أوبك+ تطوّع الأزمات إلى فرص تطيل أمد صعود النفط

انحسار الاستثمارات وضعف تأثير أوميكرون يغذيان موجة ارتفاع الأسعار.
الخميس 2022/01/20
استخدم مهاراتك فلا يجب ترك الوضع للصدفة

تسعى أوبك+ لاستغلال عدة عوامل مؤثرة على اتجاهات سوق النفط العالمية هذا العام وتحويلها إلى فرص لإطالة أمد الموجة الصعودية للأسعار التي قد تمتد حتى 2023 رغم أن خبراء القطاع يعتقدون أن الوقت ملائم بالنسبة إلى التحالف لوضع خطة محكمة تتجنب أي مفاجآت.

لندن - رجح مسؤولون في منظمة أوبك استمرار موجة  صعود النفط الحالية خلال الأشهر القليلة المقبلة جراء انتعاش الطلب والقدرة المحدودة لدى تكتل أوبك+ على زيادة العرض وسط توقعات بأن تتجاوز الأسعار سقف المئة دولار للبرميل.

وفي آخر مرة بلغ سعر النفط مئة دولار للبرميل في 2014 بعد أن ظل متوسط الأسعار 110 دولارات على مدى العامين السابقين.

وكان ارتفاع إنتاج النفط الصخري والتنافس بين كبار منتجي النفط في العالم خلال ذلك العام إيذانا بفترة انخفاض في الأسعار يبدو أنها انتهت عندما بدأ الاقتصاد العالمي ينفض عن كاهله تداعيات الجائحة.

وحتى وقت قريب كان احتمال العودة إلى سعر يتجاوز مئة دولار احتمالا بعيدا غير أن السوق تعافت سريعا من ركود لم يسبق له مثيل في الطلب أفرزته الجائحة في 2020 واتخذت فيه الأسعار في وقت من الأوقات منحى سلبيا.

ويجري تداول مزيج برنت الخام حاليا بسعر 87 دولارا للبرميل وهو أعلى مستوى يصل إليه منذ سبع سنوات وذلك بعد صعوده 50 في المئة في 2021 مع تعافي الطلب والحذر الذي تتوخاه أوبك وحلفاؤها في تخفيف قيود الإنتاج.

وأضافت مشاكل في الإنتاج في ليبيا وغيرها وعدم تأثر الطلب بالمتحور أوميكرون المزيد من المكاسب مع بداية 2022 لأوبك التي لا تنشر توقعاتها للأسعار ولم تستهدف سعرا معينا على المستوى الرسمي منذ سنوات.

فاتح بيرول: على التحالف إعادة النظر في سياساته لتهدئة السوق أكثر

وفي الكثير من الأحيان يمتنع المسؤولون والوزراء في أوبك+ وعلى رأسهم روسيا عن مناقشة الاتجاه المحتمل للأسعار أو المستوى المفضل في محافل عامة.

وذكر خمسة من مسؤولي أوبك، بعضهم يشغل مناصب في لجان أوبك وأوبك+، لرويترز أن ثمة احتمالا للوصول إلى سعر مئة دولار للبرميل. ولم يستبعد هذا الاحتمال سوى واحد منهم بينما قال الآخرون إنهم لا يستبعدون ذلك أو إن هذا قد يحدث.

وقال مصدر في أوبك من إحدى الدول الكبرى المنتجة للنفط لم تذكر رويترز هويته إن “الضغط على أسعار النفط في الشهرين المقبلين على الأقل سيزيد”. وأضاف “في ظل هذه الظروف ربما يكون السعر قريبا من 100 دولار لكن من المؤكد أنه لن يكون مستقرا”.

ولا تملك أوبك+ القدرة على زيادة الإنتاج والتي تنحصر في عدد قليل من الدول. وعلى الأرجح سيتطلب ضخ هذا النفط في السوق قرارا يقضي بإعادة ترتيب حصص الإنتاج باستبعاد الدول غير القادرة على زيادة الإنتاج، غير أن ذلك لن يكون مهمة سياسية سهلة.

وتعتقد دوائر صناعة النفط أن قدرة الإنتاج الاحتياطية الفعلية كثيرا ما تكون أقل من الأرقام الرسمية المعلنة. ولم يسبق اختبار القدرة الإنتاجية الاحتياطية لدى السعودية بأقصى مستوياتها.

وفي الرابع من يناير الجاري عقدت أوبك+ اجتماعا واتفقت على المضي قدما في طرح زيادة قدرها 400 ألف برميل في الإنتاج خلال فبراير المقبل، وهو ما يشير إلى أن العجز بين الإمدادات الفعلية والإمدادات الموعودة قد يرتفع ما لم يتدخل كبار المنتجين لتعويض الفارق.

وحتى الآن لا يوجد ما يشير إلى أن هذا الأمر موضع تفكير رغم أن فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية حث أوبك+ في الأسبوع الماضي على إعادة النظر في الأمر.

وقال بيرول “في ضوء نمو الطلب القوي وكذلك الأعطال لدى بعض اللاعبين الرئيسيين ربما كانت هناك حاجة لأن تعيد دول أوبك+ النظر في سياساتها على أمل أن تواصل تهدئة الأسواق بكميات إضافية”.

وكان تحالف أوبك+، الذي تشكل في أواخر 2016 للتخلص من تخمة المعروض النفطي، قد قرر تخفيضات قياسية في الإمدادات في 2020 بلغت 10 ملايين برميل يوميا تعادل 10 في المئة من حجم الطلب العالمي. ويعمل التكتل على إعادة طرح هذه الكميات في الأسواق تدريجيا.

