أوروبا تدرس فرض عقوبات على إيران بسبب مؤامرات الاغتيال

التشدد الأوروبي بشأن الاتفاق النووي لا يمنع تأييد الموقف الأميركي في بقية الملفات.
الثلاثاء 2018/11/20
دول المنطقة في مرمى الصواريخ الإيرانية

يرى مراقبون أن تمسك الطرف الأوروبي بالاتفاق النووي الإيراني لا يحجب مخاوفهم من أنشطتها الباليستية والمزعزعة لاستقرار المنطقة وحتى داخل بلدانهم، بعد توجيه التهم للاستخبارات الإيرانية بمحاولات تنفيذ اغتيالات في كل من فرنسا والدنمارك وهولندا، ما يقرب الموقف الأوروبي أكثر فأكثر من الموقف الأميركي الذي بدا معزولا في بداية الأمر.

بروكسل - قال دبلوماسيان إن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي وافقوا الاثنين على بحث فرض عقوبات اقتصادية على مواطنين إيرانيين بسبب مؤامرات اغتيال قادتها الاستخبارات الإيرانية في الدنمارك وفرنسا، في خطوة اعتبرها مراقبون تيقنا أوروبيا من ضرورة اتباع تمش متشدد حيال أنشطة إيران التخريبية في المنطقة وفصل ذلك عن محاولات إنقاذ الاتفاق النووي.

ولم يتم حتى الآن بحث أسماء محددة لكن كان هناك توافق عام بين الوزراء خلال اجتماعهم في بروكسل على بدء العمل الفني بشأن وضع قائمة بأفراد محتملين.

ويرى متابعون أن التأييد الأوروبي للاتفاق النووي الإيراني ومحاولات الحفاظ عليه لا يتجاوز التحفظات الأوروبية على أنشطة طهران الباليستية والمزعزعة لاستقرار المنطقة.

وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت الذي وصل طهران الاثنين، في بيان إنّ “الاتّفاق حول النووي الإيراني يبقى عنصرًا ضروريًا للاستقرار في الشرق الأوسط من خلال القضاء على تهديد إيران النووي”، لكنه حذّر من أنه “يجب علينا أيضًا أن نرى نهاية لنشاط إيران المزعزع للاستقرار في بقيّة المنطقة، إذا ما أردنا معالجة الأسباب الأساسيّة للتحدّيات التي تُواجهها المنطقة”.

وباتت فرنسا إحدى أبرز القوى الدولية الأكثر اقترابا من المواقف التي تتبناها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه إيران، أساسا في ما يتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية ودور طهران في الشرق الأوسط وميليشياتها في سوريا.

وتتمثل أبرز تلك المؤشرات في مشاركة فرنسا في الضربة الغربية ضد النظام السوري، إلى جانب دعمها لمشروع القرار الذي قدمته بريطانيا إلى مجلس الأمن في 18 فبراير 2018 وكان يسعى لإدانة إيران بسبب تقاعسها عن وقف تهريب الأسلحة والصواريخ إلى الحوثيين، قبل أن تجهضه روسيا بالفيتو، بشكل أدى إلى استصدار قرار آخر لا يشير إلى دور إيران التخريبي في اليمن.

جيريمي هانت: يجب علينا أن نرى نهاية لنشاط إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة
جيريمي هانت: يجب علينا أن نرى نهاية لنشاط إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة

وتؤيد باريس رفع سقف العقوبات الأوروبية المفروضة على إيران، بسبب تعنتها في معالجة الخلافات الخاصة بالملفات السابقة، دون أن يعني ذلك القطع مع مواصلة العمل بالاتفاق النووي.

ووجهت فرنسا صفعة قوية لطهران من خلال الإجراءات العقابية التي اتخذتها ضدها على خلفية محاولة إيران تفجير تجمع للمعارضة في مدينة فيلبانت، بالقرب من باريس.

