"أولاد التلفزة".. التلفزيون التونسي الذي لا ينتج شيئا يكرم نفسه

بث القناة الوطنية الأولى في تونس لبرنامج جديد لتكريم العاملين في المؤسسة يثير جدلا واسعا على مواقع التواصل.
الاثنين 2023/03/06
بث لا يرضي التونسيين

تونس - أثار بدء القناة الوطنية الأولى في تونس في بث برنامج جديد بعنوان “أولاد التلفزة” لـ”تكريم أولاد المؤسسة وفتح المجال لهم للحديث ولاسترجاع الذكريات” جدلا وسخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تجاوزا التونسيين إلى إعلاميين وأكاديميين، خاصة أن التلفزيون العمومي بقناتيه الأولى والثانية يفتقر إلى أي إنتاجات وهو متخصص منذ سنوات في إعادة بث المسلسلات القديمة لا غير.

وكثيرا ما طالب التونسيون بحذف معلوم الإذاعة والتلفزيون من فواتير الكهرباء. وتذهب بعض الآراء المتطرفة إلى ضرورة غلق المؤسسة التي لا فائدة ترجى منها.

وتفرض الدولة معلوما لفائدة الميزانية الملحقة للإذاعة والتلفزيون تقع تأديتها من قبل المشتركين في شبكة الكهرباء الخاص بالتنوير المنزلي.

وقد كلّفت الشركة التونسيّة للكهرباء والغاز، وفق القانون، باستخلاص هذه المساهمة التي لا تتعدى دينارات.

الدولة تفرض معلوما لفائدة الميزانية الملحقة للإذاعة والتلفزيون تقع تأديتها من قبل المشتركين في شبكة الكهرباء الخاص بالتنوير المنزلي

وتضمّ مؤسسة التلفزيون التونسي اليوم 3 قنوات تلفزيونية وهي القناة الوطنية الأولى التي تبث نشرة الأخبار الأشهر يوميا في الثامنة مساء، فضلا عن القناة الوطنية الثانية المتخصصة في إعادة بث مسلسلي “شوفلي حل” و”الخطاب على الباب” بالإضافة إلى القناة التربوية.

وتمثل مؤسسة التلفزيون الرسمي بقناتيها العبء الأثقل على كاهل الدولة، إذ تشير مصادر إعلامية أنها تشغل أكثر من 1300 موظف بين منتجين ومحررين وفنيين وإداريين (بينهم 112 يعملون في قسم الأخبار)، بينما لا يتطلب سير المرفق كل هذا العدد. كما يُسبب الإنفاق على المحطات الإذاعية العمومية (أكثر من 14 إذاعة) تكاليف باهظة جدا، إضافة إلى أنها عالة على الدولة، فالدولة هي التي تتكفل بدفع رواتب العاملين في تلك الإذاعات، والتي تُقدر بأكثر من 14 مليون دينار.

وقال حساب التلفزيون في تعريف للبرنامج:

Télévision tunisienne التلفزة الوطنية التونسية

#أولاد_التلفزة برنامج جديد تشرع القناة #الوطنية_الأولى في بثه ابتداء من سهرة الليلة وسيكون في سهرة كل جمعة مباشرة إثر النشرة الرئيسية للأخبار.

البرنامج يستضيف مهندسين ومخرجين وتقننين وصحافيين وكل من عمل ولا زال يعمل بمؤسسة التلفزة التونسية للحديث عن الذكريات وأهم المحطات التاريخية في مسيرته المهنية وأيضا عن ظروف العمل داخل المؤسسة.

