أول مصافحة بين السيسي وأردوغان في قطر تخترق جمودا في العلاقات

اسطنبول - اخترقت مصافحة هي الأولى بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبدالفتاح السيسي على هامش حفل افتتاح المونديال في قطر، سنوات من العداء والقطيعة وجمود في العلاقات بين الخصمين الإقليميين.
وتصافح أردوغان والسيسي وتبادلا الابتسامات بينما وقف أمير قطر الشيخ تميم بينهما فيما يشير هذا التطور إلى دور قطري محتمل في ترتيب المصافحة واستثمار افتتاح المونديال لتسجيل نقاط سياسية بينما تسعى الدوحة التي أنهت بدورها سنوات من الخلاف مع القاهرة، لإظهار أنها قادرة على لعب دور الوساطة في حل الخلافات الإقليمية والدولية.
وسبق لقطر أن نشطت دبلوماسيتها عقب المصالحة الخليجية التي أنهت ثلاث سنوات من القطيعة مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر وهي الدول التي تسعى تركيا لتعزيز العلاقات معها بعد مصالحة مع الرياض وأبوظبي.
وعرضت الدوحة في أكثر من مناسبة التوسط لحل عدة أزمات من بينها الملف النووي الإيراني واستضافت بالفعل محادثات بين الإيرانيين والغرب لكسر جمود مفاوضات فيينا.
وبعد أن فتحت القاهرة وأنقرة قنوات تواصل العام الماضي على المستوى الأمني والدبلوماسي تعثرت جهود مصالحة مرغوبة بشدة من تركيا التي تتوجس من عزلة دبلوماسية وتشكل تحالفات في شرق المتوسط في مواجهة أنشطة تنقيب تركية على مكامن النفط والغاز في المنطقة التي باتت ساحة منافسة.
وأبدت تركيا منذ العام الماضي رغبة كبيرة في تصحيح مسار العلاقات مع الخصوم الإقليميين من مصر وإسرائيل والإمارات والسعودية، في خطوة انفتاح لتهدئة التوترات وتفادي عزلة إقليمية وبدفع من وضع اقتصادي متأزم مع انهيارات متتالية للعملة الوطنية الليرة وارتفاع قياسي في معدل التضخم.
وأطلق أردوغان مؤخرا إشارات ايجابية باتجاه تطبيع العلاقات مع سوريا وعبر عن استعداده للقاء الرئيس السوري بشار الأسد والمصالحة مع مصر بعد الانتخابات العامة في تركيا في يونيو/حزيران 2023.
ولدى عودته من قمة مجموعة العشرين في إندونيسيا، لمح أردوغان خلال حواره مع الصحافيين الأتراك الأسبوع الماضي، إلى استعداده لمراجعة علاقاته مع سوريا ومع مصر.
وقال "يمكننا إعادة النظر في العلاقات مع الدول التي واجهتنا معها صعوبات. ويمكننا حتى أن نبدأ من الصفر، خاصة بعد انتخابات يونيو"، بحسب وكالة أنباء الأناضول الرسمية. وأعلن أنه سيكون مرشحا في الانتخابات الرئاسية.
ولم يصدر عن الجانب المصري أي تعليق على تصريحات أردوغان بينما توقفت اتصالات دبلوماسية بين الجانبين على خلفية خلافات حول ليبيا خاصة بعد أن وقعت تركيا مع حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها بقيادة عبدالحميد الدبيبة اتفاقيات أمنية وعسكرية ومذكرات تفاهم تشمل واحدة منها ترسيم الحدود البحرية وأخرى تسمح لأنقرة بالتنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية.
واعتبرت كل من القاهرة واثينا أن تلك الاتفاقيات غير قانونية باعتبار أن الطرف الليبي أي حكومة الوحدة "غير شرعية".
وشهدت العلاقات التركية المصرية طيلة السنوات الماضية توترات حادة على خلفية الموقف التركي من إطاحة الجيش المصري في 2013 تحت قيادة السيسي في تلك الفترة قبل أن يترشح ويفوز في 2014 بالرئاسة، بحكم جماعة الإخوان المسلمين.
وكان الرئيس التركي من أشد منتقدي النظام المصري ولا يفوت فرصة إلا ويهاجمه بشدة. كما دأب على وصفه بـ"النظام الانقلابي والدكتاتوري"، بينما لا يفوت فرصة إلا ويشكل بيده علامة رابعة التي كان يرفعها أنصار الإخوان المسلمين بعد فض اعتصامهم بالقوة في ساحة رابعة بالقاهرة وهي الحادثة التي قتل فيها المئات بعد أن أطلق مسلحون من بين المعتصمين النار على قوات الأمن وردت الأخيرة بالمثل.
وسبق أن علق أردوغان على وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي في يونيو 2019 في قاعة المحكمة أثناء محاكمته، بالقول "إن التاريخ لن يرحم أبدا الطغاة الذين أوصلوه إلى الموت عبر وضعه في السجن والتهديد بإعدامه".
وقبل ذلك ببضعة أشهر، أكد بعد إعدام تسعة سجناء صدرت بحقهم العقوبة القصوى في مصر أنه يرفض التحدث مع "شخص مثله"، في إشارة إلى السيسي.
ولم يكن أردوغان يفوت مناسبة إلا ويظهر دعمه لجماعة الإخوان المسلمين، بينما تشكل بلاده أكبر داعم للتنظيم الدولي وتستضيف على أراضيها العديد من قيادات التنظيم المصري المصنف إرهابيا في مصر ودول خليجية.
والصورة التي نشرتها الرئاسة التركية للزعيمين وهما يتصافحان ويتبادلان الابتسامات، واحدة من عدة صور للقاءات عابرة بين أردوغان وعدد من قادة العالم الذين حضروا حفل افتتاح المونديال في قطر.
وفي وقت سابق للافتتاح وصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وكذلك حاكم دبي رئيس الوزراء الإماراتي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للدوحة بالإضافة إلى عدد من قادة دول أو رؤساء حكومات أو وفود ممثلة لدولها.