أولى ضحايا حظر النفط الروسي: المجر تحرر أسعار الوقود لمواجهة نقص الإمداد

موسكو تتجه لحظر جزئي على بيع النفط لدول تزعمت وضع سقف للأسعار.
الخميس 2022/12/08
أزمة وقود في بودابيست

معركة لي الذراع بين روسيا والاتحاد الأوروبي بشأن أسعار النفط بدأت تظهر نتائجها السلبية، حيث كانت المجر أول المتضررين، واضطرت إلى التخلي عن تحديد أسعار للمحروقات في ظل نقص الإمدادات، فيما نجحت أوروبا في فرض زيادة التأمينات على الشركات الناقلة للنفط الروسي.

بودابست – أعلنت الحكومة المجرية في وقت متأخر من مساء الثلاثاء أنها تخلت عن فرض سقف لأسعار الوقود، بعد أن أدى نقص البنزين إلى تهافت على محطات الوقود، وذلك بسبب قرار الحظر على النفط الروسي. وقد تسير دول أخرى خاصة من شرق أوروبا على نفس المسار الذي تعيشه المجر.

يأتي هذا في الوقت الذي تتجه فيه روسيا إلى البدء بمواجهة قرار الحظر على نفطها بتقليص الإمدادات للدول التي تحمست للقرار ودفعت باتجاهه.

وقال غيرغيلي غولياس، رئيس مكتب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، في مؤتمر صحافي عقد على عجل، “تم إلغاء الإجراء” بأثر فوري، بناء على اقتراح من شركة الطاقة الوطنية العملاقة “أم.أو.أل”.

وانتقد العقوبات الأوروبية ضد روسيا، والتي لطالما اعتبرتها الحكومة المجرية سببا في الركود الاقتصادي للبلاد.

وأوضح أن “ما كنا نخشى حدوثه حصل”، وهو أن دخول حظر للاتحاد الأوروبي على النفط الروسي القادم عن طريق البحر، حيز التنفيذ الاثنين “تسبب في اضطراب ملموس في إمدادات النفط”.

ما كانت بودابست تخشى حدوثه حصل، حيث تسبب الحظر الأوروبي على النفط الروسي في اضطراب إمدادات النفط

وفي وقت سابق، أشارت شركة الطاقة العملاقة إلى “أن وضع الإمدادات حساس”.

وقال المدير التنفيذي لشركة “أم.أو.أل” المجرية العملاقة للطاقة غيورغي باتشا “ارتفع الطلب بشكل كبير، والمستهلكون يقومون بالتخزين، وقد بدأ التهافت على الشراء مدفوعا بالذعر”.

ونشرت وسائل إعلام مجرية صورا لطوابير تمتد عشرات الأمتار أمام محطات وقود في مختلف أنحاء البلاد الثلاثاء، فيما رصد شهود عيان أن معظم المضخات خارج الخدمة في العديد من المحطات في بودابست.

وقال باتشا “يوجد نقص جزئي في كل شبكتنا، وربع محطات التعبئة فرغت تماما”.

والنقص في المادة سببه انخفاض بنسبة 30 في المئة في الوقود المستورد، إضافة إلى عمليات الصيانة في إحدى منشآت التكرير التابعة لشركة “أم.أو.أل”، وسيستغرق حل المسألة “أسابيع عدة”، وفق باتشا.

لكن جمعية أصحاب محطات البنزين المستقلة ترى أن نقص الواردات سببه فرض الحكومة سقفا للأسعار، وهو ما دفع الشركات الأجنبية إلى خفض شحنات الوقود إلى المجر. وقالت الجمعية في بيان “يتعين التخلي عن سقف الأسعار”.

وقالت الحكومة إن تحديد سقف للأسعار لعدد من السلع الغذائية الأساسية إضافة إلى الوقود، يهدف إلى دعم الاقتصاد وكبح جماح التضخم الذي يُنسب إلى تداعيات عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا.

واعتبر حاكم بنك المجر المركزي غيورغي ماتولتشي أن تحديد سقف لأسعار الوقود والسلع الغذائية يضيف “ثلاثا إلى أربع نقاط مئوية إلى التضخم”.bb

وقال ماتولتشي الذي يعتبر من حلفاء أوربان أمام لجنة برلمانية الاثنين “يتعين سحب السقف على الفور”. ويرى مراقبون أن الوضع في المجر يشجع روسيا على التمسك بموقفها المعارض للحظر وتهديدها باتخاذ خطوات عملية فعالة، قد يكون من بينها خفض الإنتاج.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية الأربعاء عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله إن بلاده تبحث خيارات مختلفة في ما يتعلق بكيفية الرد على فرض سقف لسعر نفطها.

