أيرباص تشدد المنافسة مع بوينغ للحفاظ على تقدمها في سوق الطيران

كشفت مجموعة أيرباص عن تحول كبير في بناء طائراتها التجارية في خضم معركتها المستمرة لزيادة مبيعات الطرز عريضة البدن أمام بوينغ الأميركية، بينما تخلت بهدوء عن الشعار الذي خاضت من خلاله نزاعا شرسا مع منافستها اللدود قبل عشر سنوات.
باريس - يسوق صانع الطائرات الأوروبية أيرباص لمقصورة أعرض وأطول لطرازه الشهير أي 350 الذي يعول عليه كثيرا خاصة مع تنامي الطلبات لهذه النوعية من طائرات الركوب في خضم سباق شرس مع بوينغ الأميركية.
وتأتي الخطوة بينما أعلنت أيرباص الجمعة أن صافي أرباحها ارتفع بنسبة 65 في المئة ليبلغ نحو 667 مليون يورو محققة “أداء ماليا قويا” في الربع الثالث من العام 2022.
ورغم صعوبات تأمين الطلبيات منذ بداية الجائحة، تحافظ أيرباص على توقعاتها لتسليم نحو 700 طائرة مع نهاية العام الجاري.
ويتعامل عملاقا صناعة الطائرات أيرباص وبوينغ بشكل روتيني مع كفاءة استهلاك الوقود وتتعلق أحدث الخطط في توفير مقصورة طائرة كبيرة حيث تتقابل الراحة مع التكلفة.
وقالت أيرباص في مدونة إنها “تقدم معيار إنتاج جديد (أن.بي.أس) لجعل طائرات أي 350 أخف وزنا وأكثر مرونة”.
وتشمل التغييرات كشط أربع بوصات من الجدران الداخلية وجعل المقصورة أطول عن طريق تحريك الحاجز والضغط على قمرة القيادة.
ونسبت وكالة رويترز إلى أنياس مارزو رئيس تسويق المقصورة الداخلية في شركة أيرباص قولها إنها “تزيد من الراحة في جميع الدرجات”.
ورفضت بوينغ التعليق، لكن مصادرة مطلعة على عرضها لشركات الطيران قالوا إنها “تصر على أن طائرتها المماثلة أكثر اتساعا”.
ومن الأهمية بمكان استعادة المنافسة في سوق الطائرات ذات الجسم العريض، إذ تسمح ترقية أيرباص بما يصل إلى 34 مقعدا إضافيا للوصول إلى أكثر من 400 مقعد على طائرة أي 350 - 1000، مقارنة بطائرة بوينغ إكس 777 ذات 406 مقاعد.
وتؤثر المقاعد الإضافية على شركات الطيران بطريقتين، فهي تفتح المزيد من الإيرادات إذا تمكنت شركات الطيران من ملئها، كما أنها تقلل التكلفة لكل مقعد، وهو مقياس يمكن أن يؤدي إلى أسعار أقل وتحديد الطائرات التي تشتريها شركات الطيران.
وقال خبير صناعة قمرات القيادة في الطائرات التجارية وصحافي الطيران المستقل جون والتون، الذي أبلغ عن التغييرات، إنها “أكثر كفاءة بنسبة 11 في المئة تقريبًا في أسعار الدرجة الاقتصادية”.
وتحتوي معظم قمرات أي 350 الاقتصادية حاليا على تسعة مقاعد بعرض 18 بوصة لكل صف، ولكن المعيار الجديد سيرفع ذلك إلى 18.7 بوصة.
وستحصل شركات الطيران التي تختار زيادة مقعد إضافي لكل صف على مسافة تقدر بعشر بوصات لتكون مواكبة على مقاعد بعرض 17 بوصة.
وتقول مصادر الصناعة إن هذا يسهّل بيع أي 350 لشركات النقل الرئيسية، التي ترفض المقاعد مقاس 16.4 بوصة المعروضة على طراز الحالي لأيرباص.
