أوروبا تضع شركات صينية على رادار العقوبات على روسيا

وضعت المغامرة العسكرية الروسية في أوكرانيا شركات صينية في مرمى الحظر الغربي بعد أن لوح الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على الكيانات والدول التي تتعامل مع موسكو، الأمر الذي يراه محللون تصعيدا قد يصدّع التعاون الاقتصادي المُتقلب بين بروكسل وبكين.
بروكسل - اقترح الاتحاد الأوروبي إدراج العديد من الشركات الصينية في القائمة السوداء والحد من الصادرات إلى الدول التي يُنظر إليها على أنها متورطة في تجاوز قيود التجارة الروسية بموجب العقوبات الجديدة ضد موسكو بسبب الحرب التي شنتها على أوكرانيا.
وحتى اليوم تجنبت دول الاتحاد استهداف الصين، لعدم توفر أي أدلة على تزويدها موسكو بالأسلحة بشكل مباشر. فيما يقول خبراء إن خطوة الأوروبيين، التي تعد الأولى منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، تشكل تصعيدا يمكن أن يزيد من حدة التوترات مع بكين.
وتأتي العقوبات المقترحة بالتزامن مع جولة بدأها وزير الخارجية الصيني تشين غانغ الاثنين إلى أوروبا وتشمل كلا من ألمانيا وفرنسا والنرويج وتستمر حتى الجمعة.
وقالت مصادر دبلوماسية الاثنين إن الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد، والتي يجب أن توافق جميعا على فرض عقوبات جديدة، ستجري أول مناقشات غدا الأربعاء بشأن الاقتراح المقدم من وحدة السياسة الخارجية في المفوضية الأوروبية.
وذكرت المصادر لرويترز، لم تكشف الوكالة عن هوياتها، أن الاقتراح يركز على مكافحة التحايل على قيود التجارة الحالية من خلال دول ثالثة، بعد أن حدد الاتحاد الأوروبي الصين وتركيا والإمارات ودول في آسيا الوسطى والقوقاز كمتهمين محتملين.
ولفت دبلوماسيون مطلعون على الاقتراح إلى أن سبع شركات في الصين ستخضع لتجميد أصول في الاتحاد الأوروبي، فيما سيكون أول من يعاقب الاتحاد بكين على اتهامات بدورها في الحرب الروسية في أوكرانيا.
وأصدرت بكين تحذيرا شديد اللهجة للأوروبيين عقب نشر صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تقريرا بشأن تلك الإجراءات العقابية التي تستهدف فرض عقوبات على الشركات الصينية التي تتعامل مع روسيا.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين إن بلاده تحث الاتحاد الأوروبي على عدم اتخاذ “المسار الخاطئ”، وإنها مستعدة لاتخاذ إجراءات لحماية حقوقها ومصالحها.
وأضاف “الصين تعارض الإجراءات التي تستخدم التعاون الصيني – الروسي كذريعة لفرض عقوبات غير قانونية أو سلطة قضائية طويلة المدى ضد الصين”.
وذكرت فايننشال تايمز أن الشركات المعنية هي ثري أتش.سي لأشباه الموصلات، والتي يشتبه في كونها تحاول التحايل على القيود المفروضة على التصدير لإمداد قطاع الأسلحة والجيش الروسي بقطع إلكترونية، وكينغ – باي تكنولوجي، ومقرهما الصين.
وبالإضافة إلى هاتين الشركتين أوردت الصحيفة البريطانية أسماء شركات سينو إلكترونيكس وسيغما تكنولوجي وآسيا باسفيك ليتنكس وتوردان للتصنيغ وألفا تريدينغ إنفيستمينتس، ومقرها هونغ كونغ.
وأكد متحدث باسم المفوضية الأوروبية الاثنين أن الاقتراح أرسل إلى الدول الأعضاء بهدف سد الثغرات في قيود التجارة الروسية، لكنه امتنع عن الإدلاء بتفاصيل.
ويتوقع محللون أن يوسع التكتل أيضا قائمة السلع الممنوعة من المرور عبر السوق الروسية في الوقت الذي يحاول فيه منع حصول موسكو على التكنولوجيا المستخدمة في ساحة المعركة ضد أوكرانيا.
