أوروبا بين فكي كماشة.. مخاوف من موجة ثانية للفايروس واقتصاد متأزم

دول أوروبية تدرس التخفيف من إجراءات الغلق الشامل لإنعاش الاقتصاد، وسط مخاوف من موجة ثانية من الفايروس أشد فتكا.
الأربعاء 2020/04/29
أوروبا تتأرجح بين خيارين

برلين - كشفت دول أوروبية عدة عن خطط تدريجية قابلة للعودة عنها بهدف إعادة تنشيط الاقتصاد لكن من دون المخاطرة بموجة جديدة من وباء كوفيد-19 الذي لا يزال يضرب العالم صحياً واقتصادياً.

والوباء الذي انطلق من منطقة في وسط الصين في ديسمبر، أصاب حتى الآن أكثر من ثلاثة ملايين شخص حول العالم، توفي منهم أكثر من 215 ألفاً، رغم تدابير الحجر المفروضة على أكثر من نصف سكان الكوكب.

وفي أوروبا، دفعت الحاجة إلى الحد من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية دولاً عديدة إلى طرح خطط تدريجية لإعادة تنشيط الحياة الاجتماعية والنشاط الاقتصادي.

لكن السماح للأطفال من جديد بالخروج كما في إسبانيا، والعودة إلى المدرسة كما في فرنسا يثير مخاوف.

وتسعى السلطات البريطانية في الأثناء إلى معرفة ما إذا كان هناك من رابط بين الوباء ومرض خطير أصاب حتى الآن عدد قليل من الأطفال، كما أكد الثلاثاء وزير الصحة مات هانكوك.

ويشبه هذا المرض متلازمة "كاوازاكي" التي تصيب الأوعية الدموية عند الأطفال الصغار والتي لا تزال أسبابها غير محددة. ورصدت نحو 20 إصابة غير مؤكدة بعد بهذا المرض في المنطقة الباريسية، وفق ما أعلن صحيفة "لا ديبيش دو ميدي المحلية".

في فرنسا، قدم رئيس الوزراء ادوار فيليب الثلاثاء خارطة طريق لإعادة تشغيل البلاد تدريجيا اعتبارا من 11 مايو، محذراً من أن "علينا التعايش مع الفايروس".

وتشمل هذه الخطة إجراء فحوص واسعة وإعادة فتح المدارس تدريجيا وإعادة فتح المحلات التجارية (لكن بدون المقاهي والمطاعم) وفرض ارتداء أقنعة واقية في وسائل النقل العام.

لكن رئيس الوزراء الفرنسي أكد أيضاً أنه "ما لم تكن المؤشرات متوافرة، لن نبدأ الخروج من العزل في 11 مايو".

أما في ألمانيا، أصبح ارتداء القناع الواقي إلزاميا اعتبارا من الأربعاء في برلين في المحلات التجارية، بعد فرضها مسبقاً وضع كمامات في وسائل النقل العام.

غير أن السلطات الألمانية دعت السكان إلى التزام الحذر في مواجهة الوباء، فللمرة الأولى منذ منتصف أبريل، ارتفع معدل نقل العدوى من جديد إلى 1,0 والذي يعني أن كل مريض ينقل العدوى إلى شخص واحد آخر.

وسمحت أسبانيا للأطفال الخروج من جديد اعتباراً من الأحد، وفق خارطة الطريق التي أقرتها الحكومة برفع العزل اعتبارا من 9 مايو على "مراحل" تستمر حتى "أواخر يونيو"، استناداً إلى مسار تطور الوباء، لكن المدارس تبقى مغلقة حتى سبتمبر.

ولن تفتح المدارس في إيطاليا أيضاً قبل سبتمبر. ويفرض البلد الأكثر تضرراً في أوروبا من الوباء، ترتيبات حازمة لبدء الخروج من العزل اعتباراً من 4 مايو، فالتجمعات ستبقى ممنوعة، والتنقل بين المناطق كذلك، وسيكون ارتداء القناع إلزامياً في وسائل النقل العام.

على أوروبا التعايش مع الفايروس
على أوروبا التعايش مع الفايروس

وأطلقت دول أوروبية أخرى أيضاً عملية رفع تدريجية للقيود، مع فتح بعض المتاجر في حين أعلنت الإمارات فتح أبواب مركز دبي التجاري، الأكبر في العالم، اعتباراً من الثلاثاء. ويستقبل العاملون في المركز التجاري الزبائن بابتسامة، لكن يقومون بقياس حرارتهم قبل دخولهم لهذا المركز التجاري الأكثر اكتظاظاً في العالم.

وتتراكم خسائر شركات الطيران وفق نتائجها الفصلية، وآخرها حتى الآن شركة "ايرباص" التي كشفت عن خسارة صافية بقيمة 481 مليون دولار.

وقد تقضي الأزمة الصحية على إنتاج طائرة "ايرباص أي 380"، التي تعد رمز التطور في صناعة النقل الجوي، لكن تعتبرها شركات الطيران، التي تواجه صعوبات عديدة حالياً، غير مربحة.

وأعلنت شركات طيران عديدة حتى الآن عن إلغائها عدداً من الوظائف، حيث ستسرح الخطوط الجوية البريطانية 12 ألف شخص، والاسكندنافية 5 آلاف شخص، والإيسلندية ألفين.

ويتوقع أن تحتاج حركة النقل الجوي إلى عامين أو ثلاثة لتستعيد المستوى الذي كانت عليه قبل الأزمة، وفق ما أعلن المدير التنفيذي لشركة بوينغ ديفيد كالهون.

وبعد نمو متواصل لعشر سنوات، ستشهد الولايات المتحدة في عام 2020 ركوداً غير مسبوق. يتوقع المحللون تراجعاً في الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنسبة 4,3% في الفصل الأول والذي سيكشف عن قيمته في وقت لاحق الأربعاء. ويمكن للنمو أن يتدهور بنسبة 11,8% في الفصل الثاني، فيما سجل 26 مليون شخص خلال خمسة أسابيع في البلاد بأنهم عاطلون عن العمل، وهو معدل لم يسبق له مثيل.

ويأتي ذلك فيما تخطت الولايات المتحدة عتبة المليون إصابة بكوفيد-19، فيما بلغ عدد الوفيات حتى الآن 58 ألفا و351، وهو رقم يفوق عدد العسكريين الأميركيين الذين قتلوا في حرب فيتنام.