أول حكومة في عهد أمير الكويت الجديد تواجه اختبار إطلاق الإصلاحات

لأول مرّة في تاريخ الكويت تسند وزارة الخارجية إلى شخصية من خارج الأسرة الحاكمة.
الخميس 2024/01/18
إصلاحات منشودة.. فهل تتحقق

الكويت - أعلن الأربعاء في الكويت عن تشكيل أول حكومة في عهد أمير البلاد الجديد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، وذلك في ظل توقّعات بإرساء نهج مختلف في قيادة البلاد وإدارة شأنها العام يقوم على المزيد من الصرامة وضبط الصراعات على السلطة، وإطلاق عملية الإصلاح الاقتصادي التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ على مدى السنوات الماضية بفعل حدّة الخلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وحمل التشكيل المكوّن من ثلاثة عشر وزيرا بينهم امرأة واحدة بعض السمات اللافتة، على رأسها ذهاب وزارة الخارجية لأول مرّة في تاريخ الكويت المستقلّة إلى شخصية من خارج الأسرة الحاكمة، وعدم التجديد للشيخ القوي والنافذ أحمد الفهد على رأس وزارة الدفاع.

وقال مصدر سياسي كويتي إنّ إسناد حقيبة الخارجية للدبلوماسي عبدالله اليحيا يتضمّن رسالة بشأن تغليب معيار الكفاءة على الأعراف الجارية بجعل بعض المواقع القيادية حكرا على أعضاء الأسرة الحاكمة. وسبق لليحيا أن شغل منصب سفير للكويت لدى الأرجنتين.

وبشأن خروج الشيخ أحمد الفهد من وزارة  الدفاع، قال المصدر ذاته إنّ ذلك لا يمثّل علامة سلبية بالنسبة إليه، بل قد يكون مؤشّرا إضافيا على صحّة ما تمّ تداوله مؤخّرا بشأن ترشيحه لتولي منصب ولي العهد.

وجاء الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة بالاستناد إلى مرسوم أميري صدر بعد نحو أسبوعين من تكليف أمير البلاد للشيخ محمد صباح السالم الصباح بتشكيل أول حكومة في عهده.

نسبة التجديد في التشكيلة الحكومية جاءت مرتفعة حيث لم يحتفظ سوى ثلاثة وزراء فقط من الحكومة السابقة بحقائبهم

وتم وفقا للمرسوم تعيين الشيخ فهد يوسف السعود الصباح وزيرا للدفاع ووزيرا للداخلية بالوكالة، وعماد العتيقي وزيرا للنفط، وكلاهما نائبان لرئيس مجلس الوزراء.

وتولى أنور المضف منصب وزير المالية ووزير دولة للشؤون الاقتصادية، وعُين سالم الحجرف وزيرا للكهرباء والماء والطاقة المتجددة ووزير دولة لشؤون الإسكان.

وتم تعيين عادل العدواني وزيرا للتربية ووزيرا للتعليم العالي، وعبدالله الجوعان وزيرا للتجارة والصناعة، وفيصل الغريب وزيرا للعدل ووزيرا للأوقاف.

وتولى النائب داود سليمان معرفي البالغ من العمر اثنتين وأربعين سنة ثلاث حقائب وزارية هي شؤون مجلس الأمة والاتصالات وشؤون الشباب.

وشغلت نورة المشعان، وهي المرأة الوحيدة في الحكومة الجديدة، منصب وزيرة للأشغال العامة ولشؤون البلدية.

وجاءت نسبة التجديد في التشكيلة الحكومية مرتفعة حيث لم يحتفظ سوى ثلاثة وزراء فقط من الحكومة السابقة بحقائبهم، وهم وزير الإعلام عبدالرحمن المطيري ووزير الصحة أحمد العوضي ووزير الشؤون الاجتماعية الشيخ فراس سعود المالك الصباح.