وذكرت صحيفة فيدوموستي أن روسيا تدرس ثلاثة خيارات، منها حظر مبيعات النفط لبعض الدول، ووضع حد أقصى للخصم الذي ستبيع به خامها، وذلك لمواجهة سقف السعر الذي تفرضه القوى الغربية على النفط الروسي.

ودخل الحد الأقصى للسعر البالغ 60 دولارا للبرميل، الذي وضعته دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا، حيز التنفيذ الاثنين، في محاولة لتقليص قدرة روسيا على تمويل حربها في أوكرانيا.

وردا على ذلك، يفكر الكرملين والحكومة الروسية في حظر مبيعات النفط لجميع الدول التي أيدت هذا السقف، حسبما ذكرت فيدوموستي نقلا عن مصدرين مجهولين مقربين من الحكومة.

ومن شأن هذا الخيار أيضا حظر المبيعات من خلال وسطاء، وليس فقط من روسيا مباشرة.

والخيار الثاني الذي يخضع للبحث هو حظر الصادرات بموجب عقود تتضمن شرط سقف السعر، بغض النظر عن البلد المستفيد. وذكرت الصحيفة أن الخيار الثالث سيضع حدا أقصى للخصم من أسعار خام الأورال الروسي عن خامات القياس العالمية.

وكان نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك قال الثلاثاء إن آلية رد روسيا على سقف أسعار النفط ستدخل حيز التنفيذ في ديسمبر. وفي وقت سابق قال إن روسيا قد تخفض إنتاجها النفطي، لكن ليس بدرجة كبيرة. وذكرت بلومبرغ أن روسيا تدرس أيضا وضع حد أدنى للسعر لمبيعاتها النفطية الدولية.

وبالتوازي مع خيارات روسيا للرد على القرار الأوروبي، بدأ العمل بالزيادات في تسعيرة التأمين التي اشترطها الاتحاد الأوروبي ضمن حزمة العراقيل التي يضعها أمام تصدير النفط الروسي.

ii

وأعلن مسؤولون أتراك الأربعاء أن ناقلات النفط التي تريد عبور مضيقي البوسفور والدردنيل اللذين تشرف عليهما أنقرة، يجب أن تثبت خضوعها للتأمين.

وقال مصدر رسمي لفرانس برس مؤكدا معلومات، أوردتها وكالة أنباء الأناضول الرسمية، “نريد أن نتأكد من تغطية الناقلات لأنها بدأت بإخفاء” هذا الأمر. وأوضح المصدر أن هذا الطلب يعود إلى الأول من ديسمبر.

ونقلت وكالة الأناضول عن مسؤولين أتراك قولهم إن “بعض الشركات الدولية ألغت تأمين العديد من الناقلات، بسبب العقوبات المفروضة على روسيا”. وتوفر دول مجموعة السبع تسعين في المئة من عقود التأمين للشحنات العالمية.

وذكرت الأناضول أن المسؤولين الروس يشكون من أن شركات التأمين العالمية تمارس لعبة مزدوجة، إذ “تأمل أن تجيز تركيا عبور السفن حتى من دون تأمين، بحيث تلتزم في الوقت نفسه العقوبات الدولية وتفي بمسؤولياتها حيال زبائنها”.

ومضيقا البوسفور الذي يربط البحر الأسود ببحر مرمرة، والدردنيل الذي ينتهي في بحر إيجه يشكلان طريق مرور إلزامية لناقلات النفط الآتية من روسيا، وكذلك للسفن التي تتولى منذ الصيف الفائت نقل الحبوب الأوكرانية في إطار اتفاق بين أوكرانيا وروسيا رعته تركيا والأمم المتحدة.

وبموجب اتفاق مونترو العائد إلى العام 1936، تراقب تركيا الحركة الملاحية في المضيقين المذكورين. ومنذ 2002، تلزم أنقرة أي سفينة تعتزم عبورهما أن تكون مشمولة بتأمين تحت طائلة منعها من المرور.

5