أول تشريعيات بالجزائر منذ الحراك.. تمديد التصويت لضعف الإقبال

الرئيس الجزائري يقلل من أهمية نسبة المشاركة.
السبت 2021/06/12
إقبال ضعيف على التصويت

الجزائر - قررت اللجنة المشرفة على انتخابات الجزائر تمديد الاقتراع في الانتخابات التشريعية المبكرة بجميع محافظات البلاد الـ58 لمدة ساعة إضافية.

وتم اتخاذ هذا القرار غير المسبوق بعد تسجيل إقبال ضعيف من قبل الناخبين، حسب مراقبين.

وأعلن محمد شرفي رئيس الهيئة المشرفة عن الانتخابات، أن نسبة المشاركة الإجمالية إلى حدود الساعة الرابعة عصرا بلغت 14.76 في المئة بزيادة أكثر من مليون ناخب ليفوق عدد الناخبين 3 ملايين ناخب.

وبموجب قانون الانتخابات الجزائري، فإن مكاتب الاقتراع تفتح في تمام الساعة الـ8.00 بتوقيت الجزائر على أن تستمر عملية التصويت 11 ساعة كاملة وليوم واحد وتنتهي في تمام الساعة 7.00 بالتوقيت المحلي.

وسجلت الجالية الجزائرية بالخارج أدنى نسبة إقبال في حدود الساعة ذاتها، وتوقفت عند 3.7 في المئة، بينما يبلغ إجمالي الجزائريين المقيمين بالخارج والذين يحق لهم التصويت 902 ألف و365 ناخبا.

وبحسب الأرقام الرسمية المقدمة، فقد سجلت ولايات جنوب الجزائر أعلى نسب مشاركة على المدن الشمالية، واحتلت ولاية "عين غزام" الصدارة بـ34.77 في المئة تلتها محافظة تمنراست بـ28.56 في المئة.

ومثلما كان متوقعا، شهدت محافظات منطقة القبائل الأمازيغية أدنى نسب مشاركة على المستوى الوطني، وجاءت ولاية تزيوزو في آخر ترتيب نسب المشاركة بـ0.42 في المئة، وبجاية بـ0.76 في المئة، والبويرة بـ5.25  في المئة.

ويأتي ذلك فيما اعتبر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون السبت أن نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية المبكرة لا تهمه بقدر ما تهمه شرعية الأشخاص الذين ستفرزهم هذه الانتخابات.

وأعرب تبون، في تصريح للصحافيين بعد تصويته في الانتخابات النيابية المبكرة، عن تفاؤله بمشاركة قوية خاصة في ظل الإقبال اللافت للشباب والنساء على مراكز التصويت.

وانطلقت في الجزائر السبت عملية التصويت للانتخابات البرلمانية المبكرة من أجل اختيار نواب المجلس الشعبي الوطني لعهدة تاسعة.

وتأمل السلطات أن تطوي الانتخابات صفحة عامين من الاضطرابات السياسية لكنّ مراقبين يرجحون أن يتجاهلها الكثير من الناخبين.

وكان الرئيس عبدالمجيد تبون دعا إلى المشاركة في عملية التصويت، لكن انتخابات أجريت في الفترة الأخيرة لم تشهد إقبالا كبيرا مع قناعة الكثيرين بأن السلطة الحقيقية تكمن بين أيدي الجيش وقوى الأمن.

وأشار تبون السبت إلى أنه يحترم قرار المقاطعين شريطة ألا يفرضوا خيار المقاطعة على الآخرين الذين يجب احترامهم، لافتا إلى أنه يتعين على الأغلبية أن تحترم الأقلية التي يتعين عليها قبول قرارات الأولى.

وفي مركز اقتراع داخل مدرسة ابتدائية قرب مكتب رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد بوسط الجزائر العاصمة كان ثلاثة من الشرطة يقفون للحراسة. وقبل دقائق من بدء التصويت كان خمسة ينتظرون في الخارج للإدلاء بأصواتهم.

وقال معلم يبلغ من العمر 33 عاما "نأمل أن يكون البرلمان القادم قوة تضغط من أجل التغيير الذي تريده الغالبية".

لكن في مقهى قريب قال موظف بريد عمره 42 سنة إن الانتخابات لن تغير شيئا وإنه لن يشارك فيها. وقال "برلماننا بلا سلطان".

