أوبك+ في مواجهة مفتوحة مع المضاربين بسوق النفط

التحالف يلقي باللوم على وكالة الطاقة الدولية في التقلبات خلال عام 2022 على خلفية بياناتها المضللة.
الأربعاء 2023/05/24
البوصلة في الاتجاه الصحيح

تلوح معركة مفتوحة بين تحالف أوبك+ والمضاربين الذين يسعون من خلال نشاطهم لإثارة الاضطرابات في سوق النفط الخام، بينما تلقي المجموعة بقيادة السعودية باللوم على وكالة الطاقة الدولية في التقلبات خلال عام 2022 على خلفية بياناتها المضللة.

الدوحة - عكس تحالف أوبك+ الهجوم على الأطراف التي تسعى للإيهام بأن إستراتيجيته في السوق تنطوي على مخاطر قد تؤدي إلى عدم الاستقرار بينما يعاني العالم من تبعات الأزمة المتواصلة في شرق أوروبا.

وشن وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان الذي تقود بلاده إلى جانب روسيا هذا التحالف المكون من 23 بلدا انتقادات إلى المضاربين، وطلب منهم “الحذر” قبل أيام من اجتماع أوبك+ المقرر لاتخاذ قرار بشأن سياسة النفط المستقبلية.

وقال الأمير عبدالعزيز خلال افتتاح المنتدى الاقتصادي في الدوحة الذي تنظمه مؤسسة بلومبرغ الأميركية الثلاثاء إنه سيبقي البائعين على المكشوف “متألمين”.

والبائعون على المكشوف هم مستثمرون يراهنون على انخفاض أسعار النفط ، وبالتالي عندما تؤدي حركة غير متوقعة من قبل أوبك+ لخفض الإنتاج إلى ارتفاع، فإنهم يضطرون إلى إغلاق مراكزهم بخسارة.

الأمير عبدالعزيز بن سلمان: سوف نبقي المضاربين البائعين على المكشوف يتألمون
الأمير عبدالعزيز بن سلمان: سوف نبقي المضاربين البائعين على المكشوف يتألمون

وأوضح أن المضاربين كما هو الحال في أي سوق موجودون هناك للبقاء، قائلا “سأستمر في إبلاغهم بأنهم سيؤثرون، ولقد فعلوا ذلك في أبريل الماضي”. وأضاف “لست مضطرا لإظهار بطاقاتي لأنني لست لاعب بوكر، لكنني سأقول لهم فقط احذروا”.

وتم تداول أسعار برنت بشكل ثابت عند نحو 75 دولارا للبرميل، أي أقل من ذروتها بأكثر من 10 دولارات بعد إعلان أوبك+ عن التخفيضات الإضافية في أبريل.

وبعد أن أدى خفض أوبك+ المفاجئ للإنتاج الشهر الماضي إلى صعود أسعار النفط بنحو 8 في المئة، برزت دلائل غير معتادة بالسوق على أن التحالف ربما نجح جزئيا في التغلب على المضاربين.

وأعلنت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ومنتجون آخرون في أوبك+ عن تخفيضات طوعية مفاجئة في أبريل أدت إلى ارتفاع الأسعار بعد ركود مدفوع بمخاوف من أن أزمة مصرفية قد تؤثر على الطلب.

وقدم هدوء التقلّبات في أسعار الخام حينها مؤشرات مبكرة على أن ضربة أوبك+ للمضاربين ربما تكون قد بدأت تؤتي ثمارها.

وذكر متعاملون أن رد الفعل الخافت من المرجح أن يكون بسبب التوقعات بأن قيود الإنتاج ستبقي الأسعار في نطاق ضيق على المدى القصير، إذ يوازن تراجع المخزونات ضغوط البيع الأوسع ومخاوف الركود.

ولفت محللون ببنك ستاندرد تشارترد في مذكرة هذا الأسبوع إلى أن “مراكز المضاربة القصيرة الآن هبوطية كما كانت في بداية الوباء”.

وقالوا “نعتقد أن الزيادة الأخيرة في مراكز البيع تزيد بشكل كبير من احتمالية المزيد من تخفيضات الإنتاج عندما يجتمع أوبك+”.

وكتب محللو آر.بي.سي بمن فيهم مايك تران وهيليما كروفت في تقرير الشهر الماضي أن “سوق النفط بحاجة إلى المزيد من اللاعبين في هذا المجال”.

وأشاروا إلى إن التوازن على نطاق العقود يبدو أضيق مما كان، لكن كي تزيد الأسعار فإن الأمر يتطلب عقوداً جديدة طويلة الأجل.