وسخر الإعلامي التونسي سمير الوافي من البرنامج، قائلا “بعد طول فترة قلة الإنتاج وقلة البرامج الجديدة وكثرة الإعادات وشح الموارد (…) القناة الوطنية الأولى تنتج برنامجا جديدا عنوانه ‘أولاد التلفزة’ وستستضيف فيه أولاد التلفزة في تلفزتهم للحديث عن أنفسهم وعن تلفزتهم (…) وعن إنتاجاتهم وإنجازاتهم (…) وسيصرفون فلوس (أموال) التلفزة في الحديث عن أولاد التلفزة”. وأضاف:

Samir Elwafi

ولو كان الإنتاج كبيرا والعمل كثيرا والأعمال التلفزيونة مكسرة الدنيا لتفهمنا إنتاج برنامج جديد يتحدث عن كل ذلك وعن كواليس خلايا النحل وعن المبدعين.. أما في تلفزة كل إنتاجها شريط أنباء.. فغريب ألا تجد من كل الأفكار والبرامج الناقصة سوى هذه الفكرة.. التي تستضيف فيها الزميلة زملاءها ويتحدث الزملاء عن الزملاء ويشكر الزملاء زملاءهم ويصفق الزملاء على الزملاء.. ويدفع الزملاء للزملاء من ميزانية قناة الزملاء!

وأشارت حسابات على فيسبوك إلى أن فكرة البرنامج مكررة لبرنامج موجود في قناة “تي.أف 1” الفرنسية (TF1) يحمل نفس العنوان وهو (les enfants de la télé) وأيضا مستوحاة من احتفالية تكريم قامت بها “جمعية قدماء الإذاعة والتلفزة” برئاسة خالد بن فقير منذ أيام.

وانتقد أستاذ الصحافة والإعلام صلاح الدين الدريدي البرنامج قائلا:

Salaheddine Dridi

منتهى الإبداع والابتكار. هذا من نتائج الظهور المتكرر لقدماء الإذاعة والتلفزة في الفترة الأخيرة خلال احتفاليات غلب فيها التحسر على ما مضى عوضا عن التحسب لما سيأتي.

وسبق أن كتب الدريدي “تكاثرت حفلات تكريم قدماء الإذاعة والتلفزة وظهرت بالمناسبة العديد من الوجوه التي كانت ترافقنا على الشاشة أو المصدح أو على الاثنين معا. ما لفت انتباهي هو كثرة التحسر على تلك الفترة. وسؤالي علام نتحسر تحديدا؟ باستثناء الانضباط في الإدارة السياسية للمشهد الإعلامي – حسب ما كانت تقتضيه الأجندة الوطنية آنذاك – هل كانت توجد ممارسات مهنية متأصلة فنيا وحرفيا قابلة للتوريث حتى نتحسر؟ كيف كان يصاغ الخبر ويرتب؟ كيف كان يصنع الريبورتاج (التقرير) والحوار والتحقيق؟ ما هي القوالب الفنية المستخدمة… الخ ؟ لكل مؤسسة ثقافتها وإرثها”.

وأضاف الدريدي “مشهدنا اليوم إذاعيا وتلفزيا كم هو في حاجة ماسة إلى إرث مهني وحرفي يجتاز الأوقات والعهود والعصور. عندما أشاهد ريبورتاج الوطنية حول عودة العيد من محطة باب عليوة أقول: لو كان ذلك لكان ذلك كذلك”.

وسخرت صفحة على فيسبوك:

News Club

#التلفزة_الوطنية فيها 1200 موظف يخدمو في أكبر بنية (يناية) في تونس.. صفر إنتاج.. ما عندك فاش تتفرج.. التونسي يخلص فيها مع فاتورة الضوء وهي باقي تعاودلو في المسلسلات القديمة ولا تعدّيلو (تبث) في الأخبار. عاد تكلم سي التونسي قلها ما يساعدنيش (غير معقول) وقلقت من سخن وعاود ارحمينا.. توخر التلفزة الوطنية وتقدم وتقلو هاني عملتلك برنامج جديد بش نحكيو (سوف نحكي فيه) فيه على رواحنا اسمو أولاد التلفزة وأنتوما (أنتم) تفرجو فينا.

5