واتجه عدد قليل من شركات النقل ذات الميزانية المحدودة إلى هذا التصميم. ومع ذلك، اضطرت شركة أيرباص إلى التحول في مجال التسويق.
ففي عام 2013، قامت الشركة بحملة من أجل معيار صناعي للمقاعد العريضة 18 بوصة للرحلات الطويلة وأطلق عليها اسم “البديل 17 بوصة” الذي تم تقديمه على منافستها بوينغ 787 والمعروفة باسم “الكسارة”.
كما أن الشركة الأوروبية أزعجت منافستها الأميركية بحملة إعلانية تظهر مقاعد ضيقة في مطعم وطائرة تحت شعار “لن تقبل هذا أبدًا. فلماذا تقبل هذا؟”.
ومما لا شك فيه أن العديد من شركات الطيران قد حازت على قبول قمرات أكثر إحكاما وما ينتج عن ذلك من أسعار أقل. كما أعطت المقاعد الجديدة المنحوتة مزيدا من الراحة.
لكن هذا التحول يوضح لعبة بوكر معقدة في طائرات كبيرة حيث غالبا ما يخوض صانعو الطائرات أكثر من معركة واحدة، مع وجود نموذج واحد لأيرباص هو أي 350 أمام نموذجين لبوينغ هما 787 و777 ماكس.
وفي الوقت الذي كانت فيه أيرباص تقوم بحملة للحصول على مقاعد 18 بوصة، كانت أي 350 تخسر مبيعاتها لأن بوينغ 787 بها تسعة مقاعد في كل صف بدلا من المقاعد الثمانية الأصلية.
وكافح الصانع الأوروبي مع طائرته الأكبر للمنافسة في عدد مقاعد بوينغ وانتشرت إعلاناتها بشكل كبير. ففي العلن، كان الخلاف حول التفاصيل، أما داخل مجالس الإدارة، كان الأمر يتعلق بتحقيق المزيد من الإيرادات.
ويقول المحللون إنه من خلال الدعوة إلى معيار مقاس 18 بوصة، لم تكن أيرباص تحاول إحراج منافستها فحسب، بل كانت تحاول فرض تغيير في عدد المقاعد التي أدخلتها شركات الطيران في حساباتها وإزالة العيب مقابل 787.
وتملك أيرباص المعركة المعاكسة بين يديها الآن حيث أنها تطارد 777 إكس الأوسع بالفعل، والتي تحتوي أيضا على جدران قوية في المقصورة.
وبعدما سقطت خطتها الأولى لبناء طائرة أي 350 أكبر على لوحة الرسم، تقول مصادر الصناعة إنها توصلت بعد ذلك إلى خطة المقصورة.
وقال أحدهم لرويترز “تقوم أيرباص بعكس ما فعلته ضد طائرة 787. إنها تزيد من عدد المقاعد وتقنع شركات الطيران بضرورة تسييرها بهذه الطريقة، وبالتالي تقييمها بهذه الطريقة”.
ومن المتوقع أن تظهر بوينغ المرونة أيضا. وقالت المصادر إنها تجادل بأن 777 إكس الجديدة الأوسع أكثر راحة، حيث تعيد إطلاق النار على أي 350 الأصغر مثلما فعلت أيرباص ضد 787.
ويرى المهندسون في أيرباص أن المزيد من المقاعد ليس هو الخيار الوحيد وأن العديد من شركات الطيران ستستخدم المساحة بشكل مختلف. فقد حصلت شركة إيبيريا الإسبانية على أن.بي.أس أولا ثم شركة ستارلاكس التايوانية.
لكن والتون توقع أن 75 في المئة من مشتري أي 350 سيختارون في النهاية التصميم الأكثر إحكاما، بما يتناسب مع معظم مستخدمي 777. وقال "أعتقد أنك سترى أي شخص يشتري طائرة أي 350 بمعيار أن.بي.أس فقط سيميل بقوة نحو 10 مواكبين".