أيام الشارقة المسرحية تكرس المسرح خدمة للأمل

تعود أيام الشارقة المسرحية في دورتها الحادية والثلاثين لتجمع المسرحيين والكتاب والأكاديميين من مختلف أنحاء الوطن العربي على فن المسرح وما يثيره من قضايا متجددة وما يطرحه من ضرورة نقاش فعال وجريء حول العمل المسرحي، بما يضمن تطوره، وما يحقق للمسرح مكانته كرافد ثقافي ضروري.
افتتحت أيام الشارقة المسرحية فعاليات دورتها الحادية والثلاثين بحضور عربي بارز لمسرحيين وأكاديميين من مختلف أنحاء الوطن العربي، جاؤوا لمواكبة فعاليات الدورة الجديدة والمشاركة في ندواتها وفعالياتها المختلفة.
ورغم الاكتفاء بنصف الطاقة الاستعابية توقيا من انتشار فايروس كوفيد – 19، فإن هذه الدورة تعتبر الأولى التي يحضرها هذا العدد، بعد أن شل الفايروس الحراك المسرحي في مختلف أنحاء العالم، وتسبب في إلغاء جل التظاهرات المسرحية.
افتتاح وتكريمات

بلال عبدالله: وأعتبر أن الفنان أهم ما يميزه هو الإحساس الصادق داخله
في كلمة افتتاح الدورة الجديدة من الأيام أكد المنظمون على أن هذه الدورة تأتي بعد انقطاع بسبب الجائحة، مرحبين بعودة الأيام المسرحية ومطلقين دورتها الجديدة بالأمل ولأجل الأمل وهو الشعار الذي تكرس له فعالياتها.
وأكد المنظمون أنه سبقت الأيام فترة طويلة من الإعداد والتواصل مع الفرق لتقديم نصوص عروضها والاختيار من بينها، وتحديد أسماء العروض المختارة.
وإثر تقديم لمحة عن الأيام وهدفها في خلق فن مسرحي متجدد ومتكامل ومتواصل بين مختلف الأجيال والمجالات المتداخلة في هذا الفن العريق، تم تقديم لجنة التحكيم هذا العام والمكونة من المسرحية الكويتية أسمهان توفيق كرئيس وعضوية كل من الأكاديمي مدحت الكاشف من مصر ومحمد الحر من المغرب وإبراهيم نوال من الجزائر ووليد الزعابي من الإمارات، حيث صعدوا على الخشبة ليتم الترحيب بهم.
وأكد المنظمون أن البرنامج الثقافي المصاحب للأيام يحفل بجملة من الأنشطة على امتداد التظاهرة، ولعل أبرزها الملتقى الفكري “المسرح نافذة أمل” الذي يناقش خلاله أكاديميون من الإمارات وتونس والمغرب دور المسرح في لحظات الأزمات الكبرى التي تمر بها الإنسانية كل من زاوية مختلفة.
وأكد المنظمون على أن الأيام منحازة دائما لرعاية المواهب وتطويرها، لذا تقدم ورشات تدريبية ومحاضرات نظرية، أهمها ملتقى الشارقة العاشر لأوائل المسرح العربي الذي يوفر لعدد من طلاب المسرح دورة تكوينية متكاملة في فن الممثل، ويقدم خلالها المسرحي السوري أسعد فضة لمحة عن تجربته الطويلة مع المسرح، فيما تتناول مداخلات أخرى واقع المسرح الإماراتي اليوم ومستقبله.