ومن المقرر إغلاق مراكز الاقتراع رسميا الساعة السابعة بتوقيت غرينتش على أن تُعلن النتائج الأحد.

ويبلغ العدد الإجمالي للناخبين نحو 24 مليون ناخب، بحسب رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات الذي كشف أن عدد المسجلين الجدد بلغ 179 ألفا و792، والمشطوبين بلغ 101 ألف و744 شخصا.           

وبحسب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، تشارك في الانتخابات التشريعية 1483 قائمة، منها 646 قائمة حزبية و837 قائمة لمترشحين أحرار.

ودُعي الناخبون للتصويت على حوالي 24 ألف مرشح للفوز بـ407 مقاعد يمثل تعداد الغرفة الأولى للبرلمان (المجلس الشعبي الوطني).

ولأول مرة تسجل الجزائر إقبالا كبيرا للترشح في الانتخابات التشريعية، ويتم تجاوز تعداد لوائح الأحزاب من طرف اللوائح المستقلة، بعد الدعم الذي خصصته السلطة لتواجد العنصر الشبابي والنسوي في اللوائح الحرة، غير أن قرابة ثلاثة أسابيع من الحملة الدعائية لم تتمكن من إقناع الشارع الجزائري بالاستحقاق، حيث خيّم الفتور والنفور على تجمعات ونشاطات هؤلاء.

وتأمل الأحزاب الإسلامية في استغلال حالة الفراغ السياسي التي تركها تراجع الأحزاب التقليدية، باعتبارها الأكثر خبرة وتنظيما مقارنة ببقية الأحزاب حديثة التشكيل، لضمان الفوز بأكبر مقاعد برلمانية.

وتخشى السلطات من مقاطعة جديدة للناخبين في منطقة القبائل، حيث كانت مشاركتهم شبه معدومة خلال الاستحقاقات الانتخابية السابقة في 2019 و2020.

كما يرفض الحراك الشعبي المشاركة في الانتخابات التشريعية، مطالبا برحيل النظام الحاكم منذ استقلال البلاد في 1962، كما رفض الاعتراف بشرعية الرئيس تبون المنتخب في اقتراع شهد نسبة مقاطعة قياسية.

وكان حلّ البرلمان أحد مطالب الحراك منذ انطلاقه في 22 فبراير 2019، بدعوى أن انتخابه شهد "تلاعبا كبيرا وفسادا سياسيا".

وسعت الحكومة التي ينظر إليها على أنها الواجهة المدنية للمؤسسة العسكرية، إلى كسر الحراك.

فقد منعت كل المسيرات وكثفت الاعتقالات والملاحقات القضائية ضد المعارضين السياسيين والناشطين في الحراك والصحافيين المستقلين والمحامين.

وتقول الحكومة إنها استجابت للمطالب الرئيسية لـ"الحراك الأصيل" في "وقت قياسي"، ولم تعد هناك أي شرعية لناشطي الحراك السلمي، متهمة إياهم بأنهم في خدمة "أطراف أجنبية" معادية للجزائر.

ويقبع ما لا يقل عن 222 من سجناء الرأي خلف القضبان في الجزائر بسبب نشاطهم في الحراك أو الدفاع عن الحريات الفردية، بحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.

وأفرج ليل السبت الأحد عن ثلاث شخصيات بارزة في الحراك وهم كريم طابو، وإحسان القاضي الذي يدير موقع "مغرب إيمارجون" و"راديو أم" القريب من الحراك، والصحافي خالد درارني الذي يتعاون مع الإذاعة ذاته، بعد أن تم إيقافهم الخميس.

وعبّرت منظمة هيومن رايتس ووتش الجمعة عن أسفها لأن "وعود الرئيس تبون الفضفاضة بالانفتاح والحوار تتحطم على صخرة واقع القمع في #الجزائر"، وأدانت "التصعيد القمعي المخيف".

وفي فبراير، قرر الرئيس عبدالمجيد تبون حل البرلمان الذي انتخب في 2017 وكان من المقرر أن يستمر حتى عام 2022.

وكان قد تم انتخاب المجلس التشريعي تحت حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الذي أجبر على التنحي في عام 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية ضد حكمه الذي استمر 20 عاما.

وقال تبون، الذي تولى السلطة في ديسمبر 2019، إن هناك حاجة إلى تغيير جوهري في الدولة الواقعة بشمال أفريقيا لبناء مؤسسات يمكن الثقة فيها بشكل كامل.