أوروبا تعتمد سياسة جماعية إلزامية لمواجهة موجة المهاجرين

بروكسل – تبنى النواب الأوروبيون تدابير واسعة النطاق لتعديل سياسات اللجوء في التكتل وتشدد الضوابط الحدودية على الوافدين بشكل غير نظامي وتجبر جميع دول التكتل على تقاسم المسؤولية.
وتقوم هذه السياسات على دعم دول الوصول وتقاسم الأعباء إما باستقبال “كوتا” لاجئين أو الإيفاء بتعهدات مالية محددة، لمنع أن تتحول معركة اللاجئين إلى معركة خاصة بدول مثل إيطاليا أو اليونان.
وأشادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بالتصويت الذي جرى الأربعاء، قائلة إنه “سيؤمن الحدود الأوروبية… مع ضمان حماية الحقوق الأساسية” للمهاجرين. وأضافت “علينا أن نكون الجهة التي تقرر من يأتي إلى الاتحاد الأوروبي وتحت أي ظروف وليس المهربين والمتاجرين”.
وقالت مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي إيلفا جوهانسون إن التكتل “سيكون قادرا على حماية حدودنا الخارجية بشكل أفضل وكذلك الضعفاء واللاجئين، وإعادة أولئك غير المؤهلين للبقاء بسرعة” وإدخال “تضامن إلزامي” بين الدول الأعضاء.
كما رحبت الحكومات الأوروبية -التي وافقت غالبيتها سابقا على الاتفاق- بتبنيه. ووصف المستشار الألماني أولاف شولتس ووزير الهجرة اليوناني ديميتريس كيريديس الاتفاق بأنه “تاريخي”.
في المقابل انتقدت الجمعيات الخيرية التي تعنى بالمهاجرين الاتفاق الذي يتضمن بناء مراكز حدودية لاحتجاز طالبي اللجوء وإرسال بعضهم إلى بلدان خارجية “آمنة”.
وقالت منظمة العفو الدولية إن الاتحاد الأوروبي يدعم اتفاقا “يعلم أنه سيتسبب في معاناة إنسانية أكبر”، فيما حث اتحاد الصليب الأحمر الدول الأعضاء “على ضمان ظروف إنسانية لطالبي اللجوء والمهاجرين المتضررين”.
وقاطع متظاهرون عملية التصويت وهم يهتفون في أروقة المبنى “هذا الاتفاق يقتل؛ صوتوا بِلا!” إلى أن تمت إعادة النظام.
وقال تكتل اليسار المتشدد في البرلمان، والذي يؤكد أن الإصلاحات لا تتوافق مع التزام أوروبا بدعم حقوق الإنسان، إنه “يوم مظلم”. واعتبر النائب عن كتلة الخضر داميان كاريم أن الإصلاحات تمثل “اتفاقا مع الشيطان”.
كما عارض نواب اليمين المتطرف إقرار القوانين العشرة التي تشكل الاتفاق، قائلين إنها غير كافية لوقف المهاجرين غير الشرعيين الذين يتهمونهم بنشر انعدام الأمن والتهديد بـ”إغراق” الهوية الأوروبية.
وقالت مارين لوبان زعيمة حزب التجمع الوطني (يمين متطرف) في فرنسا عبر منصة إكس إن التغييرات ستسمح “للمنظمات غير الحكومية المتواطئة مع المهربين بالإفلات من العقاب”.
وأكدت لوبان والمسؤول الذي يمثل حزبها في البرلمان الأوروبي جوردان بارديلا أنهما سيسعان إلى إلغاء الإصلاح بعد انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو القادم.
تكتل اليسار المتشدد في البرلمان، يؤكد أن الإصلاحات لا تتوافق مع التزام أوروبا بدعم حقوق الإنسان، إنه "يوم مظلم"
ومن المقرر أن تدخل إجراءات الاتفاق حيز التنفيذ في عام 2026، بعد أن تحدد المفوضية الأوروبية في الأشهر المقبلة آلية تنفيذها.
وباسم التضامن، سيتوجب على بلدان الاتحاد الأوروبي استقبال آلاف طالبي اللجوء من الدول التي تعد “على خط المواجهة”، مثل إيطاليا واليونان، في حال شعرت بأنها تحت الضغط نتيجة تدفق المهاجرين.
كما يمكن أن تقدّم دول الاتحاد الأوروبي الأخرى المال وغير ذلك من الموارد إلى البلدان التي تعاني من الضغط، أو المساعدة في تأمين الحدود.
وقال المستشار الألماني على موقع إكس إن الاتفاق يرمز إلى “التضامن بين الدول الأوروبية وسيخفف في النهاية العبء عن الدول التي تضررت كثيرا بشكل خاص”.
في المقابل اعتبر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الأربعاء أن التعديلات هي مسمار آخر في نعش التكتل.
وقال عبر منصة إكس إن “ميثاق الهجرة هو مسمار آخر في نعش الاتحاد الأوروبي. فالوحدة ماتت، والحدود الآمنة لم تعد موجودة. المجر لن تستسلم أبدا لجنون الهجرة الجماعية! نحن بحاجة إلى التغيير في بروكسل من أجل وقف الهجرة!”.
واعتبرت إيطاليا أن الإجراءات التي تم تبنيها الأربعاء هي “أفضل حل وسط ممكن”؛ حيث قال وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوسي “لقد توصلنا مع الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي إلى أفضل حل وسط ممكن، يأخذ في الاعتبار احتياجات إيطاليا ذات الأولوية”.
ومن بين الإجراءات الأخرى المثيرة للجدل مقترح لإرسال طالبي اللجوء إلى بلدان خارج الاتحاد الأوروبي تعتبر “آمنة” إذا كان للمهاجر رابط ما مع هذه الدولة، وهو ما يفتح الباب أمام إعادة المهاجرين إلى بلدان شمال أفريقيا.
ورأى التكتل ضرورة التحرّك بشكل موحّد عندما وصلت أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين في 2015، قدم الكثير منهم من سوريا وأفغانستان. وقوبلت أفكار أولى، مثل توزيع المهاجرين على أساس مبدأ “الحصص”، برفض عدد من الدول.
وبموجب قواعد الاتحاد الأوروبي الحالية تتحمل دولة الوصول مسؤولية استقبال طالبي اللجوء وإعادة أولئك الذين يعتبرون غير مسموح لهم بالدخول. ووضع ذلك دول الجنوب تحت ضغوط شديدة ومنح اليمين المتطرف دفعا معنويا.
وتحقق خرق سياسي في ديسمبر الماضي عندما أيدت أغلبية مرجحة من دول الاتحاد الأوروبي الإصلاحات متجاوزة معارضة المجر وبولندا.
وبالتوازي مع الإصلاح أبرم الاتحاد الأوروبي مع تونس ومصر اتفاقيات مماثلة للذي وقعه مع تركيا في عام 2016 لوقف تدفقات المهاجرين، وانتقد العديد من النواب هذه الاتفاقيات.