أورينت تصل إلى محطتها الأخيرة نهاية العام

القناة المعارضة شكلت على مدى 14 عاما جزءا من ذاكرة السوريين.
الثلاثاء 2023/11/21
نهاية مرحلة

تلقى الصحافيون في قناة “أورينت” السورية التي تبث من مدينة إسطنبول التركية خبرا “صادما” مفاده أن مالك المؤسسة رجل الأعمال السوري غسان عبود قرر إغلاقها بشكل كامل ونهائي خلال مدة زمنية أقصاها نهاية العام الحالي.

إسطنبول - أثار الإعلان عن إغلاق قناة “أورينت” السورية التي تبث من إسطنبول نهاية العام الحالي قبل أن تحتفل بالذكرى الخامسة عشرة لانطلاقتها، في مطلع فبراير القادم، ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ومع أن قرار الإغلاق لم يعلن حتى الآن بشكل رسمي على منصات القناة، إلا أن صحافيين من داخل القناة أكدوا صحة القرار. وعبر عاملون في القناة من صحافيين وفنيين عن صدمتهم، كما تحدثوا عن “ضغوط” أبلغهم بها رئيس التحرير علاء فرحات.

ولن يقتصر قرار الإغلاق على منصة دون غيرها، بل يشمل جميع المنصات: “النيو ميديا” و”قسم الأخبار” والبرامج والسوشيال ميديا والإذاعة، وبمعنى آخر كل ما يتم إنتاجه في المكتب الكائن في مدينة إسطنبول والذي يضم أكثر 80 موظفا.

ويعتقد محللون أن ضغوطات تركية تقف وراء إغلاق القناة بسبب مواقفها المناهضة لمروجي خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين، فضلا عن انتقادها لحملات الترحيل التي تصاعدت عقب الانتخابات الرئاسية التركية الأخيرة بحق السوريين.

وسبق أن أثار اعتقال السلطات التركية لمدير قناة “أورينت” وإعلامي فيها في مارس الماضي بعد قيام الأخير بطرد ضيف تركي على الهواء مباشرة خلال بث برنامج “تفاصيل”، جدلا إعلاميا واسعا.

مع قرب دخول الحرب السورية عامها الـ13 باتت وسائل الإعلام التي تصنف في خانة "الإعلام البديل" تعد على الأصابع

وتعتبر “أورينت” من أبرز المنابر الإعلامية المناوئة للنظام السوري التي غطت أحداث الحرب السورية وقصص السوريين في بلاد اللجوء، وكانت انتقلت من دبي إلى إسطنبول في 2020، بعدما أوقفت البث التلفزيوني الفضائي.

ورغم توقف بثها الفضائي واصلت القناة إنتاج برامجها وأبرزها “تفاصيل” و”هنا سوريا” عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. وبموازاة ذلك تحولت إلى نشر قصص قصيرة عبر منصات مثل “تيلي أورينت” و”أورينت تورك”، بينما استمر موقعها الإلكتروني في نشر المقالات والقصص الصحفية.

وغطت القناة أحداث الثورة السورية منذ انطلاقها ضد النظام السوري، وخسرت مراسلين على الأرض خلال التغطيات الميدانية، وآخرين مازالوا في عداد المفقودين، وأبرزهم عبيدة بطل ورفيقه المصور عبود عتيق.

وكتب الصحافي ماجد عبدالنور عبر موقع إكس أن “خبر إغلاق القناة أسكت صوتا عتيقا من أصوات الثورة السورية”، مضيفا “تختلف أو تتفق معها لكنها كانت جلادا للطغاة حينا وبلسما يشفي صدور الباحثين عمن يحكي همومهم ومصائبهم حينا آخر”.

وعلقت الصحافية العاملة في القناة راما العبوش عبر فيسبوك “ما عاد تسمعونا براديو أورينت.. ولا عاد تشوفونا على نشرات أورينت ولا عاد في نراكم بحلقات جديدة.. وصلنا الحلقة الأخيرة”.

القناة تتمتع بقدر من الحرية الإعلامية، واتخذت شعار "من سمع ليس كمن رأى". لكنها لاقت بعد عام 2020 انتقادات تعلقت بالتحديد بخطها التحريري

وأضاف الصحافي السابق فيها فواز شحادة “ستغلق أورينت أبوابها قريبا، وستخلّف وراءها فراغاً يصعب ملؤه”.

وتتمتع القناة بقدر من الحرية الإعلامية. واتخذت شعار “من سمع ليس كمن رأى”. لكنها لاقت بعد عام 2020 انتقادات تعلقت بالتحديد بخطها التحريري، ووجهت اتهامات لها في بعض الأحيان بالتمييز القائم على الطائفة.

ومع أن صحافيين داخلها وآخرين من خارجها يؤكدون أن تلك الانتقادات “واقعية”، فإنهم يعتبرون في المقابل أن “إغلاقها يشكّل أثرا سلبيا على صعيد العاملين فيها أو على صعيد إعلام ما بعد 2011”.

وبعد عام 2011، خيّم مشهد إعلامي على سوريا يختلف جذريا عما كان مفروضا قبل ذلك، بعدما كانت جميع الوسائل الإعلامية مرتبطة بالنظام السوري كمقربة منه أو شبه رسمية، فضلا عن الرسمية التي لا تصدّر سوى روايته.

وبينما تأسست صحف وإذاعات ومواقع إخبارية، وسارت جميعها على خط مناهض للنظام السوري وركزت على تفاصيل الحدث السوري الذي كان في أوجه بين عامي 2011 و2018 سرعان ما خفتت، لتغلق واحدة تلو الأخرى لأسباب تتعلق بـ”التمويل”.

ومع قرب دخول الحرب السورية عامها الـ13 باتت وسائل الإعلام المعارضة التي تصنف في خانة “الإعلام البديل” تعد على الأصابع.

واعتبرت الصحافية السورية صبا مدور في تغريدة إغلاق قناة “أورينت” مؤشرا خطيرا على محاولة اغتيال إعلام الثورة السورية. وكتبت:

وأشارت إلى أنه بعد إغلاق المحطة ستكون الحمولة الإعلامية على السوريين، مشددة على ضرورة مواصلة طرق رؤوس العالم بجرائم الأسد ونظامه.

وبالرغم من الاختلاف حول سياسات القناة وتقلباتها، عبّر سوريون معارضون عن أسفهم لسماع خبر الإغلاق.

وقال الصحافي الفلسطيني ماهر جاويش:

وفي ظل تقلص سوق الصحافة وغياب فرص التوظيف مع الظروف المعيشية الصعبة في تركيا، ليس أمام موظفي القناة أي مستقبل واضح، فالمحطات والمواقع الصحافية المعارضة أو ما يسمى بـ”الإعلام السوري البديل”، تعاني من ضعف التمويل وكثافة طلبات التوظيف والتعاون. وقال ناشط في هذا السياق:

وعقب تداول خبر الإغلاق قدم “تيار المستقبل السوري” مقترحاً لكادر “أورينت” يتمثل في أن ينتقلوا بالقناة وبالتنسيق مع مالكها إلى جعلها شركة مساهمة تكون ملكاً للشعب السوري.

وتتلخص فكرة تحويل القناة إلى شركة مساهمة بأن يشارك كل السوريين في دعم وتمويل الصحافيين في القناة التي تتحول إلى الاستثمار الشعبي عبر أسهم يشتريها مواطنون عاديون.

5