فمع تعافي الطلب عمد التكتل إلى استهداف زيادة الإنتاج بواقع 400 ألف برميل شهريا، غير أن الزيادات الشهرية الفعلية في الإنتاج أقل من ذلك لأن الكثير من المنتجين لا يمكنهم ضخ المزيد من النفط كما أن الدول التي يمكنها زيادة إنتاجها تلتزم بحصصها.

وقال المصدر “أوبك+ تجد صعوبة في الإنتاج بالمستوى المستهدف لأن الاستثمار الضروري في صناعة النفط لم يتحقق في العامين الأخيرين، كما أن أثر أوميكرون على الطلب في الأجل القصير كان بسيطا”. وأوضح أن هذين هما العاملان الرئيسيان اللذان يغذيان الموجة الصعودية.

وتشير أحدث الأرقام الشهرية المتاحة لدى وكالة الطاقة الدولية إلى أن إنتاج أوبك+ كان أقل من المستهدف بواقع 650 ألف برميل يوميا في نوفمبر الماضي.

وفي خطوة نادرة من جانب أحد قادة أوبك+ تنبأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أكتوبر الماضي بأن سعر النفط قد يبلغ مئة دولار للبرميل وهو ما توقعه بنك غولدمان ساكس الثلاثاء الماضي حينما قال إن “مزيج برنت في وضع يؤهله للارتفاع عن 100 دولار في وقت لاحق من 2021”.

وتعد القيود التي تكبل القدرة الإنتاجية لدى أوبك+ جزءا من اتجاه أوسع نطاقا تسبب في معاناة صناعة النفط من نقص الاستثمار بفعل تداعيات كوفيد - 19.

وكذلك فإن شركات النفط الأوروبية الكبرى تعمل على خفض استثماراتها في المشروعات النفطية وسط ضغوط من أجل التركيز على أنواع الوقود الأنظف.

ونتيجة لذلك أصبح عدد قليل من كبار المنتجين من أعضاء أوبك، مثل السعودية والإمارات والعراق، يمتلكون القدرة على زيادة الإنتاج بدرجة كبيرة.

وتملك إيران القدرة على ضخ مليون برميل أخرى يوميا لكنها مقيدة في الوقت الحالي على الأقل بالعقوبات الأميركية.

وأشار مصدر آخر في أوبك إلى أن تعطل الإنتاج وكثرة الطلب يدفعان الموجة الصعودية وأنه من المرجح أن تتحقق مكاسب إضافية ما لم يتراجع الطلب وأن العودة إلى سعر مئة دولار ليست مستبعدة.

وأضاف لرويترز، لم تذكر اسمه الوكالة، إن “سخونة السوق ترتفع. لا أعرف ولن أتكهن”، معلقا على احتمال الوصول إلى سعر 100 دولار.

وتابع “لكن إذا استمرت الأعطال فسترتفع الأسعار ما دام كوفيد - 19 لن يؤثر من جديد على الطلب على النفط في الأشهر المقبلة”.

مزيج برنت الخام يجري تداوله بسعر 87 دولارا للبرميل وهو أعلى مستوى يصل إليه منذ سبع سنوات وذلك بعد صعوده 50 في المئة في 2021 مع تعافي الطلب والحذر الذي تتوخاه أوبك وحلفاؤها في تخفيف قيود الإنتاج

ويسمح ارتفاع الأسعار لأوبك وأوبك+ بتعويض الإيرادات التي انهارت في 2020 غير أن بعض أعضاء التكتل لا يشعرون بالارتياح لهذه المستويات المرتفعة.

وقال مصدر في أوبك+ إن “هذه الأسعار تمثل مصدر خطورة على الطلب. في رأيي الشخصي، لا أؤيد سعرا أعلى من 85 دولارا لفترة طويلة. فهو مرتفع بعض الشيء بما لا يسمح بنمو مستمر في الطلب”.

ولم يتوقع أن يصل السعر إلى مئة دولار ما دام الطلب على وقود الطائرات أقل من مستوياته قبل الجائحة.

وفي نوفمبر الماضي، وبعد وقت غير طويل من بلوغ مزيج برنت 86 دولارا للبرميل محققا أعلى مستوى منذ ثلاث سنوات مع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء والفحم، استندت أوبك إلى ارتفاع أسعار الطاقة في تقليص توقعاتها للطلب في تقريرها للربع الأخير من العام 2021.

وذكرت وكالة الطاقة الدولية الأربعاء أن “المعروض من النفط سيجاوز الطلب خلال فترة وجيزة إذ من المتوقع أن يقبل بعض المنتجين على ضخ الخام عند أو فوق أعلى المستويات على الإطلاق، في حين يظل الطلب مرتفعا رغم انتشار المتحور أوميكرون”.

وقالت الوكالة في تقريرها الشهري عن سوق النفط “هذه المرة أثّر الانتشار المحدود بدرجة أكبر على استهلاك النفط”. وأضافت “الزيادة المطردة في الإمدادات قد تؤدي إلى تسجيل فائض كبير في الربع الأول من 2022 وما بعد ذلك”.

ومن المنتظر أن تضخ الولايات المتحدة وكندا والبرازيل النفط بأعلى مستويات على الإطلاق خلال العام، بينما قد تتجاوز السعودية وروسيا كذلك مستويات ضخهما القصوى.

وتابعت الوكالة أن “تخفيف إجراءات الإغلاق يعني استمرار الحركة النشطة”، مما دفعها إلى رفع تقديراتها للطلب على النفط في العام الماضي والعام الحالي بنحو 200 ألف برميل يوميا.

لكنها حذرت من أن المخزونات التجارية من النفط والوقود في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بلغت أدنى مستوياتها في سبع سنوات، لذلك فإن أي صدمة في المعروض من شأنها أن تثير التقلبات في سوق النفط خلال 2022.

10