ويعمل أوبك+ على إلغاء تخفيضات الإنتاج القياسية المطبقة منذ 2020 مع تعافي الطلب من الوباء، لكنه لا يزيد الإنتاج بالسرعة التي يريدها الغرب والمستهلكون الآخرون.

ومن المقرر أن يجتمع أعضاء أوبك+ في الرابع من يونيو المقبل في فيينا لاتخاذ قرار بشأن مسار العمل التالي، حيث تبلغ التخفيضات المتبقية 2.2 مليون برميل يوميا، وتأمل المجموعة بإنهائها قبل نهاية العام.

وكان الطلب على النفط أعلى بقليل من 100 مليون برميل يوميا في 2019، لكنه تضرر بشدة بسبب الجائحة في العام التالي عندما أجرى أوبك+ خفضا قياسيا في إنتاجه بلغ عشرة ملايين برميل يوميا أو 10 في المئة من المعروض العالمي.

ويتراوح نقص إمدادات النفط العالمية بين 5 و6 ملايين برميل يوميا، وهو ما يتراوح بين خمسة وستة في المئة من الطلب العالمي، وفقا لحسابات رويترز، بعد أن أثرت العقوبات والصراعات ومشكلات البنية التحتية على الإمدادات.

وبعدما انتقدت قرار أوبك+ بخفض الإنتاج في أكتوبر 2022 وصفت الولايات المتحدة التخفيضات في أبريل بأنها “غير مستحسنة”.

مايك تران: سوق النفط بحاجة إلى المزيد من اللاعبين في المجال
مايك تران: سوق النفط بحاجة إلى المزيد من اللاعبين في المجال

وقال وزير الطاقة السعودي إن “التحالف سيواصل العمل الاستباقي والتحوط ضد ما قد يأتي مستقبلا بغض النظر عن أي انتقادات”. وأكد أن أوبك وحلفاءها سيواصلون لعب دور منظم مسؤول للسوق.

وأضاف “يجب أن نتحلى بالشجاعة الكافية للاهتمام بالمستقبل دون الاستمرار في ما يسمى بسياسات ‘ركل العلبة’، التي قد تسمح لنا بتدبير الوضع لهذا الشهر أو الشهر المقبل أو الشهر الذي يليه ولكننا نخسر بذلك”. وتابع “رؤية نوايانا وأهدافنا أكثر أهمية”.

وقال مايك مولر رئيس فيتول آسيا في مؤتمر الشرق الأوسط للنفط والغاز في دبي “نقترب من النصف الثاني لهذا العام عندما سيحتاج العالم نحو مليوني برميل إضافية يوميا، فيما يرجع إلى حد بعيد لنمو الطلب الآسيوي”.

وفي خضم ذلك اتسعت حدة الخلافات التي طفت على السطح منذ بدء الحرب في أوكرانيا بين أوبك+ والوكالة الدولية للطاقة بشأن تهدئة الأسواق بعد الارتفاع غير المسبوق في الأسعار.

وتصدى الكارتل الذي تقوده السعودية باعتبارها أكبر منتج في أوبك وروسيا باعتبارها أكبر منتج من خارجها، والذي ينتج أكثر من 40 في المئة من إمدادات النفط العالمية لدعوات متكررة من الولايات المتحدة ووكالة الطاقة بضخ كميات أكبر لتهدئة الأسعار.

وألقى التحالف باللوم مرة أخرى على وكالة الطاقة الدولية وتوقعاتها الأولية لانخفاض الإنتاج الروسي بمقدار ثلاثة ملايين برميل يوميًا على خلفية حرب أوكرانيا لتضليل السوق.

وقال الأمير عبدالعزيز “انظر إلى من فعل أكثر من غيره في محاولة جلب التوقعات والبيانات والتوقعات، التي أفرزت بالفعل معظم التقلبات التي شهدناها في 2022 وما زلنا نفعل ذلك؟”.

وأضاف “هناك منظمة تسمى وكالة الطاقة الدولية، أعتقد أنها أثبتت أن الأمر يتطلب حقًا موهبة خاصة لتكون مخطئًا باستمرار.”

وكان تحالف أوبك+ قد استبعد في أواخر مارس الماضي الوكالة كمصدر موثوق للبيانات وهو ما اعتبره محللون مؤشرا على خلاف آخذ في الاتساع مع الغرب، بينما يواصل التحالف الالتزام باتفاق زيادة الإنتاج تدريجيا، رافضا ضغوطا لضخ المزيد.

10