أوروبا تنفخ في رماد آلية المقايضة مع إيران

قدمت دول الاتحاد الأوروبي لمسة تجميلية جديدة لآلية المقايضة التجارية مع إيران بانضمام 6 دول جديدة إليها، رغم أنها ولدت ميتة ولم تقدم أي شيء لطهران منذ دخولها حيز التنفيذ بداية العام الحالي.
وتعلم جميع الأطراف أن الآلية التي أطلق عليها “إنستكس” تعتمد على مقايضة عوائد مفترضة لصادرات النفط، لن تجد أي سبيل للتنفيذ بسبب توقف صادرات النفط الإيراني، ليس إلى دول الاتحاد الأوروبي فقط بل إلى جميع أنحاء العالم أيضا.
وفي تصريح دبلوماسي بلا مضمون، ولا يصل حتى إلى حفظ ماء الوجه، أصدرت فرنسا وألمانيا وبريطانيا بيانا مشتركا يرحب بانضمام ست دول أوروبية جديدة إلى آلية للمقايضة التجارية مع إيران، التي تهدف شكليا إلى الالتفاف على العقوبات الأميركية بتجّنب استعمال الدولار.
ولا تقف العقبات أمام تنفيذها عند انعدام التمويل، بل تكمن أيضا في إجماع الشركات الأوروبية على رفض التعامل مع إيران لتفادي خطر التعرض للعقوبات الأميركية القاسية.
ويقول محللون إن جميع الشركات كانت أمام الاخيار بين حماية مصالحها الكبيرة مع أكبر اقتصاد في العالم وبين المغامرة بالتعامل مع اقتصاد يوشك على الانهيار، وأن اختيارها لم يكن يحتاج إلى تفكير.
وبلغ التمرد على محاولات الحكومات الأوروبية حماية الاتفاق النووي حد إعلان بنك الاستثمار الأوروبي أنه لا يستطيع تجاهل العقوبات الأميركية إذا أراد المحافظة على مكانته كمؤسسة ذات مصداقية في أسواق المال الدولية.
ويكشف عدم قدرة البنك التابع مباشرة للاتحاد الأوروبي على تجاهل العقوبات الأميركية، قلة خيارات جميع الشركات الأخرى، التي تسابقت لقطع علاقاتها مع إيران حتى قبل دخول العقوبات حيز التنفيذ.
واكتفى بيان باريس ولندن وبرلين بالترحيب بقرار حكومات بلجيكا والدنمارك وفنلندا والنرويج وهولندا والسويد الانضمام إلى “إنستكس” بصفة دول مساهمة.
ويفترض أن تعمل “إنستكس” ومقرها باريس كغرفة مقاصة تتيح لإيران مواصلة بيع النفط مقابل استيراد منتجات أخرى أو خدمات ضرورية لاقتصادها. لكن الآلية لم تجر أي عملية حتى الآن، حتى من قبل الدول المؤسسة لها، رغم مرور عام تقريبا على دخولها حيز التنفيذ.
وكانت واشنطن قد انسحبت أحاديا في عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم بين طهران والدول الكبرى، وأعادت فرض عقوبات قاسية على اقتصاد الجمهورية الإسلامية.
ومع ذلك أكدت الدول الثلاث عباراتها الدبلوماسية الفارغة التي تؤكد أن موجة الانضمام إلى آلية المقايضة التجارية “تعزز إنستكس وتشكل دليلا على جهود الأوروبيين لتسهيل التبادل التجاري المشروع بين أوروبا وإيران وتسلّط الضوء على تمسّكنا المستمر” بالاتفاق النووي المبرم مع إيران في عام 2015.
ويبدو أن الآلية مجرد شعار لمواصلة الموقف الأوروبي، الذي يطالب طهران المختنقة بالعقوبات الأميركية بمواصلة الالتزام بالاتفاق النووي، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في العام الماضي.
ويظهر ذلك في تأكيد الدول الثلاث أن على “إيران العودة فورا للالتزام بكل تعهّداتها” في الاتفاق النووي وبخاصة توقيف تخصيب اليورانيوم بنسب محظورة.
وكما في كل الدعوات الشكلية السابقة، سارعت طهران إلى تجديد إعلان يأسها من آلية المقايضة الأوروبية، التي لم يمر من خلالها دولار واحد حتى الآن.
وقال رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني أمس في تعليق على انضمام ست دول أوروبية إلى الآلية إن “من غير الواضح ما إذا كانت الآلية ستحقق نتائج ملموسة”.
وهناك إجماع بين الخبراء على أن الاتفاق لن يستطيع حتى على المدى البعيد تقديم أي شيء لطهران، وأنه مجرد موقف دبلوماسي لتخفيف اندفاع طهران في التنصل من التزاماتها بالاتفاق النووي.