وأشار رئيس الوزراء في كتاب تشكيل الحكومة الذي رفعه لأمير البلاد إلى أنّ المرحلة الجديدة من تاريخ الكويت “تموج بالتحديات والتطلعات”، متوقّعا أن يشاركه “أعضاء الوزارة الجديدة بكل عزم وجهد أداء المسؤولية الوطنية”، ومتعهدا بـ”مواجهة التحديات والمعوقات وتجاوزها لتحقيق الغايات المنشودة”.

ويبلغ رئيس الوزراء الكويتي الجديد من العمر تسعة وستين سنة وهو حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة هارفارد الأميركية. وسبق له أن شغل مناصب عديدة أكاديمية وسياسية منها سفير الكويت لدى الولايات المتحدة ووزير الدولة للشؤون الخارجية ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير للخارجية.

وتحوّل الإصلاح الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة إلى موضوع مطروح بقوة على صنّاع القرار في الكويت، في ظل ما يعتبره الخبراء تأخرا ملحوظا للبلد عن قطار الإصلاح الذي قطع أشواطا بعيدة في باقي بلدان الخليج التي ترتبط بها الكويت عضويا ضمن إطار مجلس التعاون الخليجي ما يحتم على البلد مواءمة أوضاعه مع أوضاع باقي بلدان التجمّع الإقليمي.

الإصلاح والتطوير والرقابة والمحاسبة ضمن العناوين العامة التي وضعها الشيخ مشعل الأحمد لعمل الحكومة الجديدة

ولا ينفصل الإصلاح الاقتصادي عن الإصلاح السياسي الذي كشف الأمير الجديد عن بعض خطوطه العريضة من خلال انتقاداته القوية لأداء السلطتين التشريعية والتنفيذية واتهامه للحكومة والبرلمان بالعجز والتقصير والتواطؤ ضد مصالح البلاد.

ودعا الأمير أول حكومة في عهده إلى “ترسيخ التعاون” مع البرلمان. جاء ذلك في كلمة له بقصر بيان عقب أداء الحكومة لليمين الدستورية.

وتضمنت الدعوة إشارة ضمنية إلى التباينات المستمرة والحادة بين الحكومات والبرلمانات التي تميّز الحياة السياسية في الكويت وكثيرا ما تتحوّل إلى صراعات تفضي إلى حلّ السلطتين وإعادة تشكيلهما، الأمر الذي يشكل انقطاعات متكرّرة في عملهما بما يضعف أداءهما ويعرقل تنفيذ الإصلاحات المنشودة.

وخاطب الشيخ مشعل أعضاء الحكومة بقوله “هذه المرحلة عنوانها الإصلاح والتطوير، وركائزها العمل والإشراف والرقابة والمحاسبة، وإطارها الواجبات والحقوق الوطنية”.

وأضاف “رسخوا التعاون مع السلطة التشريعية الهادف إلى إقرار وتنفيذ التشريعات والقوانين التي تسهم في نهضة وطننا الغالي وتحقق مصالح أبنائه الأوفياء، مع مراعاة الثوابت الوطنية والعدالة الاجتماعية”.

كما شدّد على وجوب التزام “السلطتين التشريعية والتنفيذية بأحكام الدستور التي تحكم العلاقة بينهما”.

وتتكرّر الأزمات السياسية في الكويت حيث تمّ حلّ مجلس الأمة مرّات عدة. وغالبا ما يكون سبب حل البرلمان مطالبة نواب بمساءلة الوزراء، بمن في ذلك الوزراء الشيوخ.

وأعاقت المواجهة بين الحكومة والبرلمان الإصلاحات التي يحتاجها اقتصاد الكويت الراغبة في تنويع مواردها على غرار جاراتها الخليجيات. وتعدّ الكويت من أكبر مصدّري النفط الخام في العالم لكن انعدام الاستقرار السياسي قلّل من جاذبيتها المستثمرين وأبقى على ارتهانها الكبير بموارد النفط وسبب لها بعض الأزمات المالية.

ويحتاج البلد أيضا إلى حملة واسعة على الفساد الذي ما فتئت قضاياه تتفجّر بشكل متكرّر وتكشف عن عمليات هدر كبيرة للمال العام يتورّط في بعضها شيوخ من الأسرة الحاكمة.

3