ويرى قادة أوروبيون أن تقليل المخاطر لا يعني قطع العلاقات التجارية مع الصين، وأنه لا يوجد تعارض بين تقليل اعتماد أوروبا على الصين في القطاعات الإستراتيجية مثل الاتصالات وتعزيز الروابط التجارية في مجالات أخرى.
7
شركات صينية مستهدفة أهمها ثري أتش.سي التي يشتبه في تصديرها قطعا إلكترونية للجيش الروسي
وتوترت علاقات أوروبا مع الصين في السنوات القليلة الماضية، وبدأ التأزم بتعثر اتفاق للاستثمار في عام 2021 ثم رفض بكين إدانة روسيا فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا.
وفي مطلع 2021 تمكنت الصين من تبوّؤ مكانة الشريك التجاري العالمي الأول لأوروبا، وأقصت بذلك منافستها الولايات المتحدة التي حافظت على تفوقها هناك لعقود.
ووفقا للأرقام استطاعت الصين زيادة صادراتها إلى دول الاتحاد في 2020 بنحو 5.6 في المئة عما كانت عليه في 2019، كما زادت وارداتها من هذه الدول بنسبة 2.2 في المئة مقارنة بالواردات الصينية من المنطقة الأوروبية في عام 2019.
وفيما ستكون الحزمة الحادية عشرة من عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا منذ غزوها أوكرانيا في فبراير 2022، سيقدم الاتحاد آلية جديدة لخفض صادراته إلى دول ثالثة يُنظر إليها على أنها متورطة في تجاوز العقوبات المفروضة على روسيا.
وقال دبلوماسي أوروبي لرويترز “ستكون سفنا فارغة في الوقت الحالي يمكن ملؤها حسب الحاجة”. وأضاف “بيت القصيد هو عدم استخدامها أبدا، للذهاب من أجل التواصل الدبلوماسي أولا وتقديم المساعدة الفنية.. فقط كحل أخير، سيكون لدينا هذا التهديد معلقًا”.
بكين أصدرت تحذيرا شديد اللهجة للأوروبيين عقب نشر صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تقريرا بشأن تلك الإجراءات العقابية
وبناء على تحليل بيانات الصادرات الألمانية منذ الغزو الروسي، أكد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في فبراير الماضي أن بعض التجارة الأوروبية المحظورة تتدفق إلى روسيا عبر القوقاز وآسيا الوسطى.
ويُظهر التحليل انخفاضًا حادًا في الصادرات المباشرة من الاتحاد الأوروبي إلى روسيا بعد فرض العقوبات في مارس 2022. وفي الوقت نفسه هناك زيادة في صادرات الاتحاد الأوروبي إلى أرمينيا وكازاخستان وجمهورية قيرغيزستان.
وقال البنك الأوروبي للإعمار “كلا النموذجين واضحان بشكل خاص لمجموعات المنتجات الخاضعة جزئياً أو كلياً لعقوبات الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن السلع المشابهة لتلك التي تخضع للعقوبات”.
وأشارت بعض المصادر إلى أن المناقشات بين الدول الأعضاء قد تكون طويلة ومحفوفة بالمخاطر لأن الاقتراح يهدد بإفساد العلاقات الاقتصادية والسياسية.
وقال مصدر دبلوماسي ثان “لا أتوقع قرارا يوم الأربعاء أو الأسبوع المقبل أيضا. سيكون لدى الدول الأعضاء العديد من الأفكار حول ما إذا كان هذا وسيلة جيدة، وكيف سيكون مفعول هذا القرار”.
ويسلط الاقتراح الضوء على استعداد الاتحاد الأوروبي المتزايد لاستهداف دول ثالثة وكيانات أجنبية بعقوباته، على الرغم من إصرار الكتلة منذ فترة طويلة على أنها لا تتخذ إجراءات تتجاوز الحدود الإقليمية مثل الولايات المتحدة.
وقال دبلوماسي ثالث من الاتحاد الأوروبي، وهو شخص له علاقة مباشرة بسَنّ العقوبات ولم تعلن رويترز هويته، “سواء أردنا الاعتراف بذلك أم لا، من الواضح أن هذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور”.