أوروبا تواجه تحديات غير مرتبطة بالطاقة في الأزمة الأوكرانية

الاتحاد الأوروبي يعلن استعداده لتحمل تداعيات توقف الغاز الروسي.
الخميس 2022/04/28
الغذاء والذرة والقمح كلها مرتبطة أيضا بإمدادات الطاقة

تتجاوز تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا إمدادات الطاقة إلى أوروبا التي تحتاجها بشدة وسط صعوبة إيجاد بديل عاجل لتفادي النقص لتمتد إلى سلاسل التوريد كالغذاء والقمح والذرة، ما يطرح تحديات جمة أمام الدول الأوروبية لتوفير احتياجاتها.

بروكسل - يرى خبراء أن للصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا آثارا طويلة الأجل على أوروبا تتجاوز إمدادات الطاقة، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي الأربعاء أنه مستعد لسيناريو توقف الغاز الروسي، ولفت إلى سعيه لاتخاذ رد فعل منسق تجاه الإجراءات الروسية في هذا الشأن.

وذكرت تقارير إعلامية أنه حتى الآن، فإن أكبر تأثير اقتصادي مباشر للصراع كان على أسعار الطاقة، وخاصة في ألمانيا وإيطاليا، أكبر مستوردين للغاز الروسي في أوروبا. وانخفضت العقود الآجلة للغاز الطبيعي بشكل طفيف الأسبوع الماضي، ولكن فقط بعد أن وصلت إلى أعلى مستوياتها في 13 عاما.

ويرى محللون أن أوروبا ستواجه قريبا تحديات أخرى، مثل زيادة مشاكل سلسلة التوريد، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ومشاكل السياسة البيئية، وموجات جديدة من اللاجئين.

وقال لورينزو كودوجنو المؤسس وكبير الاقتصاديين في شركة (إل.سي ماركو أدفايزرز)، وهو أستاذ زائر في كلية لندن للاقتصاد "يمكن أن ينتهي بنا الأمر بمشاكل كبيرة في واحدة من سلاسل التوريد المهمة، قد يكون هذا قطاع السيارات أو أي شيء آخر".

وأفاد "علينا أيضا أن نفكر في الغذاء والقمح والذرة" التي تنتجها تقليديا روسيا وأوكرانيا، مضيفا أن "الغاز لا يستخدم فقط لتوليد الطاقة، وإنما يستخدم أيضا في إنتاج الأسمدة، والتي تعتبر مهمة للزراعة، ليس فقط في أوروبا ولكن في جميع أنحاء العالم. كل شيء مرتبط بكل شيء آخر".

لورينزو كودوجنو: على أوروبا أن تفكر أيضا في الغذاء والقمح والذرة

وبالنسبة إلى ريكاردو بوغليسي أستاذ الاقتصاد العام في جامعة بافيا، فإن التأثير الاقتصادي الأكثر انتشارا الناجم عن الصراع قد يكون “عدم اليقين” الذي يخلقه.

وقال بوغليسي إن الصراع يبطئ التعافي الاقتصادي من المشاكل التي نجمت عن وباء كوفيد - 19، مضيفا أنه "لا يوجد سبب واحد هنا ولا نعرف كم من الوقت سيستمر هذا وما هي الآثار المتوسطة أو الطويلة الأجل".

وأشار إلى أن أحد الآثار التي تشهدها الاقتصاديات بالفعل هو زيادة الإنفاق العسكري، الذي رأى أنه تضاعف بالفعل عند قياسه كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأوروبية ليصل إلى نحو 2 في المئة. وفي الأشهر المقبلة يمكن أن يرتفع هذا الرقم إلى 2.5 في المئة.

وأضاف بوغليسي أن "الحكومات ستتمكن من العثور على الإيرادات الضريبية لتعويض معظم الزيادات في الإنفاق العسكري، لكن الإنفاق الإضافي لن يكون كافيا لتعويض حالة عدم اليقين الاقتصادي التي ستواجهها البلدان”.

وتشعر بعض الجماعات البيئية بالقلق من أن التحول السريع جدا بعيدا عن مصادر الطاقة الروسية قد يجعل من الصعب استبدالها ببدائل الطاقة المتجددة. والخوف هو أن البحث عن بدائل للغاز أو النفط يمكن أن يجعل البلدان تعلق في عقود طويلة الأجل من شأنها أن تخنق التوسع في الطاقة النظيفة.

وذكر كودوجنو أنه في حين أن حالات الأزمات غالبا ما تزرع الانقسامات بين البلدان، إلا أنه لا يبدو أن هذا هو الحال هذه المرة، مبينا أنه إذا استمر الصراع لعدة أشهر، فقد يصبح الوضع أكثر إشكالية بسبب الهجرة.

