أيا كانت نتائج الانتخابات.. إيران لن تتخلى عن راديكاليتها

سواء فاز إبراهيم رئيسي بالرئاسة أو لم يفز طهران لن تتغير تحت سلطة المرشد.
الخميس 2021/06/10
رئيسي الأوفر حظا

ستطوي الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الثامن عشر من يونيو الجاري صفحة الرئيس حسن روحاني الذي يتولى منصبه منذ 2013، لكن هذه الانتخابات الذي يرجح فوز المتشدد إبراهيم رئيسي فيها بكرسي الرئاسة، لن تحمل الجديد للإيرانيين، ومهما كانت النتائج لن تتخلى طهران عن راديكاليتها، وسيحافظ النظام على نفوذه وسيتمسك بنهج التضييق والإقصاء في ظل سلطة المرشد.

طهران – يتوجه الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع في الثامن عشر من يونيو الجاري لاختيار رئيس جديد خلفا لحسن روحاني، في انتخابات تبدو نتيجتها محسومة سلفا ويتوقع أن تعزز إمساك المحافظين بمفاصل هيئات الحكم، وسواء باغتت صناديق الاقتراع التوقعات واختارت أحد المرشحين المنتمين إلى العسكر المعتدل، إلا أن ذلك لا يعني أن إيران ستتغير وهي الخاضعة إلى اليوم لسلطة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

وفي فترة من الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية زادتها حدة العقوبات الأميركية وجائحة كورونا، يتنافس سبعة مرشحين في الانتخابات الثالثة عشرة في تاريخ الجمهورية الإسلامية (اعتبارا من عام 1979)، هم خمسة من التيار المحافظ المتشدد المعروف بـ”الأصولي”، واثنان من التيار الإصلاحي.

ويبرز بين المرشحين رئيس السلطة القضائية المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي (60 عاما) الأوفر حظا للفوز بالمنصب، بعدما نال 38 في المئة من أصوات المقترعين في انتخابات 2017، وفي ظل غياب أي منافس وازن هذا العام.

وتُجمع مجموعة من القراءات السياسية على أن علاقة رئيسي الوثيقة بخامنئي وشعبيته النسبية التي حصدها من حملته التلفزيونية لمكافحة الفساد تجعلانه المرشح المفضل في انتخابات يعتقد محللون أن المتشددين يتمتعون بحظوظ قوية فيها.

ويشير المحللون إلى أنه سواء فاز رئيسي أو لم يفز، فإن طهران لن تتراجع عن راديكاليتها، حيث يشكل الإصلاحيون والمتشددون على حد السواء مجرد واجهة لعملة إيرانية واحدة معروفة بالتشدد.

ومهما كانت النتائج، سيتواصل مناخ التضييق على الحريات في البلاد، ولن يتردد النظام في تكميم أفواه معارضيه مرات ومرات، فيما سيبقى الشارع يرزح تحت ضغوط أزمة اقتصادية حادة، التي تفاقمت مع مغامرات النظام الخارجية والتي يدفع ثمنها الشارع بدرجة أولى.

وفيما يخلو المعسكر السياسي الإصلاحي والمعتدل في إيران حاليا من دعم شعبي بعد أن خيب آمال الشارع في إحداث تغيير حقيقي مع فشل في إنعاش الاقتصاد المتردي، تبدو الأرضية ممهدة لرئيسي الذي ارتفعت شعبيته في استطلاعات الرأي بينما كان يقود حملة لمكافحة الفساد كرئيس للسلطة القضائية، كما يعتقد على نطاق واسع أن لديه طموحات لخلافة خامنئي كمرشد أعلى.

مهما كانت النتائج، سيتواصل مناخ التضييق على الحريات في البلاد، ولن يتردد النظام في تكميم أفواه معارضيه مرات ومرات

ويرجح أن تشهد الانتخابات امتناعا واسعا عن التصويت، وهو ما يصبّ عادة في صالح التيار المحافظ. وشهدت آخر عملية اقتراع (الانتخابات التشريعية 2020) نسبة امتناع قياسية بلغت 57 في المئة.

وأتى ذلك بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور الآلاف من المرشحين، غالبيتهم من الإصلاحيين والمعتدلين. وانتهت انتخابات مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) بفوز عريض للمحافظين.

وقبل أقل من أسبوعين على موعد الدورة الأولى، تمضي الحملة الانتخابية دون ضجيج في طهران. وباستثناء تلك العائدة لرئيسي، يندر وجود صور المرشحين وشعاراتهم في العاصمة.

وفي حين أن الإجراءات الوقائية المرتبطة بكوفيد – 19 حدّت بشكل كبير من إمكانية إقامة تجمعات عامة، يسود انطباع عام بأن الانتخابات المقبلة تثير حماسة أقل من سابقاتها.