☚ مسرحية "جمر القلوب" تتناول قضية شائكة تتمثل في الثأر حيث تطالب أم ابنتها بالقصاص من قاتل أبيها بأي ثمن كان
وتعتبر جائزة الشارقة للإبداع العربي جسر تواصل بين أجيال أبي الفنون وقد فاز بها هذا العام المسرحي جاسم النبهان من الكويت، وقدمت خلال حفل الافتتاح مادة فيلمية حول مسيرة النبهان ضمت مقتطفات من أهم أعماله الدرامية على الخشبة وأمام الكاميرا، إذ يعتبر تجربة فريدة تكاملت فيها خبراته ممثلا ومخرجا.
وقال النبهان “هذه الجائزة غالية بالنسبة إليّ. وهي ليست ختام مشواري، لكنها ألقت عليّ واجب أن أقدم أكثر لمجتمعي ولحقل المسرح”. مضيفا “المسرح بالنسبة إليّ واجب. ونحن المسرحيون من يحمل هموم المجتمع”.
كما حرصت الأيام على الاحتفال بواحد من مبدعيها المحليين، وفي هذه الدورة وقع الاختيار على الفنان بلال عبدالله، الذي قدم المنظمون فيلما قصيرا حول تجربته التي تمتد إلى أكثر من ثلاثة عقود، كان فيها مخرجا وممثلا وكاتبا، في التلفزيون والمسرح والإذاعة، وقدم أعمالا لافتة منذ ثمانينات القرن الماضي، وقدم مجموعة واسعة من المسرحيات للكبار والصغار ما خوله أن يكون واحدا من أهم المسرحيين في الإمارات.
وقال عبدالله “فرحتي كبيرة بهذا التكريم وأعتبر أن الفنان أهم ما يميزه هو الإحساس الصادق داخله”.
جمر القلوب
قدمت ضمن فعاليات اليوم الافتتاحي مسرحية “جمر القلوب” التي تقدم رفقة ثلاثة عروض أخرى على هامش المهرجان. وتتناول مسرحية “جمر القلوب” سينوغرافيا وإخراج سعيد الهرش وتأليف محمد المهندس، قضية شائكة تتمثل في الثأر، حيث تطالب أمّ ابنتها بالقصاص من قاتل أبيها، لكن الأمور لا تسير كما تخطط له الأم وتنقلب تماما في نهاية مفزعة.
تبدو قضية مقتل الأب غامضة، لكن الغريب أن تقع الابنة في حب قاتل أبيها المتيم بها، ويتزوجان لينجبا ولدا، رغم إلحاح الأم على ضرورة القصاص من مهاب، هذا الرجل القوي، الذي نكتشف مع تقدم أحداث العرض بأنه كان يسعى لتوحيد القبائل، وأنه فعلا كان عاشقا وأن أب الفتاة لم يكن سوى مجرم.

جاسم النبهان: نحن المسرحيون من يحمل هموم المجتمع
تتخلص الأم من حفيدها انتقاما من مهاب وتقع القطيعة بين الأم وابنتها، فيما لا ينفع الندم في إخفات نار الحقد التي راح ضحيتها رضيع، وأمل كامل لإصلاح أعطاب النفوس بالحب.
وتميز العمل بأداء مميز خاصة لشخصية الفتاة والأم، حيث مثل الأداء النسائي علاوة على جماليات الإضاءة والسينوغرافيا عناصر تحسب للعرض.
وتلا العرض نقاش بحضور المخرج والممثلين مع الحضور خاصة من المسرحيين والأكاديميين، الذين كانت لهم أراء نقدية مختلفة حول العمل.
ورغم إقرار أغلبهم بأهمية المسرحية من حيث الجهد التمثيلي والتمثل الإخراجي والإضاءة، إلا أن الغالبية منهم انتقدت العمل، ووقفت عند نقاط الوهن فيه مثل اعتباطية الموسيقى وعدم التوفق في بعض عناصر السينوغرافيا كالستارة الخلفية التي تغلق وتفتح، علاوة على اعتبار آخرين أن فكرة العمل مكررة ولا تواكب العصر الحالي، بينما المسرح فن حي.
ورغم حدة بعض الآراء، فإن المخرج اعتبر أنها تفيده في تجربته التي ما تزال في بداياتها.
وتتواصل الأيام مقدمة سبعة عروض تتنافس على جوائز هذه الدورة من المهرجان، والعروض هي «سجن القردان» تأليف علي جمال وإخراج عبدالرحمن الملا، «لامع بلا ألوان» تأليف سامي إبراهيم وإخراج إبراهيم سالم، «صهيل الطين» نص إسماعيل عبدالله وإخراج مهند كريم، «غرب» تأليف عبدالله صالح وإخراج محمد سعيد السلطي، «أشوفك» تأليف إسماعيل عبدالله، وإخراج حسن رجب، «شوارع خلفية» تأليف إسماعيل عبدالله، وإخراج إلهام محمد، «رحل النهار» تأليف إسماعيل عبدالله، وإخراج محمد العامري.