وقال “إذا استمرت أزمة اللاجئين الأوكرانيين، فمن الواضح أنها ستضع الكثير من الضغط على مرافق مثل المدارس والمستشفيات"، مضيفا "لكن إذا وافقت الدول على تقاسم العبء الذي يفرضه هؤلاء المهاجرون، أعتقد أنها ستظل صدمة، ولكن يمكن التعامل معها".

وأعلن الاتحاد الأوروبي الأربعاء أنه مستعد لسيناريو توقف الغاز الروسي. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان دير لاين، في بيان، إن إعلان شركة غازبروم الروسية وقف إمدادات الغاز لبولندا وبلغاريا "محاولة أخرى من روسيا لابتزازنا (دول الاتحاد) بالغاز".

وأضافت "نحن على استعداد لهذا السيناريو ونخطط لاستجابة منسقة"، داعية الأوروبيين إلى الوثوق بالاتحاد. وتابعت "نقف متحدين ومتضامنين مع الدول الأعضاء المتأثرة" من القرارات الروسية.

وأوضحت فان دير لاين أن بلغاريا وبولندا تتلقيان بالفعل الغاز من جيرانها في الاتحاد الأوروبي بسبب الاستثمارات السابقة في تعزيز البنية التحتية للغاز والترابط بين الدول الأعضاء.

اليونان تعمل على تكثيف قدرتها على تخزين الغاز الطبيعي المسال، ولديها خطط طوارئ لتحويل العديد من قطاعات الصناعة من الغاز إلى الديزل كمصدر طارئ للطاقة

كما أشارت إلى أن الدفع بالروبل "يعد انتهاكا لعقوبات الاتحاد الأوروبي" على اعتماد أن حوالي 97 في المئة من جميع العقود تنص صراحة على المدفوعات باليورو أو بالدولار.

وطمأنت فون دير لاين على أن الخطوة الروسية سيكون لها "أقل تأثير ممكن" على المستهلكين الأوروبيين، ووعدت بأن تكثف المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء عملها في ما يسمى بالمجموعات الإقليمية "للتخفيف من أي آثار على اضطرابات الغاز المحتملة".

وأكدت أن "الخطوة العدوانية" الأخيرة من روسيا هي تذكير صارخ آخر بأن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى العمل مع شركاء موثوقين وتحقيق الاستقلال في قطاع الطاقة.

وفي وقت سابق الأربعاء أعلنت غازبروم قطع جميع إمدادات الغاز عن بولندا وبلغاريا لعدم تلقيها دفعات بالروبل من البلدين العضوين في الاتحاد الأوروبي.

وقالت غازبروم، في بيان، إنها أبلغت شركة "بولغار غاز" البلغارية والشركة البولندية لتعدين النفط والغاز بـ”إيقاف إمدادات الغاز اعتبارا من الأربعاء إلى حين إتمام عمليات الدفع بالروبل”.

ومن المقرر أن تعقد الحكومة اليونانية اجتماعا طارئا لبحث سداد الدفعة التالية لشركة غازبروم في الخامس والعشرين من مايو المقبل. ويتعين على الحكومة اليونانية أن تقرر ما إذا كانت ستمتثل لطلب موسكو بإتمام الدفع بالروبل.

وتعمل اليونان على تكثيف قدرتها على تخزين الغاز الطبيعي المسال، ولديها خطط طوارئ لتحويل العديد من قطاعات الصناعة من الغاز إلى الديزل كمصدر طارئ للطاقة.

ومن المقرر أن تنتهي الإمدادات الروسية من الغاز إلى بولندا في وقت لاحق من هذا العام على أي حال، بعدما عملت بولندا لسنوات عديدة على تأمين الإمدادات من بلدان أخرى.

ونهاية مارس الماضي قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن “الدول غير الصديقة” يجب أن تدفع الآن مقابل إمدادات الغاز بالروبل بعد أن جمد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أصول عملات البنك المركزي الروسي، على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

وبموجب أوامر بوتين، يتعين على الدول الغربية فتح حسابات بالروبل في البنوك الروسية لدفع ثمن الغاز.

وفي الرابع والعشرين من فبراير الماضي أطلقت روسيا هجوما على أوكرانيا، تبعه رفض دولي وعقوبات اقتصادية ومالية مشددة على موسكو التي تشترط لإنهاء عمليتها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية والتزام الحياد التام، وهو ما تعده الأخيرة "تدخلا في سيادتها"

5