أوروبا تشهر سلاح العقوبات في مواجهة سلوك تركيا المعادي

شارل ميشال: لعبة "القط والفأر" مع أنقرة يجب أن تنتهي.
السبت 2020/12/05
سياسات أردوغان تهدد السلام في شرق المتوسط

أبدى الاتحاد الأوروبي، الجمعة، استعداده للجوء إلى العقوبات في مواجهة سلوك تركيا المعادي في شرق المتوسط في ظل استمرار أنشطة التنقيب غير القانونية وتراجعها عن تعهداتها السابقة، كما تأتي العقوبات الأوروبية ردا على سياسة أمر الواقع التي تنتهجها أنقرة في عدة أزمات إقليمية.

بروكسل – أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الجمعة، أن دول الاتحاد الأوروبي مستعدة لفرض عقوبات على تركيا بسبب استمرار “أفعالها الأحادية وخطابها المعادي”، مشيرا إلى أن أنقرة لم تخفض التصعيد في أزمتها مع اليونان استجابة للتواصل الدبلوماسي.

وقال ميشال في مؤتمر صحافي “أعتقد أن لعبة القط والفأر يجب أن تنتهي” في إشارة إلى دخول سفن تركية للتنقيب عن الغاز بشكل متكرر إلى مياه يونانية.

وأضاف “قمنا بمد يدنا إلى تركيا في أكتوبر وتقييمنا سلبي مع استمرار الأفعال الأحادية والخطاب المعادي”، موضحا “سنجري نقاشا خلال القمة الأوروبية المرتقبة، ونحن على استعداد لاستخدام السبل المتاحة لنا”.

أروسولا فون دير لايين: تم تكليف المفوضية بتطوير عقوبات اقتصادية للاستخدام فوراً
أروسولا فون دير لايين: تم تكليف المفوضية بتطوير عقوبات اقتصادية للاستخدام فوراً

واقترح الاتحاد الأوروبي في أكتوبر الماضي، محادثات على أنقرة مهدداً بفرض عقوبات في حال لم توقف تركيا أعمالها الاستفزازية شرق المتوسط والتي يدينها الاتحاد. واتُخذ قرار لتقييم الوضع خلال قمة أوروبية مزمع إجراؤها في العاشر من ديسمبر الجاري.

وحذّرت رئيسة المفوضية الأوروبية أروسولا فون دير لايين خلال أشغال القمة الأوروبية الأخيرة من أنه “إذا واصلت أنقرة أفعالها غير القانونية، فسنستخدم كل الوسائل المتاحة لنا”. وتم تكليف المفوضية بتطوير عقوبات اقتصادية باتت جاهزة “للاستخدام فوراً”، وفق فون دير لايين. وعلق ميشال بالقول “قمنا بمد يدنا ورأينا ردود أنقرة”.

من جهته، ندّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال اجتماعه الأخير مع نظرائه في حلف شمال الأطلسي، الثلاثاء، بالسلوك المعادي لأنقرة وسياسة الأمر الواقع التي تنتهجها في عدة أزمات إقليمية خصوصاً في ليبيا وناغورني قره باغ.

ودعت الولايات المتحدة تركيا العضو في حلف الأطلسي، “للعودة إلى سلوك الحليف”.

ويتطلب فرض عقوبات على تركيا إجماع كافة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. إلا أن ألمانيا عرقلت حتى الآن تبني العقوبات على أمل التوصل إلى اتفاق “لتطوير علاقة بناءة فعلياً مع تركيا”.

وأكد مسؤولون أوروبيون عدة أنه “ستُتخذ قرارات خلال القمة الأوروبية، لكن لم يتم تحديد حجمها حتى الآن”. وقال وزير في تصريحات صحافية “يجب رؤية ما هي المواقف التي ستتبناها ألمانيا وبولندا”. وسيدرس زعماء الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على تركيا، التي تستضيف رؤوسا حربية نووية أميركية، بسبب نزاع الغاز في شرق المتوسط.

وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، الاثنين، إن الاتحاد الأوروبي لم يحرز التقدم المنشود في العلاقات مع تركيا. وأشارت ميركل إلى وجود العديد من الصعوبات والعقبات، في علاقات الاتحاد الأوروبي مع تركيا، منذ قمة زعمائه في أكتوبر الماضي.

والعلاقات الأوروبية التركية في أدنى مستوياتها، بسبب سياسات أنقرة في ليبيا والشرق الأوسط، إضافة إلى تراجعها عن تعهداتها السابقة بشرق المتوسط.

وعادت سفينة تركية للمسح الزلزالي هي في صلب خلاف مع اليونان بشأن ثروات غاز محتملة في شرق المتوسط إلى مينائها، وفق ما أعلنت وزارة الطاقة التركية الاثنين.

وباتت سفينة المسح الزلزالي عروج ريس رمزا لتزايد رغبة تركيا في العثور على الغاز الطبيعي في المياه المتنازع عليها رغم معارضة كل من اليونان وقبرص.

وكانت السفينة تواكبها فرقاطات البحرية التركية، قد نُشرت أولا في أغسطس ثم في أكتوبر في مياه جنوبي جزيرة كاستيلوريزو اليونانية، في تحد لدعوات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالامتناع عن ذلك.

لا تهاون مع تجاوزات اردوغان
لا تهاون مع تجاوزات اردوغان

وتركيا واليونان، العضوتان في حلف شمال الأطلسي، على خلاف بسبب تضارب مطالبات كل منهما بأحقيته في موارد النفط في منطقة شرق البحر المتوسط وحدود الجرف القاري لكل منهما.

وتقول أنقرة إن ساحلها الطويل المطل على البحر المتوسط يجعل مطلبها بالسيادة على المياه في تلك المنطقة، أقوى من مطلب اليونان التي تستند على جزيرة كاستيلوريزو الصغيرة.

وكتبت وزارة الطاقة في تغريدة “أنهت سفينتنا مسحها الزلزالي ثنائي الأبعاد في منطقة ديمري والذي بدأ في 10 أغسطس.. وقد عادت الآن إلى ميناء أنطاليا”.

ونددت وزارة الخارجية اليونانية بقرار تركيا إعادة سفينة تنقيب إلى شرق المتوسط، وقالت إنّ تركيا “غير جديرة بالثقة” وإنها “غير صادقة في رغبتها بالحوار”.

وطالبت فرنسا، الاثنين، تركيا بضرورة الإحجام عن أي استفزازات جديدة وإظهار حسن النية، في وقت ينتقد فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باستمرار الأجندات التركية في أكثر من جهة بدءا بليبيا مرورا بسوريا ووصولا إلى إقليم قره باغ الانفصالي في أذربيجان.

وكان البرلمان الأوروبي قد وافق مؤخرا، على قرار غير ملزم يدعم طلبا تقدمت به قبرص العضو في الاتحاد ويحث قادة التكتل على “اتخاذ إجراء وفرض عقوبات صارمة” على تركيا، في خطوة من المرجح أن تعزز الدعم لمساعي فرنسا لفرض عقوبات على أنقرة خلال قمة الاتحاد الأوروبي المرتقبة.

وبرز تفاؤل في سبتمبر إزاء طريقة لحل الخلاف من خلال الحوار بعد موافقة تركيا واليونان العضوتين في حلف شمال الأطلسي، على إجراء محادثات استكشافية متوقفة منذ 2016. لكن الآمال تبددت مع عودة عروج ريس لإجراء أنشطة استكشاف في شرق المتوسط في خطوة وصفتها أثينا بأنها “تهديد مباشر للسلام”.

5