أينما تكونوا.. يُدرككم "التجسس"

كل التقارير تشير إلى أنه ما دام حاسوبك أو هاتفك متصلاً بالإنترنت، فإن خزائن أسرارك مفتوحة على مصراعيها ويمكن اختراقك بكل بساطة.
السبت 2019/03/02
لا مفر من الجوسسة حيثما كنت

على غرار الفيلم الشهير “في بيتنا رجل”، أصبح بالإمكان الآن القول ـ وبكل ارتياح ـ إن في بيتنا “جاسوسا”!

عفوا.. لا تفزعوا كثيرا، لأن وطأة العلم والتقنية استنسخت وظيفة الابن الأصغر في البيت، والذي كانت مهمّة “المخبر” بصورته التقليدية القديمة تنحصر في نقل الأخبار لمن يدلله أو يدفع له أكثر، وجعلتها أكثر سهولة عبر هاتفك الذي لا يفارقك أبداً.

كل التقارير تشير إلى أنه ما دام حاسوبك أو هاتفك متصلاً بالإنترنت، فإن خزائن أسرارك مفتوحة على مصراعيها ويمكن اختراقك بكل بساطة، وكأنك تجلس على مقهى شعبي لا يحفظ سراً في “حارة كل من إيده إله” بتعبير أشقائنا الشوام.

وبعد أن كنا ـ كرجال ـ نحيط أنفسنا بكل أنواع الخصوصية والتأمين، ويفزع الواحد منا عندما تلتقط زوجته هاتفه أو تسأله عن كلمة السر خوفاً من افتضاح أموره أمام “الحكومة”.. باتت صورنا الشخصية ومحادثاتنا في قبضة من لا يرحم.. شركات الاتصالات ومصانع الهواتف الجوالة، وبالتالي عرضة لأي تسريبات أو تهديدات بنشر غسيلنا و”سيديهاتنا” كما يفعل أحد المحامين المشهورين في مصر!

وبدلاً من الخضوع للابتزاز بوضع “عسكري في غرفة نوم كل مواطن” كما قال الفنان محمد هنيدي ساخراً من إجراءات الحكومة بتحديد النسل لضمان تقليص نسبة المواليد، صارت كاميرات المراقبة في المحال والشوارع ـوربما البيوت مستقبلاـ إجراء روتينيا لإحدى أهم وسائل التأمين المطلوبة لـ”الأمن القومي” والتي تلقى تشجيعا متزايدا، وهو ما ينبغي تطويره بشكل ما حرصا على تحقيق “الأمن الزوجي” وحمايته من الأعداء والمتطفلين.

المرأة تقوم بهذا الدور “الأمني” بامتياز. وعدا نظرية الاستباحة والاستحلال، فإن تفتيش ملابس الزوج ومصادرة ما فيها من نقود كمهمة مقدسة، كانت هناك مهمة أخرى أشد دقة وصرامة.. استجوابه وفحص متعلقاته ـ وربما جسده ـ من بقايا “شعرة حريمي” أو أحمر شفاه لإثبات الجرم المشهود ومن ثمَّ إقامة الحد الموعود، ولا مانع من التجسس والقرصنة إذا تطلبت الأمور.

وهكذا.. نكون نحن الرجال إذن القبيلة المستباحة باسم الأمن “القومي” أو “الزوجي” أو أي أمن والسلام.. من حكوماتنا وشركات تصنيع هواتفنا وشركات اتصالاتنا ووسائل تواصلنا الاجتماعي على الإنترنت ومخبري حاراتنا وجيراننا وزوجاتنا.. حتى صغار أطفالنا. لذا إخوتي في البشرية المعذبة معشر الرجال اطمئنوا تماما.. أينما تكونوا يدرككم التجسّس، فلا عاصم اليوم من أمر “التقنية”. من أراد أن تفقده زوجته وتكون فضيحته “بجلاجل” فليتبعني خلف هذا “الكيبورد” ويعطني “باسوورد” هاتفه!

24