#أيتام_خميس_مشيط.. الترند السعودي في خدمة البلبلة

أثارت مقاطع فيديو تظهر الاعتداء على شابات في دار للأيتام بلبلة واسعة على تويتر، في وقت يحذر فيه السعوديون من استثمار جمهور تويتر من قبل المناوئين للمملكة وقيادتها.
الرياض - انتقد مغردون سعوديون استثمار الجيوش الإلكترونية لحادثة الاعتداء على يتيمات في دار أيتام للإساءة إلى البلد وبث البلبلة.
ويتصدر هاشتاغ #أيتام_خميس_مشيط الترند السعودي على تويتر. وضج بمقاطع فيديو صادمة، تظهر اعتداء رجال أمن وآخرين ملثمين على فتيات في دار أيتام في منطقة خميس مشيط بإمارة عسير، وضربهن بالعصي والأحزمة وسحلهن.
وأثارت المقاطع موجة واسعة من الاستنكار، ومطالبات للسلطات باتخاذ إجراءات قانونية ضد المعتدين. وعلى الفور نشرت إمارة منطقة عسير بيانا يقول إن أمير المنطقة تركي بن طلال بن عبدالعزيز “وجه بتشكيل لجنة للوقوف على ما تم تداوله من فيديوهات وصور، والتحقيق مع كافة الأطراف وإحالة القضية لجهة الاختصاص”.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مسؤول في النيابة العامة قوله إن النيابة باشرت التحقيق في “واقعة إتلاف المال العام” فيها. وشدد المصدر على “حرمة إيذاء المقبوض عليه جسدياً أو معنويّاً، وحظر معاملته معاملة مهينة للكرامة”. كما دخلت جمعية حقوق الإنسان السعودية على خط الحادثة، وبدأت المتابعة والوقوف على حيثيات الواقعة والمتسببين فيها، والتنسيق في ذلك مع الجهات ذات العلاقة في المنطقة، بما يضمن الحفاظ على حقوق المعتدى عليهم، ومحاسبة المتسببين في حدوثها، وفق ما نصت عليه الأنظمة في المملكة، حسب بيان للجمعية.
لكن الجدل لم يتوقف، فقد أُغفل الإعلان عن بدء التحقيقات، وكان لافتا استغلال الحادثة من قبل الجيوش الإلكترونية ومعارضين سعوديين في الخارج لتجييش الرأي العام السعودي ضد رجال الأمن والإساءة إليهم وإلى القيادة السعودية وخاصة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وبث البلبلة الداخلية.
وقال الكاتب السعودي تركي الحمد:
ونشر حساب باسم عبدالله الجريوي، يدعي أنه ناشط حقوق سعودي معارض، مقاطع فيديو للاعتداءات تداوله سعوديون بشكل واسع وبلغ عدد مرات مشاهدته المليونين. وفي الفيديو المسرب تسمع أصوات صراخ وبكاء المقيمات،. ويقول الجريوي إن سبب مهاجمة الفتيات يعود إلى “إضرابهن اعتراضا على رفض مطالباتهن بحقوقهن داخل الدار”.
وألقى معارض سعودي آخر بجواز سفره أرضا، احتجاجا على مشاهد الاعتداء الوحشي على فتيات في إحدى دور الرعاية بمحافظة خميس مشيط، جنوبي المملكة. ونشر المعارض نادر مطلق الشمري فيديو هاجم فيه السلطات السعودية، وقال “إلا الشرف، ما دام وصلت للشرف فهذا عار”.
وأمسك الشمري بجواز سفره قائلا إنه لا يتقبل حمل هذا الجواز، وإنه سيدوسه تحت رجليه، قبل أن يلقي به أرضا. وهاجم الشمري في فيديو آخر ولي العهد السعودي قائلا إنه يتحمل مسؤولية التغول الأمني على المواطنين والفتيات العزّل.
وقال مغرد:
وقال حساب تركي الشلهوب الذي يقول سعوديون إنه “حساب وهمي”:
ما حدث عار، والعار الأكبر على من يصمت أو من يبرر، ما حدث ظلم، وإعانة الظالم تكون بالسكوت عن ظلمه.. ارفعوا أصواتكم دفاعًا عن بناتنا وأخواتنا. #أيتام_خميس_مشيط
كما غردت الناشطة السعودية لينا الهذلول المقيمة في الخارج “إذا كنت تتساءل كيف يتصرف أمن دولة محمد بن سلمان عندما يعتقلون أشخاصا بشكل تعسفي، فإليك مقطع فيديو لهم وهم يعتدون على دار للأيتام. مجرمون”.