ويتولى الرئيس في إيران السلطة التنفيذية ويشكّل الحكومة، إلا أن الكلمة الفصل في السياسات العامة تعود إلى المرشد الأعلى. ويتحكم المرشد الأعلى في سلطات سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية واسعة النطاق في إيران، وهو الذي يضع أسس السياسة الخارجية وخاصة في العلاقات مع الولايات المتحدة والأذرع الإيرانية المختلفة وأنشطتها في بلدان العالم.

ورغم سعي الإيرانيين إلى دعم صعود المعتدلين في الاستحقاقات السابقة، إلا أن المتشددين الذين يمسكون بأهم المؤسسات لم يسمحوا سوى بهامش صغير من الإصلاحات التي لا تمس من ثوابت ثورة آية الله الخميني وشعاراتها.

ويبعث انتخاب رئيسي في حال فوزه في السباق رسالة مهمة إلى الغرب، الذي يراهن على وجود تغيير في إيران، مفادها أن الاعتدال مجرد يافطة لتضليل بعض الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة، وأن إيران يتحكم فيها المتشددون.

ويؤكد متابعون للشأن الإيراني أن انتخاب رئيسي يؤكد أن طهران لا تزال في قبضة المتشددين، وأن انفتاحها على الغرب انفتاح ظرفي، ويهدف بالأساس إلى تعبيد الطريق أمام رفع العقوبات الدولية عليها، والعودة إلى الاتفاق النووي.

Thumbnail

وأبرمت إيران في عهد روحاني عام 2015 اتفاقا مع الدول الكبرى بشأن برنامجها النووي، أتاح رفع العديد من العقوبات المفروضة عليها، مقابل خفض أنشطتها وضمان سلمية البرنامج.

لكن نتائج الاتفاق باتت في حكم الملغاة منذ قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الانسحاب أحاديا منه قبل ثلاثة أعوام، وإعادة فرض عقوبات قاسية على إيران انعكست سلبا على اقتصادها وعملتها.

وأعاد روحاني الأربعاء تأكيد أهمية الاتفاق، معتبرا خلال اجتماع الحكومة أنه “وضع البلاد على مسار التنمية (الاقتصادية)، واليوم الحل للمشكلة في البلاد هو عودة الجميع إلى الاتفاق”.

وتأتي الانتخابات في ظل امتعاض واسع جراء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تسببت بها بشكل أساسي العقوبات وسياسة “الضغوط القصوى” التي اعتمدها ترامب حيال الجمهورية الإسلامية.

كما تترافق مع مباحثات في فيينا بين إيران والقوى الكبرى سعيا لإحياء الاتفاق، لكن فرص التوصل لتفاهم بهذا الشأن قبل الانتخابات تبدو ضئيلة.

وخلال الأعوام الماضية، شهدت مدن إيرانية موجتي احتجاجات في شتاء 2017 – 2018 ونوفمبر 2019 على خلفية أسباب اقتصادية، اعتمدت السلطات الشدة في التعامل معها.

ويقول الباحث الفرنسي كليمان تيرم المتخصص بالشأن الإيراني في المعهد الجامعي الأوروبي في فلورنسا، في تصريحات صحافية، إن “التحدي الأول في الانتخابات هو جعل النظام (السياسي) أكثر تماسكا بعد إضعاف البلاد”.

ويضيف “في مواجهة الفقر المتزايد بين الشعب، بات الأمر يتعلق، بعد إمساك المحافظين بالبرلمان في 2020، بتمهيد الأرضية من أجل فوز المرشح رئيسي”.

ويرى تيرم أن أي سيناريو مغايرا لفوز رئيسي هو أمر “مستبعد”، عازيا ذلك بشكل أساسي إلى نسبة المشاركة المتوقعة، وهي دون 40 في المئة، وفق تقديرات استطلاعات رأي محلية.

وبعدما استبعد مجلس صيانة الدستور المخوّل البت في أهلية المرشحين أسماء بارزة يتقدمها الرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني، رأت وسائل إعلام محلية أن الطريق بات ممهدا أمام رئيسي الذي يتولى رئاسة السلطة القضائية منذ العام 2019.

ويعتبر رئيسي المقرب من خامنئي، الأبرز أيضا بين المرشحين المحافظين المتشددين.

وتضم قائمة هؤلاء القائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي الذي يخوض محاولته الانتخابية الرابعة (خسر في 2009 و2013، وانسحب قبل أيام من انتخابات 2005)، والأمين السابق لمجلس الأمن القومي سعيد جليلي الذي حل ثالثا في 2013 بنيله 11.4 في المئة من الأصوات.

وهناك مرشحان آخران من المتشددين، أمير حسين قاضي زاده هاشمي وعلي رضا زاكاني، غير معروفين على نطاق واسع.

وفي حال لم يتمكن أي من المرشحين من نيل الغالبية المطلقة (أكثر من 50 في المئة)، تجرى دورة اقتراع ثانية في 25 يونيو، يتنافس فيها المرشحان اللذان نالا أعلى عدد من الأصوات في الدورة الأولى.

7