أوروبا تقلص اللجوء من سبع دول بتصنيف "آمن" يثير جدلا

بروكسل (بلجيكا) - أعلنت المفوضية الأوروبية الأربعاء قائمة تتضمن الدول التي تعتبرها "آمنة" وقلصت بموجبها فرص منح اللجوء لمواطنيها، غير أن هذا الإجراء سرعان ما أثار جدلا حقوقيا واسعا، وسط مخاوف من تقويض الحق الفردي في طلب اللجوء وتقليل أهمية التقييم الدقيق لظروف طالبي الحماية.
وتشمل هذه القائمة "الدينامية" التي قد تسحب منها أو تضاف إليها بلدان بحسب تطوّر الأوضاع كوسوفو وبنغلادش وكولومبيا ومصر والهند والمغرب وتونس.
ويرمي الإجراء إلى تسريع معالجة طلبات اللجوء المقدمة من رعايا هذه الدول الذين يهاجرون بأعداد كبيرة إلى الاتحاد الأوروبي، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا تنطبق عليهم مواصفات اللاجئين، وبالتالي تسريع عملية إعادتهم إلى ديارهم.
ورغم انخفاض عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين دخلوا الاتحاد الأوروبي العام الماضي بنسبة 38 بالمئة، وهو أدنى مستوى منذ عام 2021، لا تزال الهجرة تُمثل قضية حساسة للغاية للدول الأعضاء في الاتحاد البالغ عددها 27 دولة.
وتسعى المفوضية الأوروبية من خلال هذه القائمة الموحدة إلى تجاوز التباينات القائمة بين الدول الأعضاء، حيث وضعت دول مثل فرنسا وبلجيكا وألمانيا قوائمها الخاصة بـ"دول المنشأ الآمنة"، مما كان يشجع طالبي اللجوء على التوجه نحو الدول ذات المعايير الأكثر مرونة.
وقالت المفوضية الأوروبية إن معظم الدول المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي تستوفي "المعايير اللازمة لتصنيفها كدول منشأ آمنة".
وقوبل هذا المقترح بانتقادات حادة من منظمات حقوق الإنسان.
وقال حسين بيومي، المتخصص في شؤون السياسة الخارجية بمنظمة العفو الدولية في بروكسل، إن مفهوم الدول الآمنة في إجراءات اللجوء "قد يؤدي إلى التمييز بين اللاجئين على أساس بلد جنسيتهم، ويُقلل من أهمية التقييم الفردي".
وأضاف بيومي "يتعين على الاتحاد الأوروبي ضمان توضيح الفئات المعرضة للخطر في كل دولة، مثل المعارضين السياسيين، وأفراد مجتمع الميم، والصحافيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، مع تعزيز التعاون مع الدول المدرجة لمعالجة المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان".
ويُعد هذا المقترح تعديلا على لائحة إجراءات اللجوء، وهو جزء من ميثاق الهجرة للاتحاد الأوروبي المُعتمد عام 2023، والمقرر أن يدخل حيز التنفيذ عام 2026. ولا يزال يتعين عليه الحصول على موافقة البرلمان الأوروبي وحكومات الاتحاد الأوروبي، وهو ما يبدو مسارا سياسيا حساسا قد يثير خلافات بين الدول الأعضاء.
وقد سبق للمفوضية أن طرحت قواعد جديدة في مارس بشأن إعادة المهاجرين، الأمر الذي أثار انتقادات مماثلة من جماعات حقوق الإنسان التي حذرت من احتمال وقوع انتهاكات حقوقية.
وحظيت هذه القضية بدعم كبير من إيطاليا، حيث رحبت روما بـ"نجاح للحكومة الإيطالية" بعد نشر القائمة.
وقال وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوسي إن الائتلاف المحافظ بزعامة جورجيا ميلوني "سعى دائما على المستوى البيني والمتعدد الأطراف من أجل التوصل إلى مراجعة" لهذه القائمة.
وأشادت ميلوني بالتغيير الذي "يتيح إجراءات معجّلة (لمعالجة الملفّات) عند الحدود للمهاجرين الوافدين من بعض البلدان".
في المقابل، انسحبت فرنسا من المشاورات، مفضلة الحكم على اقتراح المفوضية الأوروبية وفقًا لنتائجه النهائية.
وكانت المفوضية قد قدمت قائمة مماثلة في عام 2015، لكن تم التخلي عنها في نهاية المطاف بسبب مناقشات حادة بشأن إدراج تركيا، نظرًا لسجلها في مجال استقلال القضاء وحقوق الأقليات وحرية الصحافة.
وتواجه بروكسل ضغوطًا متزايدة لتشديد سياساتها المتعلقة بالهجرة، تزامنًا مع تنامي نفوذ اليمين واليمين المتطرف في مختلف أنحاء أوروبا.
وفي منتصف مارس، كشفت المفوضية الأوروبية عن مقترحات لتسريع ترحيل المهاجرين غير النظاميين، واقترحت إنشاء "مراكز للعودة" خارج حدودها.
وتطرق اقتراح المفوضية الأوروبية الجديد بشكل خاص إلى حالة تونس، المتهمة من الأمم المتحدة بـ "اضطهاد" معارضي النظام.
وأقرت بروكسل بأن شخصيات سياسية وناشطين وصحافيين ومحامين يتعرضون للتوقيف في البلاد. غير أن المفوضية رأت أن هذه "الأعمال القمعية لا تصل إلى حدّ يتيح التكلّم عن قمع ممنهج واسع النطاق"، وهو ما أثار انتقادات لاذعة من منظمات غير حكومية.
وقال رمضان بن عمر الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية "إنه انتهاك فادح لحقّ أساسي من حقوق الإنسان ألا وهو الحقّ في اللجوء".