وكشف خطاب رسمي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية الأربعاء أن خطابًا رسميًا يتضمن طلب النجدة الأمنية لمنع حدوث “ما لا تحمد عقباه” يقف خلف مداهمة رجال الأمن لدار الرعاية الاجتماعية في خميس مشيط بمنطقة عسير.
ووفق الخطاب المتداول طلب رئيس فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في منطقة عسير، هادي بن عايض الشهراني، من مدير شرطة خميس مشيط “التدخل بشكل مباشر، واتخاذ كافة الإجراءات منعًا لحدوث ما لا تحمد عقباه”، بعد أعمال شغب في الدار تورطت فيها بعض الفتيات.
يذكر أن لدور إيواء الفتيات في المملكة عموماً تاريخ شائن بما في ذلك دور الرعاية حيث كانت تُحتجز الفتيات بذريعة الاتهامات بسوء الخلق والتمرد من قبل العائلة.
وفي المقابل نشطت حسابات سعودية تقول للسعودي “لا تكن مراسلاً للقنوات المعادية للبلد عبر نشر تغريدات مسيئة وتداول مقاطع الفيديو”. ويطالب أكاديميون المغردين بعدم الانجرار وراء الهاشتاغات المريبة والمشاركة فيها، خاصة أن الجمهور السعودي تحول من جمهور لوسائل الإعلام إلى جمهور لقضايا جدلية. وفرض الجمهور السعودي نفسه على الساحة الإعلامية العربية بتجربة ومتابعة ونقد واستهلاك ما يصعب تجاوزه عند التخطيط الإعلامي، إلا أن الاستثمار الفعلي لهذا الجمهور بعيد عن عيون صانعي الإستراتيجيات الإعلامية الوطنية، الذين يرون أن تبعية الجمهور لخطابهم الإعلامي هي تبعية هوية وليست مشاركة في قضية. وكتب حساب كولومبس واسع الانتشار:
وقال مغرد:
حادثة_دار_الأيتام_في_خميس_مشيط مهما كانت القضية.. الجريمة الأكبر نشرها على قنوات التواصل ليتم استغلالها من قبل أعداء #السعودية وتضخيم الموضوع لمهاجمة قادتنا دون وجه حق.. كان المفروض رفع المقطع إلى ولاة الأمر الذين لن يقصروا في اتخاذ اللازم. من نشر المقطع يستحق العقاب.
وغرد آخر:
ويقول مراقبون إن أفراد الجيوش “متمكنون” و”يعرفون ماذا يفعلون”، إذ أنهم يعتمدون في كل مرة إستراتيجية لتجييش الرأي العام وهدفهم من ذلك إثارة البلبلة الداخلية والتشكيك في سياسات الدولة واختياراتها وبث الشك في القيادة السياسية. ووصف المستشار الأمني محمد الهدلة الجيوش الإلكترونية بـ”خلايا مدمرة مدعومة من قوى إقليمية شريرة هدفها تشويه السعودية ومرحلتها التنموية الحالية، ظاهرها الخوف على الدين وادعاء حراسة الفضيلة وباطنها الإخلال بالأمن السعودي ومحاولة الإساءة إلى السعودية وقيادتها”. وأضاف “العاقل يدرك أن استهداف السعودية مستمرّ وبرعاية دول ومنظمات ومؤسسات إعلامية، هدفها نشر الشائعات وتشويه سمعة السعودية وهز ثقة الشعب في قيادته وشرخ الكيان الداخلي، من خلال إطلاق هاشتاغات تلامس قضايا المجتمع السعودي”.
وكانت تقارير إعلامية سابقة أشارت إلى وجود الآلاف من الحسابات الوهمية أو ما يعرف بـ”البوتات” التي تستهدف الداخل السعودي لإثارة البلبلة. وتنشر هذه البوتات تغريدات لها نفس الفكرة ضمن هاشتاغ معد مسبقا لإيصاله إلى مراكز متقدمة ضمن قائمة الهاشتاغات الأكثر انتشارا لإيهام السعوديين بأنه قضية رأي عام.
ويجد السعوديون أنفسهم مجبرين على متابعة تويتر واستقاء المعلومات منه، في ظل غياب إعلام سعودي مهني وقوي. وتواجه وسائل الإعلام السعودية معضلة ثقة مع الجمهور، الأمر الذي يضعها أمام ضرورة مراجعة خطابها من أجل إعادة الجمهور إليها بعد أن سرقه تويتر. وتحولت وسائل الإعلام في السعودية إلى مصدر رد الفعل وليس مصدر الخبر.