ويجمع المراقبون لشؤون العلاقات الفرنسية الإيرانية في العاصمة الفرنسية أن تحولا قد حدث في موقف باريس من طهران سيجعل من الموقف الفرنسي أكثر تشددا، وبالتالي قربا من الموقف الأميركي.

ويرى هؤلاء أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات الفرنسية ردا على مخطط لتفجير تجمع للمعارضة الإيرانية، تقول السلطات الفرنسية إنها أحبطته في يونيو الماضي، في مدينة فيلبانت، كما قيام الشرطة الفرنسية بمداهمة أحد المراكز الشيعية المدعومة من طهران تمثل الأعراض الأولى لهذا التحول الذي قد يطال دولا أوروبية أخرى.

وأعلنت باريس، تجميد أصول الدبلوماسي الذي اعتقل في ألمانيا، أسدالله أسدي، وسعيد هاشمي مقدم، والذي عرّفه مصدر دبلوماسي فرنسي بأنّه نائب وزير مكلّف بالعمليات داخل وزارة الاستخبارات، بالإضافة إلى تجميد أصول إدارة تابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية، بعدما اتهمتهم بالوقوف وراء محاولة اعتداء على تجمع المعارضة في فيلبانت.

وفيما بدا أن موقف الرئيس الأميركي ترامب من الاتفاق النووي جاء معزولا عن موقف الشركاء في مجموعة 5+1، فقد تبدل هذه القضية من موقف فرنسا وألمانيا بعد التحقيقات في محاولة الاعتداء على تجمع المعارضة الإيرانية، حيث تقول بعض المصادر الدبلوماسية إن الأمر قد يقرّب الأوروبيين من وجهة النظر الأميركية في شأن التعامل مع الحالة الإيرانية.

وأشادت الولايات المتّحدة بردّ الفعل “القوي” الذي أقدمت عليه باريس بفرضها عقوبات على مصالح إيرانية في فرنسا واتّهامها علانية وزارة الاستخبارات الإيرانية بالتخطيط لشنّ اعتداء ضد تجمّع لمعارضين إيرانيين قرب باريس في يونيو الماضي.

وقال مجلس الأمن القومي الأميركي في تغريدة على تويتر إنّ “فرنسا تتّخذ قرارات قوية ردّا على الهجوم الإرهابي الإيراني الفاشل في باريس”. وأضاف “يجب على طهران أن تعرف أنّ هذا السلوك الفاضح لن يتم التساهل معه”.

ورصد المراقبون سجالا فرنسيا إيرانيا مستجدا حول قضايا النزاع الدولي مع إيران يؤشر إلى انتقال باريس إلى موقع متقدم للضغط على طهران.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن “الاعتداء الذي تم كشفه في فيلبانت يؤكد ضرورة التعاطي بشكل متشدد في علاقاتنا مع إيران”. لكنه استطرد قائلا إن فرنسا ترغب في مواصلة حوار مع طهران “يستند إلى الضغوط والتفاوض” في الوقت نفسه، لاستكمال الاتفاق النووي الإيراني باتفاقات حول النشاط الصاروخي البالستي لطهران وسياستها الإقليمية.

ولا يستبعد المراقبون أن يتطور الموقف الغربي للتضامن مع الموقف الفرنسي. ويقارن هؤلاء بين الموقف الجماعي الغربي المتشدد تضامنا مع بريطانيا في إدانة روسيا في مسألة محاولة اغتيال العميل الروسي المزدوج سيرجي سكريبال، وبين موقف قد يتطور ليتخذ شكلاً جماعيا لإدانة تورط إيران في عملية كانت تستهدف تجمع المعارضة الإيرانية في فرنسا.

غير أن محللين فرنسيين استبعدوا ذلك واعتبروا أن التوتر الراهن بين واشنطن وعدد من العواصم الغربية، لا سيما الأوروبية منها، قد يضعف أي موقف جماعي قد يفهم منه التحاقا بمواقف ترامب وإدارته.

5