الغد يبدأ حزب الله بصرف التعويضات المالية للمتضررين بشكل تدريجي، على أن يكون قبل نهاية هذا الشهر قد سدّد كل المستحقات العائدة للمواطنين الشرفاء.

بدورها نشرت قناة الميادين فيديو لكلمة الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، معلقة عليها:

AlMayadeenNews@

“كل من هدم منزله بالكامل سيتلقى 14 ألف دولار لمدة سنة إذا كان مقيما في بيروت و12 ألفا إذا كان خارجها”

الأمين العام لـ#حزب_الله الشيخ #نعيم_قاسم.

لكن منذ ذلك الوقت وحتى الآن يتزايد استياء المواطنين ويعلو صوتهم المستنكر من قيمة التعويضات المقدمة لهم لإصلاح منازلهم المتضررة، معتبرين أن هناك غبنا في التسعير إلى درجة أن بعض المناطق خرج سكانها إلى الشارع مستنكرين.

انتشر مقطع فيديو يُظهر احتجاجات في بلدة الشرقية جنوبي لبنان بمحافظة النبطية، حيث قام محتجون بقطع الطريق وإشعال الإطارات، ليل الاثنين، تعبيرا عن غضبهم واعتراضهم على عدم دفع التعويضات اللازمة لترميم منازلهم.

وجاء في تعليق:

chadoua_jbeli@

أغلق السكان مفرق الشرقية في النبطية احتجاجا على عدم حصولهم على تعويضات عن أضرار الحرب في جنوب لبنان### حزب الله يعاني من مشاكل سيولة…

كما تداول لبنانيون صورا لشيكات صادرة عن مؤسسة “القرض الحسن” التابعة للحزب، وتضمنت مبالغ مالية لتعويض الأضرار التي لحقت بمنازل المتضررين نتيجة الحرب. وجاء في حساب تعويضات الحرب:

Allah13Wwww@

حتى هذه اللحظة حزب الله لم يدفع أي تعويض سوى الشيكات القليلة… دمروا بيوتنا ورفضوا دفع تعويض.

وعلق ناشط:

Rr4tWx@

ما في ولا دولة وعدت بإعادة الإعمار. وإيران على الحديدة ما أدري ليش يكابرون!

وتعكس هذه التطورات حالة من التوتر بين المتضررين، وسط دعوات مستمرة إلى الإسراع في صرف التعويضات وضمان عدالة التوزيع بين جميع المتضررين، وتظهر التناقض بين الواقع وبين تصريحات مسؤولي حزب الله تحديدا عن الحرب الأخيرة التي ينظر لها الكثير من اللبنانيين على أنها لم تكن أصلا خيارا وطنيا جامعا بل كانت قدرا تم جر البلد المتهالك أصلا إليه.

ووسط موجة الغضب تصر وسائل الإعلام الموالية للحزب على تلميع صورته رغم ضعف حجتها، وتبدو إشارة صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله إلى أنه “يتردّد أن ما سدّده حزب الله من تعويضات إلى غاية مطلع هذا الأسبوع بلغ 200 مليون دولار” أنها لا تريد تبني الرقم الذي يبدو أنها تدرك عدم صحته بل اكتفت بنسبه إلى أقاويل.

تناقض بين الواقع وبين تصريحات مسؤولي حزب الله عن الحرب التي ينظر لها اللبنانيون على أنها لم تكن خيارهم

وأضافت في محاولة لتلميع جهود حزب الله مقابل إلقاء اللوم على الدولة المنهكة أصلا اقتصاديا أنه “رقم يزداد بشكل يومي بنفس الوتيرة المتسارعة في إنجاز المسح والتسديد. كل هذه العملية، بكامل تفاصيلها محصورة بمؤسّسات حزب الله، إذ إن مؤسّسات الدولة الرسمية تسير بخطى بطيئة جدا، بما يشبه انكفاء السلطة عن برنامج إعادة الإعمار بكل ما فيه من تخطيط ومعاينة وبحث عن التمويل”.

وكانت بيئة حزب الله قد استبشرت خيرا في البداية، حين جاءت فرق من مؤسسة “جهاد البناء” التابعة للحزب، وبدأت عملية إحصاء للمباني والأحياء المتضررة في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع.

وقام مجلس الجنوب بدوره التابع لمجلس الوزراء بإحصاء للمنازل والمحال والمؤسسات التجارية المتضررة.

غير أن أصحاب هذه المنازل لم يتلقوا أي مساعدات من الحزب، علما أن فرقا من مسؤولين في “الحرس الثوري الإيراني” والهلال الأحمر الإيراني حضروا إلى لبنان وأبلغوا قيادات في الحزب بأن دولتهم على استعداد للمساهمة في إعمار المناطق المدمرة من دون أن يوضحوا كيفية هذا الدعم إذا كان مباشرة من إيران أو عبر صندوق للإعمار الذي لم يبصر النور بعد لتشرف عليه الحكومة اللبنانية.

وينسحب الأمر نفسه على بلدات في البقاع فضلا عن الضاحية الجنوبية. ويتداول معنيون أن مؤسسة “القرض الحسن” حررت شيكات لأصحاب البيوت المتضررة من دون أن تترجم هذه العملية على الأرض بعد.

ولذلك لم يترجم الكلام الذي قاله الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في آخر ثلاثة خطابات له إلى تعويض المتضررين وتأمين مساعدات مالية شهرية لاستئجار منازل وشراء أثاث.

بل زاد من موجة الغضب مع حديثه بشأن إعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب الأخيرة، في الرابع عشر من ديسمبر، حين قال إن “إعادة الإعمار مسؤولية الدولة” داعيا “الأشقاء العرب والدول الصديقة إلى المساعدة في إعادة الإعمار”، يأتي هذا في وقت تعاني فيه الدولة اللبنانية من أزمة اقتصادية خانقة، تحول دون قدرتها على تحمل أعباء إعادة الإعمار.

وتخلف هذه المراوحة من طرف الحزب موجات من الاستياء عند المواطنين الذين فقدوا أو تضررت منازلهم إذا لم يحصلوا على مساعدات مالية عاجلة خصوصا في عز فصل الشتاء.

وتداولت أنباء عن توجه بعض المتضررين من الحرب إلى رفع دعاوى قضائية ضد حزب الله أمام النيابات العامة المختصة، بتهمة تخزين أسلحة تحت المباني السكنية دون علمهم، مما أدى إلى استهداف منازلهم وأرزاقهم من قبل الجيش الإسرائيلي، ويهدف المتضررون من هذه الدعاوى إلى محاسبة المسؤولين عن الأضرار التي لحقت بهم، والحصول على تعويضات عادلة تساهم في إعادة بناء حياتهم.

5