أوامر للصحافيين بمغادرة درنة على وقع احتجاجات شعبية غاضبة

سلطات شرق ليبيا تبرر: وجود الصحافيين مربك لنا.
الأربعاء 2023/09/20
احتجاجات في درنة تطالب بمحاسبة المسؤولين

شكلت المظاهرات الغاضبة التي شهدتها مدينة درنة على ما يبدو إحراجا كبيرا للسلطات في شرق ليبيا، التي اتخذت قرارا بإخلاء المدينة المنكوبة من الصحافيين، في ظل مخاوف لديها من اتساع نطاق تلك الاحتجاجات، مع استمرار إحصاء الخسائر البشرية.

درنة (ليبيا) - أصدرت السلطات الليبية أوامر للصحافيين الثلاثاء بمغادرة درنة، بالتوازي مع انقطاع شبكتي الهواتف النقالة والإنترنت في المدينة التي تعيش على وقع مأساة خلفها الإعصار المتوسطي دانيال وفقدت خلالها الآلاف من أبنائها بين قتيل ومفقود. ويأتي قرار إخلاء درنة الواقعة في شرق ليبيا، من الصحافيين، بعد ساعات من احتجاجات غاضبة شارك فيها المئات من أهالي المدينة، الذين طالبوا بمحاسبة المسؤولين عن حجم الخسائر البشرية والمادية التي تكبدتها مدينتهم المنكوبة.

وكان المحتجون حرصوا على التواصل مع الصحافيين الموجودين في المدينة لتغطية مخلفات الإعصار، من أجل تسليط الضوء على المسؤولين عن هذه الكارثة التي وإن كانت ناجمة عن معطى مناخي لكن ذلك لا يخفي أنه كان بمقدور السلطات تلافي هذا الضرر الكبير. وحث المحتجون وسائل الإعلام على القول بأن الضحايا الذين سقطوا هم ضحايا انهيار السدين، وليس إعصار دانيال.

◙ انقطاع شبكتي الهواتف النقالة والإنترنت منذ صباح الثلاثاء في درنة، ولم تتمكن الوكالات الإعلامية من التواصل مع مراسليها

ويرى متابعون أن السلطات في شرق ليبيا تحاول حجب الأخبار عن الاحتجاجات التي من المتوقع أن تتسع رقعتها لاسيما مع استمرار عمليات إحصاء الخسائر البشرية، والتي يصعب حتى اللحظة تحديدها، في ظل حديث عن تحلل الكثير منها. وذكرت "قناة الحرة" أن السلطات طلبت من جميع الصحافيين المغادرة في أسرع وقت ممكن. وقال مراسل لشبكة الجزيرة من المدينة إنه طُلب منه المغادرة.

وقال وزير الطيران المدني في حكومة شرق ليبيا هشام أبوشكيوات لرويترز عبر الهاتف إن قرار خروج الصحافيين لا علاقة له بالاحتجاجات التي خرجت هناك. وأضاف أبوشكيوات "المسألة تنظيمية، وهي محاولة لتهيئة الظروف لفرق الإنقاذ للقيام بالعمل بأكثر سلاسة وفعالية”. وتابع "عدد الصحافيين الكبير أصبح مربكا لهم".

ولكنه قال في وقت لاحق إن الصحافيين لم يُطلب منهم مغادرة درنة كليا، وإنما عليهم فقط مغادرة المناطق التي قد يعيق وجودهم فيها عمليات الإنقاذ. بالتوازي مع ذلك أكدت مصادر محلية في درنة انقطاع شبكتي الهواتف النقالة والإنترنت منذ صباح الثلاثاء. ولم تتمكن الوكالات الإعلامية من التواصل مع مراسليها في المدينة عبر الهاتف أو الرسائل.

وقالت "الشركة القابضة للاتصالات" في بيان على فيسبوك إن "قطع في كوابل الألياف البصرية يؤثر على شبكة الاتصالات في مدينة درنة". وأشارت إلى أن هذه المشكلة التي تؤثر أيضا على مناطق أخرى في شرق ليببا “قد تكون نتيجة أعمال تخريب متعمدة”، مؤكدة أن “فرق العمل تحاول الوصول إلى العمل على إصلاحها في أقرب وقت ممكن".

وكانت المظاهرة الحاشدة التي خرجت الاثنين هي الأولى التي ترد تقارير عنها في المدينة منذ تعرضها لأسوأ كارثة طبيعية في تاريخ ليبيا قبل أسبوع. واحتشد المتظاهرون في الساحة المقابلة لمسجد الصحابة الذي يتميز بقبة ذهبية تعد أحد معالم درنة ورددوا شعارات. ولوّح البعض بالأعلام من فوق سطح المسجد. وفي وقت لاحق من المساء، أحرقوا منزل عميد البلدية عبدالمنعم الغيثي، حسبما قال مدير مكتبه لرويترز.

وقالت الحكومة التي تدير شرق ليبيا إنه تم إيقاف الغيثي عن العمل وإقالة جميع أعضاء المجلس البلدي لدرنة وإحالتهم إلى التحقيق. وبعد مرور أسبوع على الكارثة، لا تزال مساحات واسعة من مدينة درنة يسودها خراب موحل تجوبه الكلاب الضالة. وما زالت الأسر تبحث عن جثث المفقودين تحت الركام.

ويعترف المسؤولون بوجود تعاقد لإصلاح السدود بعد عام 2007 لكنه لم يكتمل قط، وعزوا ذلك إلى انعدام الأمن في المنطقة. وأصبحت ليبيا دولة فاشلة على مدى أكثر من عقد مع عدم وجود حكومة تمارس صلاحياتها على مستوى البلاد منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011. ووجّه المتظاهرون انتقادات لرئيس البرلمان المتمركز في الشرق عقيلة صالح، والذي وصف السيول بأنها كارثة طبيعية لم يكن من الممكن تجنبها. وردد المحتجون هتافات تطالب بإسقاط صالح.

وطالب منصور، وهو طالب مشارك في الاحتجاج بإجراء تحقيق عاجل في انهيار السدين وهو ما تسبب في "جعلنا نفقد الآلاف من شعبنا العزيز". وقال طه مفتاح (39 عاما) إن الاحتجاج يحمل رسالة مفادها أن "الحكومات فشلت في إدارة الأزمة"، مضيفا أن البرلمان هو المسؤول على وجه الخصوص.

5